لم يُخفِ الرئيس التونسي قيس سعيد تحفظاته على القانون الأعلى الصادر عام 2014، الذي أوجد نظامًا هجينًا ذا توجه برلماني، مما منع أي أغلبية تقريبًا من الحكم بمفردها؛ وبالتالي، تلجأ في النهاية إلى التوافقات السياسية.
هذا ما جاء في تقرير -للصحفية الفرنسية المقيمة بتونس مارلين دوما- على إعلان سعيد عن إصلاحات دستورية وانتخابات تشريعية وتمديد تجميد البرلمان، مشيرة إلى أن ما يحلم به الرئيس التونسي هو نظام لامركزي يعتمد على لجان جهوية ذات صلاحيات واسعة قريبة من نموذج الجماهيرية، الذي كان الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي يريد تطبيقه في ليبيا.
ولفتت دوما -في تعليقها الذي ورد بصحيفة “لوفيغارو” (Le figaro) الفرنسية- إلى أن ما أعلن عنه قيس سعيد لم يقابل بحماس في الشارع التونسي.
وتورد هنا مثالا على ذلك تغير موقف السيدة عائدة -وهي في الثلاثينيات من عمرها- إذ تقول إنها رحبت بالإجراءات التي اتخذها الرئيس عندما قام بإقالة الحكومة وتجميد البرلمان، مستحضرًا “خطرًا وشيكًا”، لكنها هذه المرة لم تعد ترغب في الاستماع إلى حديثه لأن “النقاش حول النصوص الأساسية لا يهمني؛ فما نحتاجه هو إجراءات ضد ارتفاع تكلفة المعيشة، وضد البطالة…”، على حد قول عايدة.
كما نقلت دوما كذلك عن إلياس غانمي -طالب دكتوراه في العلوم السياسية- تساؤله هو الآخر عن الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن تونس كانت دائما تعتمد على مساعدة المانحين الغربيين في تنظيم استحقاقاتها الانتخابية، وبالتالي فإن هذا الباحث لا يرى كيف يمكن للاتحاد الأوروبي أن يمول انتخابات تمثل قطيعة مع النظام الدستوري الحالي.
وفي هذا الصدد، أبرزت الكاتبة الدعوة التي أطلقها -يوم الجمعة الماضي- سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي، والتي دعوا فيها إلى “تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة سريعة لسير عمل مؤسسات ديموقراطية، بما في ذلك برلمان منتخب يضطلع بدور مهم“.
وأوضحت دوما أن قيس سعيد أشار أيضًا في خطابه الحماسي إلى مرسوم رئاسي قادم بشأن الأشخاص المتورطين في جرائم اقتصادية ومالية والذين سيُجبرون في المقابل على الاستثمار في المناطق الفقيرة، مشيرة إلى وعده بتقديم أولئك الذين ارتكبوا “جرائم ضد الشعب التونسي” للعدالة.
وأضافت أن الرئيس هاجم -على وجه الخصوص- القوائم المنتخبة لعضوية البرلمان، بما في ذلك حزب النهضة الإسلامي، الذي اتهم في تقرير صادر عن ديوان المحاسبة بتلقي أموال من الخارج.
لكن قيس سعيد -وفقا للكاتبة- استهدف كذلك حتى من سانده يوم 25 يوليو قبل أن يدير ظهره لهم، وهو ما يبعث على القلق، حسب إلياس غانمي الذي يرى أن الرئيس “لديه خطاب كراهية مزعزع للغاية، يفيض باتهامات التخابر مع الدول الخارجية وبالحديث عن المؤامرات“.