لم يكتف الاحتلال الصهيوني بجريمته البشعة التي ارتكبها تجاه الأسير الفلسطيني ناصر أبو حميد واستشهد على إثرها، أمس الثلاثاء، نتيجة سياسة الإهمال الطبي المتعمد “القتل الطبي” التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى المرضى، بل ذهب لأبعد من ذلك باتخاذه قرار احتجاز جثمان الشهيد وعدم تسليمه لذويه.
وذكرت وسائل إعلام عبرية أن احتجاز جثمان أبو حميد جاء بقرار من وزير الحرب بيني غانتس بناء على توصية المسؤولين الأمنيين، وقرار حكومة الاحتلال بشأن احتجاز الجثث لغرض إعادة الأسرى والمفقودين.
من جهتها، طالبت عائلة الأسير الشهيد ناصر أبو حميد، بردٍ من أصحاب القرار على إعلان الاحتلال، صباح اليوم احتجاز جثمان نجلها ناصر.
وقال ناجي أبو حميد شقيق الشهيد ناصر، في تصريحات صحفية: إن قرار الاحتلال بمثابة (رمي الكرة) في ملعب الجانب الفلسطيني، ونأمل بأن يكون الرد من أصحاب القرار يمثل مظلومية هذا الشعب.
وأضاف أن قرار احتجاز جثمان ناصر كان متوقعاً من دولة الاحتلال المجرمة، التي تواصل احتجاز جثامين 10 أسرى استشهدوا في السجون قبله.
قرار فاشي
وتعليقاً على ذلك، نددت مؤسسات وفصائل فلسطينية، اليوم الأربعاء، بقرار سلطات الاحتلال، مؤكدة أنه إمعان في الجريمة ويعكس عنصريته وتعديه على كل القيم الإنسانية والأخلاقية.
ووصف المجلس الوطني الفلسطيني قرار سلطات الاحتلال بـ”الفاشي”، ويكشف عجز المجتمع الدولي وضعفه وتغاضيه عن جرائم الاحتلال.
وقال رئيس المجلس روحي فتوح، في بيان صحفي: إن الاحتلال المجرم لم يكتف بارتكاب جريمة اغتيال الأسير أبو حميد، عبر سياسة الإهمال الطبي المتعمد، ولكنه بكل وقاحة يرفض أيضاً تسليم جثمانه لأهله لوداعه ومواراته الثرى.
وأضاف: هذا القرار الفاشي لدولة برلمانها يصادق على قوانين تؤهل مجرمين لتولي حقائب وزارية، انتهاك فاضح لأبسط القوانين والأعراف الدولية والإنسانية ولكل معايير حقوق الإنسان؛ ما يدلل وبشكل قاطع على عجز المنظومة الدولية وضعفها وتغاضيها عن جرائم الاحتلال، بحق شعبنا.
انتهاك لكل معايير حقوق الإنسان
وقالت حركة “حماس”، على لسان ناطقها حازم قاسم: إن استمرار احتجاز الجثمان يُمثّل مخالفة لأبسط القوانين والأعراف الدولية، وانتهاكًا لكل معايير حقوق الإنسان.
وأضاف قاسم أن الاحتلال يضاعف من حجم وفظاعة جريمة اغتيال الأسير أبو حميد عبر الإهمال الطبي المتعمد، بقرار منع تسليم جثمانه لأهله لوداعه ودفنه.
وتابع أن الاحتلال يتصرف بمنطق إرهابي وسلوك نازي واضح، وانحطاط أخلاقي غير مسبوق، مشددًا على أن هذا القرار يؤكد عجز كل المنظومة الدولية عن إجبار الاحتلال على أبسط الأمور.
بدورها، قالت حركة الجهاد الإسلامي: إن القرار يعدّ إمعانًا في الجريمة بهدف معاقبة الأسير بعد استشهاده، ومحاولة للتوظيف السياسي لهذه القضية بغرض الضغط والابتزاز.
ورأى طارق سلمي، متحدث الحركة في بيان، أن القرار يعكس عنصرية الاحتلال وتعدّيه على كافة القيم الإنسانية والأخلاقية، مستغلاً عجز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يمارس ازدواجية المعايير، ويصمت عن ممارسات الاحتلال.
تحدٍّ للمجتمع الدولي
من جانبها، قالت حركة الأحرار الفلسطينية، في بيان: إن القرار يعدّ تحدياً للمجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية التي ما زالت تقف صامتة على جرائم الاحتلال وانتهاكاته للمواثيق الدولية.
وأضافت أن رفض تسليم الجثمان من أفظع درجات العنصرية والإرهاب على الشعب والأسرى، كما يمثّل عقابًا جماعيًا لذويهم.
ودعت الحركة إلى إطلاق حملة وطنية وشعبية ورسمية ودبلوماسية وإعلامية للضغط على الاحتلال وإجباره على تسليم جثامين الشهداء المحتجزة، وعلى وجه الخصوص جثمان أبو حميد.
من جانبها، وصفت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قرار غانتس احتجاز جثمان الأسير ناصر أبو حميد وعدم تسليمه لعائلته لوداعه ودفنه كـ”ورقة مساومة”، انتهاكاً فاضحاً للقوانين الدولية والإنسانية وشرعة حقوق الإنسان.
وقالت الجبهة، في بيان: إن شهداء شعبنا الفلسطيني مقاتلون من أجل كنس الاحتلال وعصابات المستوطنين وإنجاز الحرية والعودة والاستقلال، أما قتلى الاحتلال فهم مجرمو حرب في عُرف القانون الدولي والإنساني ويواصلون جرائمهم العدوانية بحق شعبنا وانتهاك سيادته على أرضه، والقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان.
ودعت جماهير الشعب الفلسطيني ومقاومته للنضال بكل السبل والوسائل والأشكال النضالية المتاحة لإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال وزنازينه وإعادة جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال، والذي كان آخرهم الشهيد الأسير ناصر أبو حميد.
وختمت الجبهة بيانها مطالبة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وسلطة الحكم الإداري الذاتي بتدويل ملف جثامين الشهداء في مجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة الجنايات الدولية، لإجبار الاحتلال على الانصياع للقوانين الدولية بتحرير جثامين الشهداء الطاهرة التي ما زالت محتجزة بشكل تعسفي لدى سلطات الاحتلال.
وأمس الثلاثاء، اتهمت فصائل فلسطينية ولجان ومؤسسات معنية بشؤون الأسرى سلطات الاحتلال بتنفيذ سياسة القتل البطيء بحق الأسرى داخل سجونها من خلال الإهمال الطبي.
وليست هذه المرة الأولى التي يعمد فيها الاحتلال إلى احتجاز جثامين فلسطينيين، فهي تحتجز جثامين العشرات إما في ثلاجات أو فيما تسمى “قبور الأرقام” من الذين تتهمهم بتنفيذ أو محاولة تنفيذ عمليات ضد “إسرائيليين”.
واستشهد الأسير أبو حميد، أمس الثلاثاء، بعد رفض الاحتلال الإفراج عنه رغم تدهور صحته بشكل خطير ودخوله في غيبوبة، بسبب سياسية الإهمال الطبي المتعمد من إدارة السجون، عقب إصابته بالسرطان.
وتعرض الأسير أبو حميد لجريمة الإهمال الطبي على مدار سنوات في السجون، وبدأ وضعه الصحي يتراجع بشكل خطير في أغسطس من العام الماضي، بعد الاكتشاف المتأخر لإصابته بسرطان الرئة.