يتعامل الكثيرون مع العصبية وكأنها قدر لا يمكن تغييره، أو مرض يستعصي على العلاج، وهذا التفكير يزيد من سيطرتها عليهم، وكأنهم يسلمون أنفسهم لها لتفعل بهم ما تشاء.
والعصبية عرض وليست مرضاً، فهي عرض لأخطاء نفعلها بالتفكير أو بالتصرفات، واستجابة الجسم والعقل للتعرض لضغط؛ وعندما نغير رد الفعل للضغط أو ما لا يعجبنا سنتمكن بمشيئة الله تعالى من تفاديها.. في هذه السطور، نورد بعض الخطوات العملية لتفادي العصبية:
انتبه للعصبية ولا تقاومها؛ فالانتباه يؤدي للحذر، والمقاومة تتسبب بالتوتر والاستنفار الذي يضاعف العصبية ويجعلنا نحس بالضعف عند تسللها وسيطرتها علينا؛ فيقلل تقديرنا للذات؛ فكلنا تزورنا العصبية لكن يجب ألا نسمح لها بإطالة زيارتها فلنسارع بطردها.
العصبية ليست دليلاً على الإحساس المرهف، وضد اللامبالاة، كما يرى البعض، ويؤذون أنفسهم؛ بل ارفض الاستمرار بها وتعامل معها على أنها اندفاع وستنجح.
لا تقل: إنك عصبي ومندفع؛ فتتعامل معهما (العصبية والاندفاع) على أنهما حقيقة لن تتغير؛ بل قل: أرفضهما وسأسيطر عليهما.
من أهم أسبابها التعامل بحساسية مفرطة والتسرع في فهم أي رأي أو تصرف لا يحبه الشخص وكأنه تقليل متعمد من شأنه أو بداية لمعركة سخيفة أو مؤشر على انتهاء علاقة أو خسارة لمكانة أو اعتداء على الكرامة، وكثيراً ما يكون سوء تفاهم أو أن الأمر لا يستحق الانفعال الزائد.
تزداد العصبية مع الإجهاد الذهني والانشغال بأكثر من عمل بالوقت نفسه؛ فاكتب قائمة بالأعمال التي ترغب بأدائها لتنظم عقلك وتريحه.
تتضاعف العصبية مع الإجهاد البدني وقلة النوم وتناول الطعام الدسم والإكثار من تناول القهوة والشاي والحلوى؛ فتنبه وتجنب كل ذلك.
اكتب لنفسك الأمور التي تتسبب في عصبيتك وقم بـفلترتها والتخلص من بعضها، والتدرب على التعامل بهدوء مع الباقي.
اعرف سبب زيادة عصبيتك وواجهه ولا تهرب منه.
لا تتوقع الكمال من نفسك ولا من الناس وتقبَّل بعض الهفوات البسيطة ما لم تتعارض مع كرامتك
لا تبالغ بالجدية؛ وكن مرناً، ولا تتوقع الكمال من نفسك ولا من الناس، وتقبَّل بعض الهفوات البسيطة، إذا لم تتعارض مع كرامتك أو مصالحك، واكتف بالتنبيه برفضك بهدوء لتمنع تكراره.
لا تتحمل عصبية الآخرين ولا تطالبهم بتحمل عصبيتك؛ ففي الأولى سيتمادون، وعندما تثور -لنفاد صبرك- سيرونك معتدياً وكأنك لم تتحملهم كثيراً؛ وبالثانية سيضيقون بك وستتراجع محبتهم لك.
ترتبط العصبية أحياناً بالخوف من فقدان السيطرة على العلاقات أو الأحداث؛ فلنتقبل أن الحياة لن تسير وفقاً لرغباتنا دوماً، وعلينا التماسك بسرعة وفعل أفضل ما يمكننا لتحسين الأمور؛ فالصراخ والعصبية يضاعفان فقدان السيطرة.
إذا شعرت بالعصبية فلا تنكر حتى لا تزيد، ولا تستسلم، وابتعد عن الناس إن استطعت، أو تظاهر بالانشغال لتمنع الاحتكاك بهم؛ لتمنع التأثر بأي شيء يضايقك فتنفجر وتصنع مشكلة.
التفكير المتواصل بالمشكلات يسبب الضغط النفسي المؤدي للعصبية لأتفه الأسباب
التفكير المتواصل في المشكلات يسبب الضغط النفسي الذي يسهل العصبية لأتفه الأسباب؛ فراقب تفكيرك، وامنع توقع الأسوأ، وافعل ما يمكنك لتقليل مشكلاتك، ولا تبالغ، وتذكَّر دوماً أن مع العسر يسراً، وتفاءل بالخير لتجده.
الاحتفاظ بالضيق من الصغائر التي نواجهها يومياً يجعلنا أكثر عصبية؛ فتنبه وتخلص منها أولاً بأول.
تجنب لوم نفسك بعد العصبية، ولا تقل كلاماً يقلل من اعتزازك وتقديرك لنفسك؛ وقل: سأنتبه أكثر، فاللوم يجهدك نفسياً ويضاعف عصبيتك.
لا تقل لأحد بأنك عصبي؛ فسيقولون: إنها ضغوط الحياة أو كلنا كذلك، وسيضعفون رغبتك بطردها وستتعامل معها كواقع وتمنحها إقامة بحياتك.
من أهم خسائر العصبية إفساد العلاقات بالتورط بكلام وتصرفات نندم عليها لاحقاً؛ فامنع الأذى.
تدرب على التحكم بردود فعلك ولا تتعجل النتائج.
لا تنظر بوجه من يثير عصبيتك؛ فيستفزك، ويصدر لك طاقة سلبية تضاعف عصبيتك.
عند الشعور بالعصبية يتسارع نبض القلب وتغزو الجسم هرمونات مؤذية كالأدرينالين والكورتيزول؛ فسارع بإرخاء قسمات وجهك، واعتدل بجلستك، وتنفس بهدوء حتى يرتفع الصدر قليلاً؛ فهذا الوضع أسرع مهدئ؛ فتذكره دوماً.
احرص على تأجيل رد فعلك؛ واسأل عن أي أمر آخر لتعطي نفسك الفرصة لطرد الانفعال، ويمكنك تأجيل الكلام لوقت آخر أو التحجج بأي شيء؛ كإجراء مكالمة لتتخلص من ضغط الانفعال، وإذا لم تستطع؛ فقل كلاماً محايداً ولا تتورط بالهجوم؛ فلست بحاجة له لتدافع عن نفسك وأنت تستحق حماية نفسك من الخسائر.
ازدحام اليوم بالواجبات يثقل القلب ويرهق العقل، ولا بد من بعض الفراغ باليوم لتستغله بأي ترفيه يسعدنا ويقلل التوتر الذي يغذي العصبية.
الفراغ من منشطات العصبية فيجعلنا نضخم التوافه ونثور عليها، والانشغال بما يفيدنا يشجعنا على المسارعة بتجاوز الصغائر والالتفات للأهم.
لتقليل العصبية؛ قل لنفسك: ما يثير عصبيتك لن يصبح مهماً بعد قليل ولكن جسدك سيدفع الثمن، وقم بتمثيل الهدوء وابتسم وسيفرز المخ هرمونات تمنحك الهدوء.
تنبه عندما تشعر بالعصبية، وسارع بالعودة للهدوء، ولا تتمادَ، ولا تقل: لا فائدة؛ فالمخ يتعامل معها كحقيقة وسيستدعيها دوماً، وقل: أشعر بعصبية مؤقتة وسأتجاوزها.
ليس كل الكلام يستحق الرد والحفاظ على الصحة النفسية والجسدية أهم من إثبات أنك على حق
كثرة الكلام، والاهتمام بإثبات أنك على حق حتى بأبسط الأمور والجدال من أسباب العصبية؛ فتذكر أنه ليس كل الكلام يستحق الرد، والحفاظ على صحتك النفسية والجسدية أهم من إثبات أنك على حق؛ ما دام الأمر لا يمس الثوابت الدينية أو كرامتك؛ وعندئذ قل ما تريد بكلمات قليلة وبلا استفزاز وغادر المكان إن لاحظت إصراراً على الجدال أو غير الموضوع.
العصبية قد تمنحك إحساساً مؤقتاً بالراحة وبالتخلص من شحنة غضب وتشعرك بالسيطرة؛ لكنها على المدى البعيد مصدر للخسائر، وتتسبب بأمراض كثيرة، ويتوهم البعض أنها سلاح الأقوياء، وسيجبرون الآخرين على الخضوع، والواقع يثبت العكس؛ فتسبب خسائر هائلة لمن يختارها أسلوباً للحياة؛ فنفسياً يعيش بالتوتر والضيق، وإنسانياً سيخسر من يحبونه، وبالرفق واللين مع الحسم دون صراخ ستكسب دوماً.
إن العصبية تقلل قدرة العقل على التفكير مما يؤثر بالسلب على القرارات والتصرفات، وتصعب الاستجابة المناسبة.
تدرب على عدم التسرع والكلام بهدوء وتجنب الصوت العالي الذي يسبب التوتر لمن يسمعك.
العصبية مع شريك الحياة ومع الأولاد خسائرها فادحة؛ فسيعتادون عليها، ويتجنبونك ويفعلون ما يريدون دون علمك.
في العمل قد يدفعك البعض للعصبية لتخسر فتنبه، والمناصب القيادية لا يفوز بها العصبي، فمن شروطها التحكم بالانفعالات.
الضغوط جزء من الحياة؛ فتعامل معها بهدوء وتجنب التفكير السلبي ومن يرددونه.
المهدئات ومضادات القلق ليست حلاً؛ فهي للتهدئة المؤقتة، ومن ينسَ ذلك يدمنها ويضاعف العصبية ويقلل ثقته بنفسه، ويتوهم أنه لا يستطيع العيش بدونها، ويصبح بؤرة جاهزة، وتتضاعف عصبيته.
لا تتعامل مع كثرة المسؤوليات كأعباء تثير عصبيتك لا تستطيع تحملها؛ فهي نعم تمنحك خبرات وتضاعف نضجك وتساعد نمو قدرة العقل على التفكير واسترح وجدد طاقاتك.
تجنب الاحتفاظ بالمشاعر الغاضبة من النفس أو من الآخرين؛ فهي كالبركان تجعلنا عرضة للانفجار.
تذكر قصر الحياة -مهما طالت- فلا تقصرها بالعصبية التي تسرق الصحة الجسدية التي تحتاجها لتعيش بأفضل ما يمكنك.