أحدث الإنترنت ثورة هائلة في تاريخ الإنسانية بأهم مجالات الحياة؛ في التعليم والاتصال والسياسة والاقتصاد والصناعات الإستراتيجية والحروب، وكانت له آثار خطيرة.
ومن أهم التطبيقات على شبكة الإنترنت «يوتيوب»؛ وهو تطبيق بث وتخزين التسجيلات المرئية.
وقد تأسس هذا التطبيق في ديسمبر 2005م، على يد ثلاثة شبان، هم: جواد كريم، وستيف تشن، وتشاد هيرلي، وقد حقق الموقع رواجاً ونجاحاً مدوياً وانتشاراً هائلاً، واشترته شركة «جوجل» في أكتوبر 2006م، بمبلغ مليار و650 مليون دولار.
ولهذا التطبيق «يوتيوب» تأثير خطير؛ حيث يوجب علينا توضيح مدى مشروعيته في الشريعة الإسلامية، وضوابطه وحدوده، والسبيل لتطوير «يوتيوب» إسلامي بلغات العالم الحية، لإبلاغ دعوة الإسلام للعالمين.
حكم «يوتيوب» في الشريعة الإسلامية
«يوتيوب» وسيلة إعلامية حديثة يمكنها الوصول إلى مليارات البشر في بيوتهم، وهي تحمل مضموناً متبايناً، فقد يوصل لهم الهدى والضلال، والخير والشر، والفساد والصلاح، فهل يجوز شرعاً للمسلمين استعمال «يوتيوب»، واعتباره مصدراً موثوقاً لتعلم أحكام الدين؟
والإجابة المختصرة: نعم.
يجوز للمسلم استخدام «يوتيوب» في التعلم والتعليم، للداعي والمدعو؛ لأن الإسلام يأمر بالأخذ بأحسن ما توصلت إليه الحضارة الإنسانية في كل مجالات الحياة؛ (وَأۡمُرۡ قَوۡمَكَ يَأۡخُذُواْ بِأَحۡسَنِهَاۚ) (الأعراف: 145)، وخاصة الاستفادة منه تعلماً وتعليماً.
ضوابط مشروعية «يوتيوب»
– إخلاص النية لله عز وجل، إن كان صانع محتوى أو مشاهداً، أو عالماً أو متعلماً، أو داعياً أو مدعواً، فصانع المحتوى على «يوتيوب» يجب أن تكون نيته إرضاء الله وتعالى، وليس الشهرة أو جمع المال، فإن كانت نيته خالصة لوجه ربه تعالى، ثم جاءت الشهرة أو المال، فلا بأس.
– مراقبة الله عز وجل، وخشيته، والخوف منه، في كل ما نفعل وما نترك في عالم «يوتيوب»؛ (يَوۡمَ تَجِدُ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ مِنۡ خَيۡرٖ مُّحۡضَرٗا وَمَا عَمِلَتۡ مِن سُوٓءٖ تَوَدُّ لَوۡ أَنَّ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَهُۥٓ أَمَدَۢا بَعِيدٗاۗ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفۡسَهُۥۗ وَٱللَّهُ رَءُوفُۢ بِٱلۡعِبَادِ) (آل عمران: 30).
– الصدق وامتثال أوامر الشرع واجتناب نواهيه في كل ما يقدمه صانع المحتوى، فإن كذب أو دلس، ليزيد في المشاهدات، أو ليزيد في العائد المادي كان آثماً، وكان المال حراماً.
– على المشاهد أن يغض بصره عن المحارم، وعن عورات الناس؛ لأن الله عز وجل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
– المرأة التي تقدم محتوى على اليوتيوب يجب عليها أن تلتزم تعاليم الإسلام وآدابه، خاصة في ملبسها، وصوتها.
– صناعة المشاهد الفاضحة، أو مشاهدتها من كبائر المحرمات، وتجر على المرء الخزي والخسران في الدنيا، والعذاب الأليم يوم الدين، ولها من الأضرار والمضار الصحية والبدنية والنفسية ما يعجز الإنسان عن عده.
– المونتاج والأمور الفنية المتعلقة بجودة الفيديو وجعله أكثر تشويقاً وجاذبية، لا حرج فيها شرعاً، طالما لم يرد فيها ما يخالف الشرع.
– التدليس على المشاهد بأي شكل من الأشكال، أو بأي حيلة من الحيل، لإبطال حق، أو إحقاق باطل، حرام شرعاً، والعائد المادي من وراء هذا العمل كسب خبيث يحرم تناوله، ومن يفعل ذلك فقد باء بغضب من الله عز وجل، لا يرفعه إلا التوبة والندم على ما فات.