أضيفت أزمة قطاع الكهرباء مؤخرا في السودان إلى أزمات أخرى سابقة تشهدها البلاد على الأصعدة المالية والاقتصادية والنقدية والبنى التحتية والخدمات.
ويعاني قطاع الكهرباء في السودان تحت حزمة من المعيقات والتحديات التي تتزامن مع الأوضاع السياسية والاقتصادية القاتمة التي تسود البلاد.
وبدأ عاملون في القطاع احتجاجات منذ 6 سبتمبر/أيلول، أعقبه إضراب عن العمل رفضا للأجور المتدنية التي يتقاضونها، باعتبارها لا تتناسق مع تكلفة المعيشة ومعدلات التضخم العالية.
وسجل معدل التضخم في السودان خلال أغسطس/آب الماضي 117 بالمئة، مقابل 125 بالمئة في يوليو/تموز.
وحددت لجنة تعديل هيكل الرواتب لعمال الكهرباء (مفوضة من العاملين) أدنى أجر 500 ألف جنيه (ألف دولار للعمال)، أما الدرجات الوظيفية العليا فحدد لها 1.8 مليون جنيه (2500 دولار).
** بدء الإضراب
وبدأ الإضراب بتسليم العاملين وزارة الطاقة والنفط السيارات العاملة بمجال الطوارئ وتخفيض الحمولات بنسبة 40 بالمئة والتهديد بإدخال البلاد بمرحلة ظلام تام.
وفي 13 سبتمبر تم تعليق الإضراب من قبل لجنة تعديل هيكل الرواتب بعد أن انصاعت وزارة الطاقة والنفط لمطالب لجنة الإضراب ووافقت على زيادة أجور العمال بالقطاع.
غير أن اللجنة عادت وجددت الدخول في إضراب، الأحد الماضي، عقب إعلان وزارة المالية لجدولة مطالبهم لعام كامل، وبعد يومين أعلنت اللجنة تعليق الإضراب بعد تلقيهم وعودا من المسؤولين بحل مشكلة الأجور.
كان وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، أكد في تصريحات إعلامية “صعوبة زيادة الأجور خلال الوقت الحالي من العام المالي لاقتراب نهاية الموازنة”.
ولم تكن أجور العاملين بالكهرباء هي المشكلة الوحيدة التي تقف حجر عثرة أمام قضايا الطاقة في السودان، والتي تعد من أكبر المشكلات التي تحول دون دخول البلاد في منظومة الدول المنتجة.
** إحصائيات حكومية
وبحسب إحصائيات حكومية فإن قدرة محطات توليد الطاقة قادرة على إنتاج 4000 ميغاواط بينما الطاقة الفعلية لا تتعدى 1820 ميغاواط.
وتشمل تحديات قطاع الكهرباء عوامل عديدة، أبرزها عدم توفر وقود كاف للمحطات بسبب شح موارد النقد الأجنبي للبلاد، مع حاجة المحطات لقطع غيار وصيانة عجزت المالية عن الإيفاء بها خلال الفترة الماضية.
كذلك، يمتلك السودان ستة سدود بغرض توليد الكهرباء، بالاستفادة من مياه النيل وتشمل مروي والروصيرص وسنار وجبل أولياء وعطبرة وستيت.
فيما يبلغ عدد محطات التوليد الحراري ثلاث، تشمل محطتي قري وبحري (شمال) ومحطة أم دباكر (جنوب).
وصرح متحدث لجنة تعديل الهيكل الراتبي لعمال الكهرباء، شاكر إسماعيل، للأناضول، بأنه تم التوصل إلى تفاهمات مع مدراء شركات الكهرباء بهدف فك الإضراب الأخير بعد أن تضررت أجزاء واسعة من البلاد من انقطاعات التيار.
والإثنين، انقطع التيار الكهربائي عن عدد كبير من أحياء العاصمة الخرطوم لفترة تزيد عن 30 ساعة بسبب تعطل في محطة بحري الحرارية وامتناع العمال عن الصيانة بسبب الإضراب.
وأغلق عدد من المواطنين جسري النيل الأزرق وشرق النيل بالخرطوم احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي لفترة تزيد عن 24 ساعة .
وأعلن شاكر عن خطة لتنفيذ الهيكل الراتبي خلال فترة زمنية أقل من العام تحفظ عن الإدلاء بتفاصيلها.
** إهمال كبير
الصحفي المتخصص في شؤون الطاقة، عبد الوهاب جمعة، قال إن “قطاع الكهرباء بالسودان يعاني من إهمال كبير خلال السنوات السبع الماضية، بسبب قلة الاستثمارات في التوليد المائي والحراري”.
وأكد جمعة في تصريحات للأناضول، عدم قدرة البلاد على إجراء صيانة دورية للمحطات، بسبب عدم قدرتها على توفير التمويل وعدم هيكلة الشركات العاملة في مجال الكهرباء.
وتعمل خمس شركات حكومية في مجال الكهرباء، تشمل الشركة القابضة، شركة التوزيع، شركة النقل، شركة التوليد الحراري، وشركة التوليد المائي.
وأوضح إن 20 بالمئة من الكهرباء المنتجة حاليا ناتجة من مصادر خارجية، كالربط الشبكة مع مصر واثيوبيا، ومن البارجة التركية على ساحل البحر الأحمر والتي تمد السودان بأكثر من 10 بالمئة من الاستهلاك الحالي.
وكشف الصحفي السوداني عن ازدياد مشكلة الكهرباء في السودان مع نمو الطلب بنسبة 15 بالمئة سنويً.