تجمع أكثر من 30 ألف متظاهر، أمس الأحد، بالشارع الرئيس في العاصمة التونسية، مطالبين بإنهاء الانقلاب والعودة إلى المسار الديمقراطي.
فيما أكد سياسيون وبرلمانيون أن القضاء على الانقلاب مسألة وقت.
وقال نائب رئيس حركة النهضة رئيس الحكومة وزير الداخلية التونسية سابقاً علي العريض، لـ”المجتمع”: إن النضال ضد انقلاب قيس سعيّد الذي فكّك الدولة وخربها وذاهب بنا نحو المجاعة والفقر والإفلاس والانحدار الاقتصادي يكون عبر التحركات الميدانية التي يلمسها الجميع في شكل وقفات ومسيرات واعتصامات وإضرابات، وعبر نضال البرلمان والبرلمانيين والأحزاب السياسية.
وشدّد العريض على أن الانقلاب يقوم بنقض كل ما تم بناؤه منذ عقود وليس ما بعد الثورة فحسب، وأن هذا النضال سيستمر، بمشاركة طيف واسع من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وشخصيات اعتبارية.
وحول جبهة الخلاص التي تعتبر النهضة عمودها الفقري وقلبها النابض، قال العريض: إن الإعلان عن جبهة الخلاص الوطني سيستغرق أسبوعين أو ثلاثة على أقصى تقدير.
واستطرد قائلاً: جبهة الخلاص لاقت ترحيباً كبيراً من الأوساط السياسية الفاعلة في البلاد ودورها يكبر باطراد، وبدأت تُقلق مؤيدي الانقلاب الذين لم يبخلوا بمحاولات النيل منها والحرب عليها.
أسئلة تحمل أجوبة
المحامية وعضو مجلس نواب الشعب فريدة العبيدي تحدثت لـ”المجتمع” عن الأضرار التي ألحقها الانقلاب بالدولة، مجددة التأكيد على أن ما وصفها سعيّد بـ”الإجراءات الاستثنائية” هي في حقيقتها انقلاب؛ لأن الدستور في فصله الثمانين الذي استند إليه سعيّد في تبرير الانقلاب بالإجراءات الاستثنائية يؤكد أن البرلمان يبقى في حالة انعقاد ولا يتم بحال من الأحوال حل الحكومة.
وتساءلت العبيدي عن القيمة والفائدة والإنجاز الذي حققه الانقلاب بعد مرور 10 أشهر غير الغلاء الفاحش للأسعار سواء ما تعلق بالمواد الغذائية أو الوقود وتراجع الترقيم السيادي والتأخر في ترتيب تونس على مستويات حقوق الإنسان وحرية الصحافة وافتقاد المواد الأساسية، وهل يسمى هذا تصحيح مسار، وإصلاحاً، أم فساداً وتدميراً للدولة؟
وأكدت العبيدي أن الأوضاع التي وصفتها بالكارثية تتطلب إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ولكن سياسة المنقلب (تعني الرئيس) هي تجميع السلطات وضمان بقائه في السلطة من خلال التغييرات التي أجراها على عديد المؤسسات القضائية ومؤسسة الانتخابات وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وهيئة مكافحة الفساد وغيرها.
الشارع الديمقراطي
من جهته، أعرب القيادي في جبهة الخلاص الوطني ومبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” الحبيب بوعجيلة في حديثه لـ”المجتمع” عن شكره للجماهير الرافضة للانقلاب وانضباطها بالقانون، حيث لم تقم بأي أعمال تعبر عن الفوضى ولم تستجب للاستفزازات التي حصلت في مناسبات سابقة، ومنها اغتيال أحد المتظاهرين رضا بوزيان.
وقال: هذه الحشود دفعت الأحزاب السياسية والمجتمع السياسي والمدني إلى توحيد الصفوف وإلى تنظيم جبهة الخلاص الوطني، بعد أن كانت الحشود تعبّر عن مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب”، فالشارع الديمقراطي، إن صح التعبير، هو الذي أنجز “جبهة الخلاص الوطني” والاتحاد على قاعدة الديمقراطية وفرض علينا ما الذي يجب أن نفعله ونمضي فيه.
وأكد أن الانقلاب يلفظ أنفاسه ونحن في مرحلة النهايات الأخيرة للانقلاب والاستعداد لاستئناف المسار الديمقراطي.
ودعا إلى ما وصفه بعقل الدولة أن تكون له القدرة على إيجاد الحلول للتخلص من هذا المأزق الذي وقعت فيه الدولة، حسب تعبيره.
وذكر بوعجيلة أنه لأول مرة في تاريخ الدولة التونسية تجد نفسها في مواجهة قوة ضاغطة عليها ولا تعرف كيف تتعامل معها.
سقوط وعود الانقلاب
جوهر بن مبارك، عضو مبادرة مواطنون ضد الانقلاب وجبهة الخلاص الوطني، قال لـ”المجتمع”: إن الوضع الاقتصادي تردى بشكل كبير، فضلاً عن مصادرة الحريات ونحن نشاهد وعود الانقلاب قد سقطت في الامتحان وآفاقه مسدودة، واستمرار النضال كفيل بإسقاط الانقلاب.
وحمّل بن مبارك الرئيسَ بالدرجة الأولى التدهور الحاصل على جميع المستويات، ومن ذلك غلاء الأسعار وارتفاع نسب البطالة وخرق الدستور.
وقال: هذه مخلفات الاستبداد ونتائجه الكارثية، في حين أنه برر انقلابه بإصلاح الأوضاع، وها هو الشعب يشاهد ما صنعه به وبغذائه ومؤسساته وحاضره ومستقبله، ونحن مقدمون على مجاعة وحالة إفلاس للدولة، وهي نتيجة طبيعية لاحتكار السلطة.