استشهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بآية قرآنية من سورة «التوبة»، خلال مشاركته في فعالية لإحياء اليوم الدولي لمكافحة «الإسلاموفوبيا»، مؤكداً أن رسالة الإسلام التي جاءت قبل أكثر من 1400 عام، هي السلام والتعاطف والرحمة، وكانت مصدر إلهام للناس في جميع أنحاء العالم.
ووصف غوتيريش «الإسلاموفوبيا» بأنها سُمٌّ، وقال في كلمته: إن مسلمي العالم الذين يبلغ عددهم نحو ملياري نسمة هم تجسيد للإنسانية بكل تنوعها، مشيراً إلى أنهم ينحدرون من كل ركن من أركان المعمورة، لكنهم يواجهون في كثير من الأحيان تعصباً وتحيزاً لا لسبب سوى عقيدتهم.
وأضاف الأمين العام أن الكراهية المتنامية التي يواجهها المسلمون ليست حدثاً منعزلاً، بل إنها جزء أصيل من عودة القومية الإثنية للظهور وأيديولوجيات النازيين الجدد الذين يتشدّقون بتفوق العرق الأبيض، والعنف الذي يستهدف الشرائح السكانية الأضعف، بمن في ذلك المسلمون واليهود وبعض مجتمعات الأقلية المسيحية وغيرهم.
وتابع: مع قرب حلول شهر رمضان المبارك، إن رسالة السلام والتعاطف والتراحم التي جاء بها الإسلام، منذ أكثر من 1400 عام، تشكل إلهاماً للناس حول العالم.
وأشار إلى أن كلمة إسلام ذاتها مشتقة من الجذر نفسه لكلمة سلام.
وقال: إنه رأى بنفسه عندما كان مفوضاً سامياً لشؤون اللاجئين سخاء الدول الإسلامية التي فتحت أبوابها لمن أجبروا على الفرار من ديارهم، في وقت أغلقت فيه دول أخرى كثيرة حدودها.
وأضاف أن ذلك السخاء يعد تجلياً معاصراً لما جاء به القرآن الكريم في سورة «التوبة»: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ).
وقال: إن هذه الحماية تكفل للمؤمنين وغير المؤمنين على السواء، وتعد تعبيراً مبهراً عن مبدأ حماية اللاجئين قبل قرون من إبرام اتفاقية عام 1951 للاجئين.
“رسالة السلام والتعاطف والتراحم التي جاء بها #الإسلام، قبل أكثر من 1400 عام، تلهم الناس حول العالم”.
الأمين العام للأمم المتحدة متحدثا في فعالية رفيعة المستوى حول مكافحة كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا).https://t.co/EuOmEbqTyj pic.twitter.com/2uLTkgXaK3
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) March 10, 2023
«الإسلاموفوبيا» متجذرة في كراهية الأجانب
من جانبه، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة تشابا كوروشي: إن اعتماد قرار تخصيص يوم دولي لمكافحة «الإسلاموفوبيا» بالإجماع، العام الماضي، يُظهر بوضوح الحاجة لإجراء حوار على مستوى عالمي للتشجيع على التسامح والسلام.
وقال مخاطباً الدول الأعضاء بالأمم المتحدة: لقد أقررتم -بقلق عميق– بتنامي التمييز والتعصب والعنف ضد أفراد كثير من الأديان والمجتمعات الأخرى بأنحاء العالم، بما في ذلك الحوادث المدفوعة بكراهية الإسلام، وبتخصيص هذا اليوم الدولي تعهدتم بالعمل بهذا الشأن.
ومثل الكثير من العلل الاجتماعية، كما قال كوروشي، تتجذر «الإسلاموفوبيا» في كراهية الأجانب والخوف من الغرباء وبالتحديد الخوف من غير المألوف، وقال رئيس الجمعية العامة: إن ذلك الخوف ينعكس في الممارسات التمييزية وحظر السفر وخطاب الكراهية والتنمر واستهداف الآخرين بسبب ملابسهم في بعض الأحيان.
وأضاف كوروشي: إن الآثار الضارة لهذا التمييز تتضاعف على وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً من قبل المتطرفين الذين يستخدمون الصور النمطية السلبية كأداة للتجنيد في صفوف جماعاتهم.
وتابع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «الإسلاموفوبيا» جزء من عودة ظهور القومية العرقية والتفوق العرقي ووصمة العار والكراهية التي تستهدف المجتمعات الدينية والوطنية والعرقية واللغوية.
وشدد على أهمية أن تفعل شركات التواصل الاجتماعي المزيد عبر إزالة خطاب الكراهية من منصاتها ومحاربة انتشار المعلومات المضللة، كما أكد أهمية أن تشارك المرأة بشكل متساوٍ في المناقشات حول «الإسلاموفوبيا».
وفي ختام كلمته، دعا رئيس الجمعية العامة إلى النهوض بالقيم المشتركة للتضامن والاحترام المتبادل وبناء مزيد من جسور التفاهم.
اليوم الدولي لمكافحة “الإسلاموفوبيا”
وعقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة فعالية لإحياء «اليوم الدولي الأول لمكافحة كراهية الإسلام» (الإسلاموفوبيا)، بمشاركة الأمين العام للمتحدة، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، والممثل السامي لتحالف الحضارات، بالإضافة إلى أكاديميين ومختلف الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.
وذكرت الأمم المتحدة أن الفعالية تسعى لتحقيق عدد من الأهداف، منها النظر في سبل الحد من «الإسلاموفوبيا» عالمياً، والدعوة للتضامن والتعاون لمكافحة التمييز والعنف ضد الأشخاص بناء على دينهم أو معتقداتهم، بما في ذلك الخطاب المعادي للمسلمين الذي قد يؤدي إلى التنميط العنصري والتمييز والصور النمطية السلبية ووصم المسلمين.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت، في مارس 2022، القرار رقم (254/76) لإعلان 15 مارس يوماً دولياً لمكافحة «الإسلاموفوبيا».