الشيطان الرجيم يدعو إلى الحياة البهيمية الحيوانية، أعاذنا الله تعالى منه، ونسأله تعالى العفو والعافية والسلامة، يسعى الشيطان لتكون حياة الإنسان كحياة القردة والخنازير والعياذ بالله.
الشيطان الرجيم مخلوق خلقه الله تعالى لحكمة منه جل وعلا، وخلق الله تعالى الخلائق جميعها وبلا استثناء لعبادته، ومصداق ذلك قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات: 56).
إذن، الأصل العبادة لله، فالذي يدَّعي أن الله تعالى خلق الخلق من أجل فلان وعلان أو حتى من أجل سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فهو يخالف الحقيقة، أو كما يقول البعض من أجل إعمار الأرض، فحتى هذه وإن كانت أصلاً مطلوباً، ولكن مع عدم حضور نية العبادة لله تعالى، فهو أمر رد، وترفضه الآية الكريمة المذكورة سالفاً، ترفضه ضمناً وظاهراً، والذي يدعي هذا فهو في أقل الأحوال وقع في خطأ ليس بالصغير، وهو أقرب إلى البدعة.
وبما أن الله تعالى خلق الخلائق لعبادته وترك لهم قدرة الاختيار، لا بد إذاً من منهج للحياة لتأصيل وتكوين العبادة التي يريدها الله سبحانه وتعالى لنفسه وهو الخالق جل وعلا، وأهمية هذا المنهج تزداد مع وجود المشاكس لها؛ الشيطان الرجيم ورافعي رايته وبيرقه الذين يطالبون بأن تكون الحياة فوضى ومزاجاً وشهوة، يفعل بها وفيها الإنسان ما يشاء برفض أوامر الله تعالى ونواهيه، والمعتقدات التي أمرنا باتباعها جل وعلا، ولا ينبغي لأحد أن يحاسبه ويوقفه عند حده الذي يتجاوز به حدود الله تعالى وسُنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وذلك باسم اللواء المزخرف تمويهاً لواء الشيطان الرجيم المتمثل بعبارات مزيفة منطقاً وعقلاً وعقيدة للضحك على ذواتهم قبل غيرهم من السذج، كقولهم الكذب “الحرية المطلقة”، وقولهم “الحرية الشخصية”، وقد ذكرنا في كثير من المقالات والكتابات أن هذا لواء شيطاني، وأنه لا توجد حضارة سابقاً أو حاضراً أو إنسانية على وجه الأرض تقوم على الحرية المطلقة، إلا وكانت تسارع هبوطاً إلى الهاوية والفوضى، كما نرى اليوم التمادي في المطالبة بحقوق اللوطية والسحاقيات كما يطلقون عليهم المثليين، نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
مع الأسف، رافعو هذا اللواء وشعار السوء الشيطاني هذا لا يلتفتون إلى تجارب الآخرين للاستفادة منها، فنحن كمسلمين نعلم أن الله تعالى كرم هذه الأمة، وجعلها في مقدمة الأمم وخيرها بشرط اشترطه، وذلك ظاهر بقوله سبحانه وتعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) (آل عمران: 110)، نعم نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ظاهراً وضمناً، وإلا لسنا معنيين بالآية، وأكبر منكر يجب النهي عنه إيقاف هذه الدعوة؛ دعوة اللوطية والسحاقيات.
الحرية المطلقة مرفوضة في كل حرف من حروف هذه الآية الكريمة، ولنعلم أن الله اشترط هذه الخيرية، وأنها لا تكون في هذه الأمة إلا أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، فسبحان الله تعالى، حينما يأتي بعض الرجال المخلصين ليجعلوا هذا الأمر حسب القوانين واللوائح، حتى لا يتطاول سفهاء الأحلام على الناس، وعلى عباد الله تعالى، ينعق رافعوا لواء “الحرية المطلقة”، ويرفعوا لواءهم لإحباط هذا الأمر الذي من خلاله تتضح الأمور، ويكون تطبيقه من خلال القانون واضحاً للسلطة، وللدولة وولي الأمر ومن ثم الشعوب.
في دين الإسلام لنا مجموعة من القواعد الذهبية في الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن هذه القواعد أو بالأحرى من أهمها المتمثلة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه”، وفي رواية: “ذلك أضعف الإيمان”، وكما هو ظاهر من النص “أضعف الإيمان” السكوت عن المنكر مع النكران في القلب، ومن ثم عدم الممارسة الشخصية له وعدم تشجيع الآخرين عليه، لكنَّ علمانيي العرب والخليج أدعياء الليبرالية، وشيوعيي الصنم الأحمر السابق، حتى هذه لا يرغبون فيها، فإما أن تشاركهم المخالفة والفجور والإلحاد ودعم اللوطية والسحاقيات وإلا أنت سخيف وسطحي إن لم تكن إرهابياً! ويجب هدر دمك! بشكل أو بآخر، وهذا الفهم دليل علمانيتهم البلشفية، وهو مطابق تماماً لأسلوب الأزارقة من الخوارج، إما تقتل البريء أو أنت منافق مرتد! فالعلمانيون نسخة طبق الأصل لفكر الأزارقة، وما هم إلا الوجه الآخر من الأزارقة، فحتى نكران القلب مرفوض عندهم!
نذكر ما حدث في تركيا سابقاً، وذلك ما حصل من طرد عضو مجلس الشعب التركي لا لشيء، فقط إلا لأنها كانت محجبة، وأنهم أنكروا عليها نكران القلب، فإما تشاركهم عدم الحجاب وتجريمه قانوناً، وإلا يجري عليها الإجراء الذي تم في حينه؛ طردها من البرلمان، معتدين على حريتها الشخصية التي يدعون احترامها، وهذا دليل وتجربة تدل على أنهم حتى أضعف الإيمان لا يرغبون فيه، فإذا تمكن هؤلاء الأشياء! على العباد والبلاد، ستنادي نعيقاً ونهيقاً أبواقها المنتنة: إن من لم يشارك في هذا الفعل أو ذلك الذي نريد، سيكون موقفنا منه العداء وعدم السلم والسلام.
حتى وإن كان فعلهم أو عملهم مجاهرة في المعصية وجريمة، ومخالفاً للقانون والعقيدة والدين، بل والحياة الاجتماعية والأخلاق والفطرة الإنسانية، سيكون موقفهم متشدداً وعنيفاً لمن يخالفهم كما فعلوا مع النائبة المحجبة التركية وطردوها من البرلمان، رغم أنها ما جاءت إلا عن طريق الرغبة الشعبية، طريق الديمقراطية التي يدعون أنهم أهلٌ لها كما يزعمون!
طردوها لا لشيء إنما فقط لأنها محجبة، علماً أنها ما جاءت إلا عن طريق الشعب، والديمقراطية كما أسلفنا!
إن سادت لهم السيطرة وحسب التجارب والتاريخ؛ فسيكون حينها من يخالفهم تحت ضرب مطارقهم التي يبتكرونها لتقويض وإقصاء الدين والفطر السليمة والأخلاق فقط، وهلاك أهله ودعاته، فهذه صنعتهم ولا صنعة لهم سواها خدمة لمعبودهم وسيدهم الشيطان الرجيم، نسأل الله السلامة والعفو والعافية.