عرين الأسود التي ظهرت قبل عدة أشهر في مدينة نابلس في الضفة الغربية ليست ظاهرة جديدة في المجتمع الفلسطيني، فمنذ بداية الاحتلال البريطاني ثم “الإسرائيلي” تشكلت مجموعات فلسطينية كثيرة، حملت راية المقاومة وواجهت الاحتلالين البريطاني و”الإسرائيلي”، منها مجموعة الشيخ عز الدين القسام، والتاريخ الفلسطيني حافل بذلك.
ولا شك أن شباب “عرين الأسود” تأثروا كثيرًا بالممارسات الإرهابية للاحتلال، وهم يشاهدون إجرامه في القتل والتصفية والاعتقال، وانتهاك الحريات واقتحام المنازل والتعذيب.
كما لا شك أن شباب “عرين الأسود” تأثروا بدور أبطال ورموز وقادة وشهداء المقاومة، أمثال محمد الضيف، وأبو عبيدة، وأبو جهاد الوزير، وفتحي الشقاقي، وجورج حبش.. وغيرهم.
أهمية مجموعة “عرين الأسود” أنها:
1- تشكلت في الضفة الغربية، حيث الوجود القوي للسلطة الفلسطينية التي تعهدت بالتنسيق الأمني مع الاحتلال وتحارب كل مظاهر وأشكال وأنواع المقاومة.
2- تتشكل من انتماءات متعددة، يجمعها مشروع مقاومة ومواجهة الاحتلال، تخطت كل الحواجز الفكرية أو السياسية أو الفصائلية واجتمعت في إطار وحدوي مقاوم.
3- تتشكل “عرين الأسود” من العنصر الشبابي، وهذا يدل على توجه الشباب الفلسطيني نحو المقاومة والحرية، ويعلن عن نفسه أنه امتداد لمشروع مقاومة الاحتلال المتجذر تاريخيًا في المجتمع.
4- نشأت مجموعة “عرين الأسود” بعد تحول نوعي في مقاومة الاحتلال، وهو عملية “سيف القدس”، في مايو 2021، التي حققت أهدافاً إستراتيجية كبيرة، من أهمها نشر ثقافة التحدي والمقاومة، وتحولها إلى محطة تأذن بنهاية الاحتلال.
5- تمثل “عرين الأسود” نموذجًا سياسيًا راقيًا وتجربة وطنية رائدة، في إطار المشروع الذي يطالب ويعمل من أجل بناء شراكة وطنية حقيقية، تجمع كل الفلسطينيين وتؤطرهم في برنامج نضالي موحد، على قاعدة الهوية الوطنية والصمود ومقاومة الاحتلال، والتركيز على الأهداف الوطنية التاريخية العليا المتمثلة في التحرير والعودة.
6- حظيت “عرين الأسود” بدعم واحتضان وتأييد شعبي ووطني عارم من جميع مكونات وفئات المجتمع الفلسطيني، تجاوز الاصطفافات الفصائلية والتباينات الاجتماعية والمسافات الجغرافية، وصارت “عرين الأسود” تعبيرًا واقعيًا وحقيقيًا عن المزاج الشعبي الواسع، الذي يدعم المقاومة ويلتف حول المقاومين، ويمجد الشهداء، وأسست “عرين الأسود” لإطلاق جيل شبابي متجدد، يحمل مشروع المقاومة ويفتخر به.
7- لا شك أن “عرين الأسود” استفادت من تاريخ الشعب الفلسطيني بمختلف مجموعاته في مقاومة الاحتلال، وهي وريثة لتجربة مميزة، وأصبحت رموز “عرين الأسود” رموزًا وطنية شبابية ونجوماً داخل المجتمع وعلى مواقع التواصل.
8- يتخوف الاحتلال أيديولوجيًا وعسكريًا وأمنيًا من ظاهرة “عرين الأسود” ويعتبرها تهديدًا خطيرًا له، وخنجرًا في قلبه، ويتخوف من آثارها المستقبلية، لذلك يعمل بكل الوسائل على ملاحقتها وتفكيكها والقضاء عليها.
9- المطلوب من جميع قوى الشعب الفلسطيني ومؤسساته وأفراده، بغض النظر عن توجهاتهم، دعم “عرين الأسود” بكل قوة، واحتضانها وتوفير غطاء سياسي وشعبي وإعلامي كبير، ومنع الاحتلال من النيل منها.
لذلك من الضروري إقامة فعاليات سياسية وشعبية وإعلامية ووطنية في كل مكان، داخل وخارج فلسطين؛ لدعم “عرين الأسود” وأهدافها الوطنية الوحدوية، لأنها تعبير عن تطور سياسي واجتماعي فلسطيني يكمل رسالة الشعب الفلسطيني التاريخية في التحرير والعودة.
________________
كاتب فلسطيني.