جمال صاحب فكرة تأسيس أول جمعية بر بالسعودية وله إسهاماته البارزة بالعمل الإعلامي وأصدر مؤلفات عدة
الحضري شارك “الضباط الأحرار” تنظيمهم وإنجاح ثورة يوليو إلا أنه تعرض للاضطهاد لعلاقته بـ”الإخوان”
نحناح عمل على تأسيس الروابط الإسلامية التي تحفظ هوية الشعب الجزائري وتغليب المصلحة الوطنية على الحزبية
الحمد لله الذي جعل في كل زمانِ بعد الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهل العمى، والمصلحون كبار في مبادئهم، هانت حياتهم في رفعة الدين وماتوا على ذلك، وحقهم علينا أن نستذكرهم؛ لندعو لهم ونسير على هديهم ونتلمس من نور عملهم وميراثهم.
صالح محمد جمال.. منارة العلم
ولد صالح جمال بمكة المكرمة عام 1338هـ/ 1920م، ودرس في الكتاتيب، وأمضى في مراحل التعليم سنوات حتى بلغ المعهد العلمي السعودي بمكة المكرمة، غير أنه تركه في عامه الثالث مع ضيق ذات اليد للإنفاق على أسرته.
ظل سنوات يعمل موظفاً في المحاكم الشرعية، قبل أن ينتقل عام 1948م للعمل بجريدة “البلاد” السعودية أميناً للصندوق، ثم مديراً للإدارة، ثم مشرفاً على الإدارة والتحرير حتى نهاية عام 1375هـ/ 1955م.
ترك العمل الحكومي فأسس مكتبة الثقافة عام 1944م بمكة المكرمة، وعمل مطوفاً حتى صار رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج الدول العربية، وكان صاحب فكرة تأسيس أول جمعية بر بالمملكة عام 1373هـ تحت اسم “صندوق البر”.
اهتم بالعمل الصحفي؛ فتولى إدارة ورئاسة تحرير صحيفة “المدينة المنورة” عام 1955م، ثم أصدر صحيفة “حراء” عام 1956م، وتولى رئاسة تحريرها، ثم صحيفة “الندوة” وتولى رئاسة تحريرها.
كان عضواً في كثير من الجمعيات والمناصب بالسعودية، وأصدر العديد من المؤلفات، مثل: “من أجل بلدي”، “أخبار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم”، “المرأة بين نظرتين”.
تعرف على الحركة الإسلامية، وتأثر بالشيخ حسن البنا، وصار مطوف الإخوان في رحلات الحج، وحينما زار مصر عام 1947م كرمه الشيخ البنا والمركز العام للإخوان.
ظل عالماً عاملاً عابداً مسموع الكلمة حتى رحل إثر حادث سيارة بمكة المكرمة يوم 25 ذي القعدة 1411هـ/ 9 يونيو 1991م، وصُلي عليه في المسجد الحرام عقب صلاة الفجر ودفن بمقابر المعلاة بمكة.
معروف الحضري.. بطل الفالوجا
شارك الجيش المصري بجوار 7 جيوش عربية، بالإضافة إلى المتطوعين من حركة الإخوان في حرب فلسطين عام 1948م، إلا أنه لخداع القوى الكبرى وخيانة بعض الحكام، ضاعت فلسطين وحُوصر الجيش المصري في الفالوجا، ولم يستطع إيصال الدعم لهم إلا الضابط معروف الحضري.
ولد معروف أحمد الحضري عام 1918م بمدينة الخرطوم بالسودان -لأب مصري من القليوبية مصر- حيث كان يعمل ضابطاً في الجيش المصري بالسودان.
تخرج في الكلية الحربية عام 1939م، وكان أحد الضباط الذين شاركوا في حرب فلسطين عام 1948م؛ فكان مساعد أركان حرب العمليات في القوة المصرية التي سافرت فلسطين.
تعرف الحضري على حركة الإخوان المسلمين في المرحلة الثانوية بالمنصورة، وزاد من علاقته بهم انضمام مجموعة من الضباط لهم بقيادة الضابط عبدالمنعم عبدالرؤوف.
شارك في حرب فلسطين، وأصيب بالرصاص في معركة “كفارديروم”، وسافر للعلاج في القاهرة ثم عاد للمعركة، حيث كانت تنتظره المهام الجسام أثناء حصار الجيش المصري في الفالوجا من قبل 5 آلاف مقاتل صهيوني، في أكتوبر 1948م، وازداد الأمر سوءاً بنقص المؤن؛ ما دفعهم للاستغاثة بقادة الجيش، الذين لم يجدوا إلا معروف الحضري ليجازف بحياته في كسر الحصار وإدخال المؤن للقوات المحاصرة، وبالفعل استطاع أن يجد ثغرة، ويدخل أكثر من 100 صندوق من المؤن إلى المحاصرين، إلا أن اليهود اكتشفوا الأمر ونصبوا كميناً له وأسروه وظل لديهم حتى حدث تبادل الأسرى بعد معاهدة “رودوس”، في مارس 1949م.
شارك الضباط الأحرار تنظيمهم كما شاركهم ثورتهم، وأسندت له مهمة القيام بتأمين نفق العباسية والاستيلاء على القيادة المركزية ليلة الثورة 23 يوليو 1952م.
تعرض الحضري لاضطهاد زملائه في الثورة بسبب انتمائه للإخوان المسلمين، وقُدم للمحاكمة التي برأته، إلا أنه أحيل للتقاعد، وتم اعتقاله بعد حادثة “المنشية” عام 1954م، وحكم عليه بـ10 سنوات، لولا وساطة كمال الدين حسين، عضو مجلس قيادة الثورة، فخرج وعمل في شركة تصدير واستيراد حتى عام 1965م حينما قُبض عليه بتهمة الانضمام للإخوان، وحكم عليه بـ10 سنوات تعرض خلالها لكثير من الإهانات حتى خرج من السجن في يوليو 1971م بعد وساطة حسين الشافعي لدى السادات، الذي عيَّنه في شركة مقاولات ورقَّاه لرتبة لواء.
ظل في عمله حتى سافر إلى السعودية للعمل فيها عام 1976م، إلا أنه لم يطل به العمر فقد توفاه الله في 5 رجب 1398هـ/ 10 يونيو 1978م ودُفن بها.
محفوظ نحناح.. بين الفكر والدعوة
في بلدة البليدة جنوب الجزائر العاصمة، ولد محفوظ محمد نحناح، يوم 27 يناير 1942م، ونشأ على دراسة القرآن الكريم واللغة العربية على عدد من العلماء والأساتذة في المدرسة الإصلاحية التي أنشأتها الحركة الوطنية، حتى شارك في شبابه بثورة التحرير الجزائرية.
حصل على ليسانس اللغة العربية عام 1970م، وسجل للدراسات العليا بجامعة الأزهر، وكان شعلة نشاط في الجامعة؛ حيث قاد المسيرات التي تطالب بالمحافظة على الشخصية الإسلامية للأسرة ومواجهة موجات التغريب.
كان نشاطه الإسلامي ومعارضة الحكم الاشتراكي السبب في الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكم عام 1975م.
كان السجن واحة دعوية وفكرية رسمت ملامح شخصيته الفكرية، وجذبت لها الكثير من المساجين الذين تابوا على يديه، وظل كذلك حتى خرج من السجن بعد 5 سنوات عام 1980م.
عمل على تأسيس الروابط الإسلامية التي تحفظ هوية الشعب الجزائري، فأسس رفقة صديقه الشيخ محمد بوسليماني رابطة الدعوة الإسلامية، ثم جمعية الإرشاد والإصلاح، ثم أنشأ حزباً سياسياً سمي “حركة المجتمع الإسلامي” التي تأثر فيها بمدرسة جماعة الإخوان المسلمين، وانتخب أول رئيس لها في 30 مايو 1991م، وقد شارك في الانتخابات الرئاسية عام 1995م.
من أهم الطروحات التي دافع عنها الشيخ نحناح: الشورى، الديمقراطية، التطور، التسامح، التعايش، الاحترام المتبادل، احترام الحريات وحقوق الإنسان، مشاركة المرأة في مجالات الحياة، احترام حقوق الأقليات، حوار الحضارات، التداول السلمي على السلطة.
كان يدعو دائماً إلى ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية والشخصية، وكان لحركته حضور كبير في الانتخابات التشريعية، وشارك في الكثير من الفعاليات والمؤتمرات والندوات التي تدافع عن الهوية الإسلامية، وله العديد من المؤلفات.
عانى في أواخر حياته من المرض، وظل كذلك حتى توفاه الله في 19 ربيع الآخر 1424هـ/ 19 يونيو 2003م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1- طارق صالح جمال: صالح محمد جمال لمحات عن حياته وآثاره، الطبعة الأولى، جامعة أم القرى، 2011م.
2- مجلة المجتمع: العدد (1557)، 28 ربيع الآخر 1424هـ/ 28 يونيو 2003م.
3- معروف الحضري: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)،