- هل يجوز إنفاق مال الزكاة في بناء مركز إسلامي في بلاد الغرب؟
– أود أن أبين هنا أن من مصارف الزكاة التي نص عليها القرآن الكريم مصرف “في سبيل الله”، وقد اختلف الفقهاء في تفسير سبيل الله، فمنهم من قصره على “الجهاد”؛ لأنه المتبادر عند إطلاق الكلمة، وهذا هو رأي الجمهور.
ومنهم من جعله يشمل كل طاعة أو مصلحة للمسلمين، ويدخل في ذلك بناء المساجد والمدارس والقناطر وتكفين الموتى من الفقراء، وغير ذلك من كل ما هو قربة أو مصلحة.
والذي أراه أن مصرف “في سبيل الله” يتسع –على الرأيين جميعاً– لينفق منه على إنشاء مراكز إسلامية للدعوة والتوجيه والتعليم في البلاد التي يهدد فيها وجود المسلمين بالغزو التنصيري أو الشيوعي أو العلماني، أو غير ذلك من الملل والنحل، التي تعمل على سلخ المسلمين من عقيدتهم أو تضليلهم عن حقيقة دينهم، وذلك مثل وضع المسلمين خارج العالم الإسلامي، حيث يكونون أقلية محدودة الإمكانات في مواجهة الكثرة صاحبة النفوذ والسلطان والمال.
وأما على الرأي الآخر، فلا شك أن إنشاء هذه المراكز هو ضرب من الجهاد الإسلامي في عصرنا، وهو الجهاد باللسان والقلم والدعوة والتربية، وهو جهاد لا يستغني عنه اليوم لمقاومة الغزو المكثف من قبل القوى المعادية للإسلام، وكما أن من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، فكذلك من دعا وعلَّم ووجَّه لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
إن المركز الإسلامي اليوم بمثابة قلعة للدفاع عن الإسلام، ولا بد من مركز للحق يقاوم الباطل، ومن قلعة للإسلام في مواجهة الكفر المدعوم من الداخل والخارج: (هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد: 38)، سدد الله خطاكم، وأعانكم على إحقاق الحق، وإبطال الباطل ولو كره المجرمون.
العدد (2093)، ص62 – جمادى الأولى 1437ه – مارس 2016م