تشهد الولايات المتحدة انقساماً رقمياً حاداً بين فريقين، أحدهما يؤيد حظر حسابات الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترمب، عبر معظم وسائل التواصل الاجتماعي بهدف “منع التحريض على العنف”، وآخر يعارض تلك الخطوة باعتبارها “تقويضاً لحرية التعبير”.
وبزعم وجود تزوير، يرفض ترمب (جمهوري) وقطاع من أنصاره الاعتراف بخسارته انتخابات الرئاسة، في نوفمبر الماضي، لصالح جو بايدن (ديمقراطي)، المقرر أن يتسلم مهامه رسمياً في 20 يناير الجاري.
منصات أبرزها “تويتر” حظرت أو علقت حسابات ترمب والمئات من مناصريه عقب اقتحام الكونغرس رفضاً لخسارته انتخابات الرئاسة
وقامت منصات تواصل اجتماعي، في مقدمها “تويتر” و”فيسبوك” و”إنستجرام”، بحذف أو تعليق حسابات ترمب ومئات من مناصريه، تحت شعار “الحد من الخطاب التحريضي على العنف”.
جاء ذلك على خلفية اقتحام أنصار لترمب، الأربعاء الماضي، مبنى الكونغرس في العاصمة واشنطن، خلال جلسة للمصادقة على فوز بايدن بالرئاسة، وذلك عقب تغريدة أطلقها الرئيس المنتهية ولايته من حسابه على “تويتر”.
وأرجعت إدارة “تويتر” قرراها إلى مخاوف من “تكرار نشر الخطاب التحريضي على العنف”، عقب أحداث الأربعاء.
وشكلت منصة “تويتر” المنبر الرئيس لترمب خلال فترة ولايته، حيث كان يعلن من خلالها قراراته السياسية ويطلق تعليقات على أحداث محلية وخارجية.
وذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن الرئيس ترمب والملايين من أنصاره توجهوا في الوقت الراهن إلى منصة “بارلر” كأحد الخيارات البديلة للتواصل عبر الشبكة الإلكترونية.
وقال ترمب، في بيان، الجمعة الماضي: إننا نتفاوض مع مواقع أخرى مختلفة، وسنصدر إعلاناً كبيراً قريباً، بينما ننظر أيضاً في إمكانيات بناء منصتنا الخاصة في المستقبل القريب.
ترمب والملايين من أنصاره توجهوا إلى “بارلر”.. شركات عملاقة تعاقب المنصة بدعوى “التشجيع على العنف” والأخيرة تتهمها بمحاولة قتل المنافسة
وذكرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية، الجمعة، أنه توجد خمس منصات من الممكن أن يستخدمها ترمب ومتابعيه وهي: “غاب” و”بارلر” و”دي لايف” و”رامبل” و”مي وي”.
ونقلت صحيفة “تلغراف” البريطانية عن مؤسس منصة “غاب”، أندريو توربا، قوله: إن “عشرات الآلاف من المستخدمين انضموا إلى التطبيق منذ الأربعاء”.
تعميق للانقسام
النائبة الجمهورية ديانا هارشبارغر، قالت عبر “توتير”: إن تعليق حساب الرئيس ترمب على “تويتر” أمر مقلق للغاية، بدلاً من تشجيع الحوار، ستعمل هذه الخطوة على تعميق الانقسام في هذا البلد.
وبعد يوم من إعلان “تويتر” حظر حساب ترمب نهائياً، كتب وزير الخارجية مايك بومبيو، عبر المنصة: إن إسكات الأصوات أمر خطير وغير أمريكي، للأسف هذا هو الأسلوب الجديد الذي يتبعه اليساريون، لقد عملوا من أجل إسكات الأصوات المعارضة لسنوات.
وأضاف: لا يمكننا السماح بإسكات أصوات 75 مليون أمريكي، في إشارة إلى عدد من صوتوا لصالح ترمب.
واختتم تغريدته بالقول: إن الولايات المتحدة ليست الحزب الشيوعي الصيني.
بومبيو: إسكات الأصوات أمر خطير وهو الأسلوب الجديد الذي يتبعه اليساريون.. لا يمكننا السماح بإسكات أصوات 75 مليوناً
خطوة طال انتظارها
بينما رحبت العضوة في الحزب الديمقراطي، روبن كيلي، بحظر “توتير” لحساب ترمب، قائلة عبر المنصة، السبت الماضي: إنها “خطوة طال انتظارها وتستحق الثناء”.
وتابعت: “يجب أن تتحمل شركات التكنولوجيا مسؤولية خطابات كراهية والمعلومات المضللة المنتشرة عبر منصاتها (..) هذه خطوة مهمة نحو المساءلة”.
فيما اكتفت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة التي خسرت الانتخابات الرئاسية أمام ترمب عام 2016، بوضع علامة “صح” على تغريدة قديمة كانت قد حثت فيها ترمب على حذف حسابه.
عقوبات ضد “بارلر”
منذ الجمعة، تواجه منصة “بارلر” إجراءات عقابية من شركات عديدة، منها “غوغل” و”آبل” و”أمازون”، حيث سحبت “غوغل” تطبيق “بارلر” للهواتف الذكية من متجرها للتطبيقات، لتفادي نشر منشورات تسعى إلى “التحريض على العنف المستمر في الولايات المتحدة”، بحسب المتحدث باسم “غوغل”.
ومساء السبت، اتخذت شركة “آبل” خطوة مماثلة، بعد أن أمهلت “بارلر” 24 ساعة لمعالجة شكاوى، منها “تخطيط وتسهيل المزيد من الأنشطة غير القانونية والخطيرة”.
وقالت شركة “آبل”: إن “مشكلات السلامة العامة بحاجة إلى معالجة”.
وأبلغت “أمازون”، السبت، “بارلر” بضرورة البحث عن خدمة استضافة ويب جديدة فعالة، بداية من منتصف ليل الأحد، مع إشارة إلى “نحو 98 منشوراً يشجع ويحرض على العنف بوضوح”، بحسب “أسوشيتد برس”.
وقالت “أمازون”: إن المنصة “بارلر” تشكل خطرًا حقيقيًا للغاية على السلامة العامة.
عضوة بالحزب الديمقراطي: خطوة طال انتظارها.. على شركات التكنولوجيا أن تتحمل مسؤولية خطابات الكراهية والمعلومات المضللة عبر منصاتها
ورداً على تلك الإجراءات العقابية، قال جون ماتزي، الرئيس التنفيذي لشركة “بارلر”: إنه “هجوم منسق من جانب عمالقة التكنولوجيا لقتل المنافسة في السوق، كنا ناجحين للغاية بسرعة كبيرة”، وفق الوكالة.
وأضاف ماتزي أن “منصة “بارلر” قد تكون غير متاحة لمدة تصل إلى أسبوع، لأننا نعيد البناء من الصفر”.
وتنشط “بارلر” منذ سنتين، وهي تستقطب الكثير من أنصار اليمين المتطرف، وتقول: إن لديها أكثر من 12 مليون مستخدم، وينشط بها أبناء ترمب، إريك ودونالد جونيور.
دعوات لاستقالة ترمب
من جهته، وصف الرئيس المنتخب جو بايدن، في كلمة متلفزة الخميس، مقتحمي مبنى الكونغرس من أنصار ترمب بـ”الإرهابيين المحليين”.
وحمّل ترمب مسؤولية أعمال الشغب والعنف، التي أسفرت عما أسماه “أحد أكثر الأيام قتامة” في تاريخ الولايات المتحدة.
وفي سابقة خطيرة بالحياة السياسية الأمريكية، اندلعت مواجهات بين قوات الأمن ومحتجين من أنصار ترمب اقتحموا الكونغرس، وأسفرت عن مقتل 5 أشخاص، بينهم ضابط شرطة، واعتقال 52 آخرين.
ودعا السناتور الجمهوري، بات تومي، في مقابلة على شبكة “سي إن إن”، مساء الأحد، “الرئيس ترمب إلى الاستقالة من منصبه”.
وانضم تومي بذلك إلى قائمة متزايدة من الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، الذين حثوا ترمب على التنحي أو عزله من منصبه.