الشجاعة صبر ساعة..
والشجاعية الموقعة الكبرى ولها من اسمها نصيب.
وقد أهدت “شاؤول آرون” لغزة بل وللأمة وكانت صفعة للعملاء والمندسين في جسم الأمة.
أوجعتم عدوكم وجرحتم غروره وكبرياءه فارتكبوا مجازرهم في الشجاعية؛ مداراة لشعبهم الحاقد.
نعم.. إنهم يخفون مخازيهم وخسائرهم، فهم لا يحتملون الخسائر الكبرى، ويكذبون على عائلات جنودهم، لا غرابة فقد اعتادوا أن يخوضوا حروبهم مع الأنظمة فقط منذ 1948م، وقد تفاهموا دائماً على بداياتها وأبعادها ونهاياتها إلا ما ندر.
لكنهم منذ اليوم سيواجهون شعباً بلا سلطات ولا محددات ولا صفقات خلفية دون أن تعلم بها الشعوب وحتى الجيوش كما كان.
واليوم يواجهون شعباً حراً لا يعتمد إلا على الواحد الأحد.
شبابهم جميعاً تحت السلاح, قادتهم وأبناء قادتهم وعائلاتهم من أوائل الشهداء من عام 2008م ومروراً بعام 2012م لا يستعرضون ولا يظهرون إلا للعدو عندما يصفعونه على قفاه أو على وجهه أثناء غزوهم.
شباب يقدرون قداسة العرض والأرض والكرامة,
يعيشون تحت الأرض التي حفروها بأيديهم يوم كان شباب العرب يلهون, حفاظاً عليها لا على أرواحهم.
إنّهم تحدوا عدوهم أن يواجههم على الأرض مراراً.
ساق الله إليهم ما يشفي به صدور قوم مؤمنين، ولأول مرة منذ تاريخ الصراع الشكلي التقليدي مع العدو الصهيوني يتجرع العدو مرارة الهزيمة المحققة.
إنها الصورة الأولى المصغرة للمستقبل الصهيوني للمصير المحتوم الذي ينتظر الاحتلال الغاصب القاتل المجرم. أتدرون ما الذي يفصلنا عنه؟ فقط هو تحرر الشعوب العربية والإسلامية، وهو قريب رغم الإعاقات التي لن تصمد طويلاً.
أبشروا..
إن الاستهانة بالموت مقدمة النّصر وأنتم مدرستها.
إن الاستشهاد أعظم بشائر الصدق والنصر، ولم ينافسكم بها أحد.
وإن الثبات والاحتساب والأمل من شروط النصر، وقد سطرتم ما يشبه المعجزات البشرية.
حتى أخذ يتردد في المجالس: إذن ماذا لو تحرر بلد التسعين مليوناً، والخمسين مليوناً، والعشرين مليوناً التي تمتلك المليارات والكفاءات؟ وفي غزة أقل من مليونين على أرض محاصرة ليس فيها من الثروات ما يذكر.
فقد عدوكم صوابه..
ونسي تمثيلياته على العالم أنه الإنساني الديمقراطي المتقدم في المنطقة.
ثقيل على النفس جداً أن ينتصر لعدوكم أولياؤه من شرق وغَرْب بالسلاح والمال والإعلام والموقف، بينما يعجز محبوكم عن فعل شيء لنصرتكم, وقد تزيد آلامهم عن ألم معاناتكم وجراحاتكم فأنتم أحرار ونحن عبيد, لكن كبت الآلام والمعاناة والقهر والكيد لن يذهب سدى وسينفجر بعد حين.
هنيئاً لكم لأنكم تستطيعون فعل ما تشاؤون، ولسنا كذلك فيقتلنا الهم والغم.
رحم الله الشهداء الأبرار، وثبت الله المجاهدين، وأعمى عيون الظالمين عنهم.