أكد كاتبان ومحللان سياسيان أن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، سيكون له “نتائج إيجابية لحل القضايا العالقة في عدة ملفات، وسيقطع الطريق على دولة الاحتلال (الكيان الصيوني) للتمدد وتراجع مجالها الحيوي على ضفاف الخليج، وسيلغي ما عرف بالنيتو العربي“.
واعتبرت تمارا حداد، الباحثة السياسية في الشأن الإقليمي، أن “الاتفاق السعودي الإيراني، هو ثمرة التغيرات الدولية التي شهدتها المنطقة الإقليمية بعد الحرب الروسية- الأوكرانية“.
وأكدت حداد، في حديث لـ”قدس برس”، أن “الحرب، والتغيرات الدولية، أعادت تمحور التحالفات الإقليمية، وظهرت معالمها في منطقة الشرق الأوسط“.
وأشارت إلى أنه “سيكون لهذا الاتفاق انعكاسات إيجابية على إيران والسعودية، بحل القضايا العالقة، وتحديدا في الملف اليمني والعراقي واللبناني“.
واعتبرت حداد أن “الاتفاق خطوة نحو تعزيز الاستقرار في المنطقة من خلال التواصل الإيجابي، وحسن الجوار والانطلاق من أرضية مشتركة لبناء مستقبل آمن ومزدهر، والكف عن التدخلات الخارجية للدول، واحترام سيادة الدول المجاورة“.
وعدّت أن من تأثيرات إعادة العلاقات السعودية الإيرانية “السير نحو تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، بالتحديد بعد تشديد العقوبات على إيران من أوروبا وأمريكا؛ بسبب النووي الإيراني“.
وتابعت: “بناء الثقة بين البلدين سينعكس إيجابا ليس على الجانبين فقط؛ بل على جميع الدول العربية في منطقة الشرق الأوسط، لإعادة التوازن الإقليمي وإعادة الاستقرار للمنطقة العربية، بعد الفوضى الخلاقة التي أنتجها الأمريكان لإضعاف الدول العربية وسرقة مواردها الطبيعية“.
وأكدت الباحثة في الشأن الإقليمي أن هذا الاتفاق ينهي فكرة “البعبع الإيراني” في الخليج، التي عززت وجودها دولة الاحتلال في منطقة الشرق الأوسط، من أجل جعل “الدول العربية خانعة وخائفة ومتجهة نحو إسرائيل“.
وترى “حداد” أن رفض الاحتلال شرط السعودية، السعي نحو حصولها على متطلبات تكوين المشروع النووي لاستئناف التطبيع “شجع الرياض لإعادة العلاقات مع إيران لأنها علمت تماما أن التطبيع مع الاحتلال أساسه المصلحة للكيان الصهيوني وزرع الفتن والحروب“.
وأضافت: “النفوذ الروسي الصيني بات واضحا في منطقة الشرق الأوسط، وهذا سيعكر صفو الجانب الأمريكي والإسرائيلي؛ فإعادة العلاقات تشكل صفعة في وجه الجانبين“.
متغيرات إيجابية
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي حسن عبدو، أن “الاتفاق السعودي الإيراني سيكون له تأثير إيجابي، على التوافق على جملة من الملفات، وهي: الحرب اليمينة، الملف العراقي، الملف اللبناني، والملف السوري“.
وقال عبدو لـ”قدس برس”: “هذه الملفات سيكون عليها متغيرات إيجابية، فيما لو بقي هذا الدفع باتجاه تطوير العلاقات السعودية الإيرانية“.
وأضاف: “قد نشهد تراجع الصراعات العربية – العربية فيما بينها، بالإضافة إلى شكل من أشكال التوافق الإقليمي“.
وتابع: “حسن الجوار والعلاقات الإيجابية بين إيران والسعودية، سينعكس أيضا على العلاقات الخليجية الإسرائيلية، ووأد فكرة حلف الناتو العربي مع إسرائيل ضد إيران“.
وأشار “عبدو” إلى أن الاحتلال راهن على تسويق إيران كعدو يهدد منطقة الخليج، وبالتالي عقد ما سمي بـ”اتفاقات أبراهام” وجرى الحديث مطولا عن النيتو العربي ضد إيران.
ورجح الكاتب والمحلل السياسي تراجع فكرة “النيتو العربي” لـ”صالح اتفاقيات أمنية بين الدول الخليجية“.
وقال: “إسرائيل منذ الأمس لديها أشبه بالمأتم والتلاوم الداخلي، بأن الانشغال الداخلي الإسرائيلي والصراعات أعطت الإيرانيين والسعوديين فرصة لتسوية بالغة الأهمية سيكون لها تأثيرها على المنطقة كلها“.
وأضاف: “إسرائيل تتخوف من هذا الاتفاق، خاصة أن استراتيجيتها تقوم على الفصل والعزل والاستفراد بكل دولة على حدة وبطريقة مخالفة“.
وتابع: “الاتفاق يقطع الطريق على دولة الاحتلال، لتوسيع مجالها الحيوي بالوصول إلى ضفاف الخليج العربي وتطل من خلالها على مساحات مائية كبيرة“.
وأكد عبدو، على أن “دولة الاحتلال ستعمل بكل جهدها مع الولايات المتحدة، لوقف التقدم في العلاقات السعودية الإيرانية“.
وأعرب عن أمله أن “يستمر هذا المسار ويتطور، وألا يكون مجرد رسالة من السعودية للغرب، وشكل من أشكال تحسين موقعها التفاوضي مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل“.
واعتبر أن رعاية الصين لهذا الاتفاق، يشير إلى “وجود تحولات في النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عقود”، مضيفا أن “الاتفاق يؤكد أن هنالك تراجعا في مكانة الولايات المتحدة الأمريكية كقائد للنظام العالمي لصالح الصين“.
وأعلنت المملكة العربية السعودية وإيران، أمس الجمعة، استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، التي قُطعت عام 2016.
ووفق بيان ثلاثي؛ فقد جرى الاتفاق السعودي الإيراني بمبادرة من الرئيس الصيني شي جين بينغ؛ لتطوير علاقات حسن الجوار بين الرياض وطهران.