- تزوجت رجلاً يكبرني بأكثر من عشرين عاماً، ولم أكن أعتبر فارق السن حاجزاً يبعدني عنه، أو ينفرني منه، لو أعطاني من وجهه ولسانه وقلبه ما ينسيني هذا الفارق، ولكنه –للأسف– حرمني من كل ما يشعر المرأة بكيانها وأنوثتها، ومكانتها في قلب زوجها.. إنه لا يبخل عليَّ بالنفقة ولا بالكسوة، كما أنه لا يؤذيني، فهل المطالب المادية هو كل ما على الزوج للزوجة؟ وهل الناحية النفسية لا قيمة لها في نظر الشريعة؟
– الشريعة أوجبت على الزوج أن يوفر لامرأته المطالب المادية بحسب حاله وحالها، أو كما قال القرآن: “بالمعروف”.
ولكنها لم تغفل أبداً الحاجات النفسية التي لا يكون الإنسان إنساناً إلا بها.
بل إن القرآن الكريم يذكر الزواج باعتباره آية من آيات الله في الكون ونعمة من نعمه تعالى على عباده، فيقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21).
ومن هنا يخطئ كثير من الأزواج –الطيبين في أنفسهم– حين يظنون أن كل ما عليهم لأزواجهم نفقة وكسوة ومبيت، ولا شيء وراء ذلك، ناسين أن المرأة كما تحتاج إلى الطعام والشراب واللباس وغيرها من مطالب الحياة المادية، تحتاج مثلها –بل أكثر منها– إلى الكلمة الطيبة، التي تطيب بها النفس، ويذهب بها الهم، وقد ذكر الإمام الغزالي في حقوق الزوجية وآداب المعاشرة جملة منها لا تستقيم حياة الأسرة بدونها، ومن هذه الآداب التي جاء بها القرآن والسُّنة:
حسن الخلق مع الزوجة، واحتمال الأذى منها، قال الله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: 19)، وقال في تعظيم حقهن: (وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً) (النساء: 21).
قال الغزالي: واعلم أنه ليس حسن الخلق معها كف الأذى عنها، بل احتمال الأذى منها، والحلم عند طيشها وغضبها، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت أزواجه يراجعنه الكلام، وتهجره الواحدة منهن يوماً إلى الليل.
العدد (2072)، ص62 – شعبان 1435ه – 2014م