نعى د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، د. حسن الترابي نعياً مطولاً تحت عنوان “د. الترابي العالم الداعية المفكر المجاهد”، وصفه فيه بالعالم، المفكر، الداعية، المجاهد، الثائر، أحد من امتلأت حياتهم بالعلم والعمل، والدعوة والجهاد، وأنه كان بحق أحد رجالات الأمة العربية والإسلامية، وأحد رجالات الفكر والتربية والسياسة، لا يشك في ذلك أحد، فهو مفكر وزعيم سياسي وديني، يعتبر من رواد التجديد السياسي الإسلامي.
وقال القرضاوي: حسن الترابي هو الحسن الثالث في الإسلاميين، بعد حسن البنا الأول، وحسن الهضيبي الثاني، هو سوداني قح، تعلم القرآن الكريم وحفظه وجوّده في صباه، وتعلم اللغة العربية والشريعة، ولم يتغير فكره الإسلامي الأصيل عن أصله، رغم أنه حصل على قمة الدراسات العليا في الغرب.
منهجه عروبي إسلامي
وحول منهج الترابي كما يراه القرضاوي قال: وكان منهج الترابي منهجاً عروبياً إسلامياً، يركز على عدة أمور:
1- قضية الإيمان بالله رباً وبالإسلام ديناً وبالشريعة والتربية منهاجاً عاماً.
2- حرية الشعوب جزء من الفرائض الإسلامية، التي نجاهد في سبيلها.
3- حرية التعبير والفكر والمقاومة للظلم فرائض أساسية.
4- قضية فلسطين قضية أصيلة، لا يجوز التهاون فيها، والدفاع عنها فريضة.
5- العدالة الاجتماعية ومحاربة المظالم والطغيان والفساد جزء لا يتجزأ من الإسلام.
6- الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها أمة واحدة يجب أن تتوحد، ولا يجوز أن تتفرق.
7- نسالم كل من يسالمنا ونضع أيدينا في يده، ونعادي كل من عادانا.
8- البشرية كلها أبناء آدم، وكلهم إخوة، وعليهم أن يتحابوا ويتعاونوا.
آراء الترابي الشرعية
وعما أثير حول آراء الترابي الشرعية ومخالفته لما استقر عليه علماء الأمة في بعض المسائل، قال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: وكان للترابي رحمه الله آراء في الفقه والأحكام يراها كثير من الناس مسرفة، ونزاعة إلى الغلو في الاجتهاد، ومحاولة طأطأة رأس الشريعة العالية، لتنزل إلى قاع المجتمع، الذي بدأ يتضعضع وينخفض، وينزل إلى أسفل إلى حد كبير، وهو ما أحس أني غير مستريح إلى هذه الاجتهادات التي اعتبرها شاذة.
على أن للترابي ميزة ليست لغيره من السياسيين، إنه ليس مجرد زعيم سياسي، ولكنه رجل فقه ودعوة، ينطلق في كل مواقفه وأعماله من فكر مؤطر، وهو فكر ينبثق من الإسلام، أي من القرآن والسُّنة، وما تفرغ عنهما من الأصول والمقاصد والقواعد، وهو لا بد أن يستند إلى هذه الأصول ويحتكم إليها، ويسائلها وتسائله، ويجاوبها وتجاوبه، فإن تجاوبت معه في الجملة وأعطته فرصة، ولم يجد من يرد عليه غلطه، ويبين له موضع خطئه، فهو معذور، بل هو مأجور حتى وإن أخطأ، وهذه إحدى روائع الاجتهاد الإسلامي، المهم أن يكون الشخص قد بلغ مرتبة الاجتهاد، وأن يراجع في مسألته كل ما يمكنه، وأن يتشاور مع أمثاله من أهل الاجتهاد، ومن أهل الفكر ما يستبين به الموقف كله بما له وما عليه، ثم يتخذ الموقف على بصيرة، فإن كان صواباً فله أجران، وإن كان خطأ فله أجر واحد، كما جاء في حديث عمرو بن العاص في الصحيحين.