نكمل ختاماً حديثنا حول النصح والتناصح تحت عنوان “النصيحة”، يقول المفسرون: النصيحة هي الإبداء بالرأي الصحيح والتوجيه إلى الصواب الذي يجب الأخذ به واتباعه، وهذا الصواب يحتاج إلى أساس يبين صوابه من خطئه، وهذا يحتاج ميزاناً ثابتاً لبيان ذلك، وهذا الميزان هو كتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأهم شيء أن نحرص على ألا يتحول النصح إلى جدل عقيم أو سجال مستمر، فلذلك يجب أن يكون هناك ميزان يوزن هذه النصيحة أو تلك، كما أسلفنا، كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً يجب تقديم النصح والمشورة والتصحيح لمن تتعشم فيه الإصغاء والتشنيف والأخذ بالنصيحة، كما قال الشاعر: “آفة النصح أن يكون لجاجاً”.
ويجب أن يكون لك حسن الاختيار في الزمان والمكان والشخص المنصوح حتى تثمر النصيحة كما قيل ونكررها:
تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوعٌ من التوبيخ لا أرضى استماعه
قدِّم الحقيقة والنصيحة وتركها للوسايد، ولا شك النصيحة تحتاج من يمتلك المعرفة والخبرة في هذا المجال الذي يقدم فيه النصيحة، ومن أفضل الأوقات في تقديم النصيحة حينما ترى المقابل يحتاجها بالفعل في الوقت الآني فقدمها له، وهنا تكون أكثر قبولاً، وهذا يعتبر من فنون النصيحة وحسن اختيار الوقت والزمان.
والنصيحة، حقيقة، هي الخصم الأكبر للشيطان الرجيم واتباعه، أعاذنا الله تعالى منه، فالأفكار الملحدة والمعوجة دخلت على المسلمين باسم الحرية الشخصية لإيقاف هذا المحور العظيم من الدين، وصارت النصيحة عند البعض منهم جريمة، نسأل الله العفو والعافية، وقدموها بشكل مشوّه حتى تعرض الأمة عنها وخصوصاً للمسؤولين وأولياء الأمر، وهي مسألة متقصدة من أعداء أمة الإسلام في تكريس هذا الفهم المعوج ومن ثم الإعراض عن النصيحة.
من جميل ما نختم فيه هذه النصيحة، التي اسأل الله تعالى أن تكون في ميزان حسناتي:
لا تقطعوا الأرحام وخصوصاً مع الوالدين، فعليكم ببرّهم في حياتهم وبعد مماتهم، فالوصال معهم والرفق بهم من أسباب رضا الله تعالى عليك أيها العبد، فرضا الله من رضا الوالدين، كما يقال وهو حق، الوالدان وصلهم سعة في الرزق، وبركة في أعماركم، فاحرصوا على التواصل معهم وخدمتهم، واللين بالقول والفعل واستمرار الزيارات والاتصالات، والرحم كبير وعلى رأسه الوالدين، الرحم الأب وألام، والأخ والأخت، والعم والعمة، والخال والخالة، وقطع الرحم ليس من أخلاق من يسعى لرضا الله تعالى، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع رحم”.
هناك أصول وقواعد للنصيحة وحسب وضع الإنسان المقابل للناصح، كما ذكرنا ذلك أكثر من مرة، ومن أهم الأصول والقواعد ألا تكون النصيحة فيها ولو شيء بسيط من التشهير أو شبه الفضيحة، كما نقول، وهذا له فنونه وطرقه، مثل ذكر إيجابيات المنصوح والاسترسال فيها، ثم التركيز على السلبية أو الأمر المعني بالنصيحة، أيضاً مهم، ومهم جداً، لا تنهَ عن منكر وتأتي بأكبر منه، يجب أن توازن الأمور بشكل دقيق، أن النتيجة إذا لم تكن إلى الأفضل، على الأقل تبقى كما هي لا تزيد فيها السلبية، فهذه من الأمور المهمة في النصيحة أو الأمر المعروف والنهي عن المنكر.
___________________
إعلامي كويتي.