كان الشيخ أحمد عبدالعزيز الفلاح، يرحمه الله، أحد أهم رموز العمل الخيري في الكويت، وأحد العلماء العاملين الصادعين بكلمة الحق والتوحيد على المنابر في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، وكان من الذين نذروا أنفسهم لعمل الخير داخل الكويت وخارجها؛ حيث عرف بمساهماته الفاعلة في تأسيس ورئاسة العديد من الجهات الخيرية والاجتماعية، كما عرف بمبادرته في العديد من الحملات الإنسانية والإغاثية.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ أحمد عبدالعزيز الفلاح عام 1949م، وتربى في كنف أسرة عُرفت بحب الخير، وتلقى تعليمه؛ حيث حصل على دبلوم المعلمين، كما حصل على الليسانس في اللغة الإنجليزية من إحدى الجامعات الهندية.
عمل معلماً في وزارة التربية في بداية حياته، ثم انتقل بعد ذلك للتطوع في مجال الإمامة والخطابة والوعظ الديني.
كان رحمه الله شغوفاً ببر أمه السيدة شريفة، وكذلك مرضعته السيدة بخيتة، وأخته الكبرى السيدة لطيفة التي كانت بمثابة الأم له؛ حيث كان لا يألو جهداً أن يتلمس حاجاتهن اليومية رغم انشغالاته الكثيرة، رحمه الله.
كما عُرف عنه حرصه الشديد على تنشئة أولاده التنشئة الإسلامية الصحيحة؛ فكان يحثهم بشكل مباشر وغير مباشر على الصلاة، وعلى مساعدة الآخرين.
سجاياه وأخلاقه:
كان الشيخ الفلاح كريماً جواداً شهماً محباً للخير لغيره، شاعراً بالمسؤولية تجاه الآخرين من حوله في كل بقاع الأرض، وكان حاملاً همَّ الأمة الإسلامية، داعماً لما استطاع من مشاريع، غيوراً على الدين وأهله، مدافعاً عنهم، راعياً لمصالحهم وحاجاتهم.
وكان مهاب الشخصية، لكنه في الوقت نفسه ودود لا يجرح أحداً، هادئ الطباع لا يغضب إلا للحق، وبالمقابل؛ كان مرهف الإحساس بكّاءً تخنقه العبرة حين يمر بلفتة إنسانية في خطبه المنبرية أو أحاديثه الإذاعية أو مجالسه الإيمانية والاجتماعية، وكان ذا رأي راجح يرجع إليه محبوه ومعارفه ويقصدونه في بيته في حل مشكلاتهم وصعابهم، فلا يخرجون إلا منشرحي الصدور، وقد استضافهم في بيته على مائدة فطور صيام الإثنين لأكثر من ثلاثة عقود حتى يوم الإثنين الأخير قبل وفاته، وهو يؤثر دائماً أن يستقبلهم ويستضيفهم وهو على الكرسي المتحرك ثم وهو على فراشه.
حب العمل الخيري:
نشأ الشيخ الفلاح منذ نعومة أظفاره على حب عمل الخير منذ أن كان في العاشرة من عمره؛ حيث كان يزود بعض الحجاج عابري السبيل من إقليم السند في بلاد الهند بثلاث وجبات يومياً حتى يغادروا إلى الحج، تنفيذاً لتعليمات جدته الفاضلة شريفة الفلاح؛ فتشرَّب العمل الخيري ومارسه وأحبه حتى كان سجيته الطبيعية بلا تكلف.
كما كان بيته قِبلة للوفود الخيرية إلى الكويت، وللدروس الدينية والأمسيات الرمضانية الإيمانية وتبريكات الأعياد والمناسبات الاجتماعية، وكأن البيت سبيل خيري ومرفق عام لكل المناسبات الجميلة؛ فقد كان بيته باختصار منبراً ثقافياً واجتماعياً ودينياً.
وعُرف عنه أنه كان مقداماً مبادراً في دعم المشاريع الخيرية ومتابعة تنفيذها، وقد تولى العديد من المناصب في مجال العمل الخيري، مثل:
– نائب رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي.
– نائب رئيس مجلس الإدارة في الأمانة العامة للجان الخيرية في جمعية الإصلاح الاجتماعي.
– رئيس وقفية نصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، ومؤسس لجنة المناصرة الخيرية.
– تأسيس وإنشاء عدد من لجان الزكاة، منها لجنة الخالدية للزكاة والخيرات في بداية الثمانينيات، وترأس مجلس إدارتها.
– رئاسة جمعية الخالدية التعاونية لمدة 8 سنوات، تقلد خلالها عدة مناصب آخرها رئاسة مجلس الإدارة أيام الغزو.
إسهاماته الخيرية بالغرب:
لم يقتصر دوره الخيري على الكويت فقط؛ بل كانت له إسهامات في تأسيس بعض المراكز الإسلامية في الغرب؛ مثل المركز الإسلامي في أمستردام في هولندا، ومسجد فاطمة بوقمبر في شيفيلد بالمملكة المتحدة، كما ساهم في شراء بعض الكنائس وقام بتحويلها إلى مساجد، فضلاً عن دور الأيتام والمدارس وغيرها من المشروعات الخيرية الحيوية.
إسهاماته الإعلامية:
كان للشيخ الفلاح العديد من الإسهامات والكتابات والمقالات والمداخلات التلفزيونية والإذاعية في كل ما يخص العمل الخيري والإنساني؛ حيث كان معداً ومقدماً في «إذاعة القرآن الكريم» لمدة تتجاوز العقد من الزمن.
وعندما ثقلت حركته بسبب المرض في سنواته الأخيرة تعاونت معه «إذاعة الكويت» مشكورة بأن أحضرت له جهاز التسجيل عنده في البيت ليقوم بتسجيل حلقاته الإذاعية رغم مرضه.
وفاته:
وبعد رحلة عناء مع مرض عضال في سنواته الأخيرة، توفي الشيخ أحمد الفلاح في 30 جمادى الآخرة 1440هـ/ 7 مارس 2019م، وقد حزن عليه الكثير من أبناء الكويت، الذي رأوا في وفاته فقداً لأحد أعمدة العمل الخيري.
رحمه الله، وتقبَّل منه عمله وجعله في موازين حسناته.
_____________________________________
المصدران:
1- كتاب الوفاء الصراح، المجموعة الرابعة.
2- موقع «بوابة الإنسانية» على الإنترنت.