دعا مستشارون تربويون إلى رفع البعد التربوي والسلوكي وتعزيز الصحة النفسية لتجاوز الأزمات التي تتعرض لها الأسر المصرية.
اليقين والعمل
من جانبه، يؤكد الاستشاري التربوي مدير المكتب الماليزي للتطوير التربوي (مؤيد) علاء حسني، في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، أهمية إعلاء الجانب العقائدي التربوي في مواجهة الأزمات التي تتعرض لها الأسر سواء مالية أو غيرها، عبر اليقين التام أن الأمور كلها بيد الله عز وجل، وأن مقاليد الكون بيده فقط، وأن الله الذي يقدر البلاء والغلاء وهو القادر على كشف البلاء بالتضرع والعودة له.
ويضيف حسني أنه على الأسر جميعاً إحسان ثقافة الادخار واستخدام ما لديهم من موارد بكل السبل الممكنة وفق تصرف رشيد، كما أنه على القادرين البعد عن الإسراف والترف، فقد يكون هذا من أسباب الابتلاءات.
حسني: اليقين بالله والعمل والادخار ضرورات المرحلة
ويرى حسني أن العمل سبيل رفع المشكلات الاقتصادية تحديداً، مشدداً على أنه ينبغي للأسر أن تحرص على البحث عن فرص العمل ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً.
ويدعو حسني الأسر إلى عدم الركون إلى البطالة أو وضع الأموال في البنوك الربوية، وذلك للنهوض من العثرات في ظل ما قادم من ضغوط، مع تدوير ما وجد من أموال في مشروعات حقيقة تتحرى الحلال في كل شيء من أجل البركة في الرزق والعمر والعلاقات.
ويشدد حسني على أهمية التكافل، والحرص على مد يد العون للمعوزين وأصحاب الحاجات والمساكين، موضحاً أن ذلك سبيل رفع الأزمات واستقرار النفوس والبيوت والمجتمعات ورضا الله وتعجيل الانفراجة.
التعاون والاستغناء
من جانبها، تؤكد المستشارة الأسرية والاجتماعية منال خضر، في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، أهمية إعلاء قيمة التعاون والتراحم بين أفراد الأسرة لمواجهة هذه الأزمة الطاحنة مع التوكل على الله.
وتشير خضر إلى أهمية تدريب أفراد الأسرة أنفسهم على الاستغناء عن كماليات كثيرة وغير ضرورية وتشكل عبئاً كبيراً على الأسرة، في ظلال التمسك بخلقين مهمين في فترة الأزمات، وهما الرضا والصبر، مشددة على أن دوام الحال من المحال.
وتدعو جميع أفراد الأسرة إلى أن يصبحوا أفراداً منتجين لا مستهلكين فقط، وأن يبحثوا عن مورد رزق في التجارة، أو أن يتعلموا حرفة يستطيعون أن يتكسبوا منها ويعلموا غيرهم هذه الحرفة.
وتلفت خضر إلى أهمية الترابط العاطفي في الأسرة وتوحيد الجهود في إطار مشروع واحد لتجاوز أي أزمة دون خوف أو وجل من مد يد العون للآخرين، حيث لا ينبغي أن تعيش أسر في قوقعة أنفسهم غير مبالين بأسر أخرى تئن من الأزمات.
خضر: التعاون بين أفراد الأسرة والتراحم سبيل النجاة
السعادة الداخلية
من جانبه، يلفت رئيس أكاديمية بسمة للسعادة الزوجية عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين محمود القلعاوي، في حديث خاص لـ”المجتمع”، نظر الأسر إلى الاهتمام بجبر القلوب داخلياً، قائلاً: إن السعادة الأسرية تبدأ من الداخل، وبالتحديد من القلب، وهو ما يجب أن يعمل عليه الزوجان والوالدان.
ويضيف القلعاوي أن هذا لا يتعارض تماماً مع التفكير في بدائل لزيادة الدخل بما يتناسب مع الظروف والقدرات والتخصص وتوفير جزء منه مهما كان بسيطاً للاحتياج وقت الشدة، موضحاً أن الاهتمام بثقافة التوفير في البيت مهم للغاية وليس عيباً، حيث إنها ثقافة إسلامية أصيلة سارت عليها الدول المتقدمة.
ويؤكد القلعاوي أهمية الانتباه إلى الحالة النفسية للأسرة دائماً وإبقائها مستقرة، والبعد عن كل ما يثير الجزع والسخط والاضطراب حتى لا تتعرض الأسر لأزمة في التفكير الإيجابي والعطاء، وذلك بجانب الصدقات والتقرب إلى الله تعالى.
القلعاوي: السعادة تبدأ من القلب والتوفير ليس عيباً
عدم الاستسلام
على الجانب النفسي، تحذر الاختصاصية النفسية والاجتماعية أسماء طايع أرباب البيوت، في حديث خاص لـ”المجتمع”، من الاستسلام لأي مشاعر سلبية أو ضغوط، مؤكدة أن تقبل التحديات ومواجهتها بنفس قوية وهمة عالية، وعدم الانجرار وراء الحساسية المفرطة لأي عبارة تقال في ظل الأزمة سبيل البيوت لمواجهة لأي مشاعر سلبية تتولد نتيجة الضغوط.
وتنصح طايع العائلات بالتفكير الإيجابي قائلة: نقول لمن يعانون من اضطرابات بسبب أي أزمة أو فاقة: لن تستفيدوا من حزنكم وتوتركم، والقلق الذي يعتريكم لن يفيد في أي شيء سوى الدخول في حالة من الضغط النفسي الذي يقلل من قدرتكم على العمل والإنتاج والتفاعل مع الحياة، ولذلك اتركوا الأمور تسير بمقدورها بعد الجد والاجتهاد والمحاولات والرزق من الله.
كما تنصح طايع الأسر بما تسميه “التخلي والتحلي”، عبر التخلي عن الحاجات غير الضرورية حتى تتوفر الضرورية، والتحلي بالاقتصاد قدر المستطاع، مؤكدة أنه إذا لم يتوفر المال وتلبية الحاجات، فهناك ما تملكه الأسر وهو الأهم من صحة ومودة وسكينة وذرية.
وترجع طايع ما تتعرض له البيوت المصرية من ضغوط نفسية إلى توابع جائحة “كورونا” وما سببته من كساد وغلاء وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما يؤدي إلى التوتر والقلق والخوف من المجهول وما يحمله المستقبل، فيصيب الأسر الاضطراب وتكثر المشكلات داخلها.
طايع: التخلي والتحلي مهمان ولا داعي للتوتر والقلق
تأمين لقمة العيش
وكان قلق واسع انتشر بين الأسر المصرية في الفترة الأخيرة، وفق ما رصده مراقبون على مواقع التواصل الاجتماعي بمصر، بعد إعلان البنك المركزي الأمريكي رفع سعر الفائدة مرتين في فترة وجيزة ما أثر سلباً على الجنيه المصري، وأدى إلى رفع سعر صرف الدولار ليصل ما يقرب من 18 جنيهاً، مع تصدر وسوم منها “الجنيه المصري”، و”الذهب”، وتكرار تعليقات مليئة بالقلق من المستقبل.
ووفق ما رصده مراسل “المجتمع” على مواقع التواصل الاجتماعي، تزايدت الدعوات بـ”الستر وعدم كسر ظهر الآباء أمام أبنائهم، بحسب بعض التعبيرات في ظل الظروف الاقتصادية، ووصف البعض جهود الآباء والأمهات في البيوت في مثل هذه الظروف بأنها “حرب لتأمين لقمة العيش”.
وقدم البعض نصائح للأسر بتقليل النفقات وترتيب الأولويات والصبر حتى مرور الأزمات الاقتصادية على خير.