حقق الإسلاميون بالجامعة، وهم قيادات الاتحاد العام التونسي للطلبة، انتصاراً كبيراً في انتخابات المجالس العلمية وبفارق كبير عن أهم المنافسين، وهو الاتحاد العام لطلبة تونس، الذي يسيطر عليه اليساريون، وذلك بعد محاولات من الاتحاد المنافس، تأجيل موعد الانتخابات، وخوضه إضراباً يوم الانتخابات في 13 نوفمبر 2015م.
الإسلاميون في المرتبة الأولى
حصل الاتحاد العام التونسي للطلبة على نسبة 42.35% من المقاعد في المرتبة الأولى، يليه الاتحاد العام لطلبة تونس، بنسبة 20.8% من المقاعد، في حين حصل المستقلون (إسلاميون)، ومترشحون عن منظمة صوت الطالب التونسي (إسلاميون) ونداء الطلبة على نسب ضعيفة، في حين أعرب الكثيرون عن استغرابهم من وجود 21.5% من المقاعد لم يترشح أي طالب لها، ولم يقع التنافس عليها من الأساس.
وتعكس هذه الأرقام موقف الطلبة في تونس من خطابين متناقضين داخل الجامعة؛ خطاب يقدم نفسه ناطقاً رسمياً ووحيداً باسم الطلبة، رغم خوضه الانتخابات ومنافسة الآخرين، وهو ما يمكن ملاحظته في مدارج الجامعة التونسية، حيث لا يجهد المرء نفسه في العثور على شعارات لاتحاد اليساريين، يعقبها بعبارة “الممثل الشرعي والوحيد للطلبة”، رغم الهزائم المنكرة والمتتالية في الانتخابات، وخطاب يؤكد أن الجامعة كما تونس هي لكل التونسيين، وأن الفيصل هو صندوق الاقتراع، بعيداً عن العنف والفوضى والمزايدات والمشاحنات والصراعات الأيديولوجية والسياسية، وجعل الجامعة كما تونس فضاءً للتنافس في خدمتها، وليس خدماتها، وقد انحاز الطلبة كما يبدو للخيار الثاني؛ خيار التعددية والتعايش والتنافس وفق الآليات الحضارية بعيداً عن الهمجية وعقلية المغالبة الرخيصة والهمجية.
انتصار رغم الخروقات
الأمين العام للاتحاد العام التونسي للطلبة راشد الكحلاني، أكد لـ”المجتمع” وجود خروقات ومحاباة من قبل الإدارة لصالح اتحاد اليسار، ومع ذلك تحقق النصر، حيث قال الكحلاني: انتصر الاتحاد العام التونسي للطلبة بـ226 مقعداً، ونشر قائمة اسمية أمام وسائل الإعلام، ومن يتحدّث كالعادة عن أرقام نوفمبرية (نسبة لنظام 7 نوفمبر المنهار) في الانتخابات فعليه أن ينزل قائمة بأكثر من 226 مقعداً حتى ينتصر على الاتحاد عبر آلية الديمقراطية التي تريد الحرية المسؤولة وليس الحرية المطلقة التي أباحت للمتطرفين الذين يؤمنون بها أن يعتدوا على الوعي الطلابي والعقل المنفتح بالجامعة، وأن يستبيحوا حرمات الطلبة والإداريين والأساتذة والمرفق العلمي والعملية الانتخابية.
واستشهد الكحلاني ببعض الأمثلة في كلية حقوق سوسة التي فاز بها أبناء الاتحاد العام التونسي للطلبة بثلاثة مقاعد بفارق كبير، ومعهد ابن شرف الذي خسر فيه الاتحاد المرحلة الأولى بفارق 8 أصوات، مسجلاً انتهاكات صارخة، واستعمال الإدارة لنفوذها للتأثير في العلمية الانتخابية، وذلك بمنع الطلبة المناصرين للاتحاد العام التونسي للطلبة، من الحصول على بطاقات طالب للتصويت وعددهم بالعشرات، وكلية 9 أبريل وماطر وبرج السدرية والعديد من المؤسسات.
واشتكى راشد الكحلاني من حرمان الطلبة من حقهم الشرعي في اختيار ممثليهم بعدة طرق، الاتحاد رغم فوزه للسنة الثالثة على التوالي على منافسيه، وبفارق كبير، فإنه مازال يعتبر أن حق الطلبة في عملية انتخابية ديمقراطية لا تشوبوها التشوهات التي ذكرنا، مازال مهدداً ومعطلاً في كلية الآداب بمنوبة و9 أبريل وابن شرف وحقوق تونس المنار على خلاف بقية المؤسسات وعددها 194مؤسسة.
وشدد على أن الاتحاد العام التونسي للطلبة سيتابع كل التجاوزات التي حصلت في الانتخابات مع سلطة الإشراف لدى الهياكل القضائية، ولن نتراجع عن حق الطلبة في تطبيق القانون ومحاسبة المعتدين على إرادة الطلبة والكرامة الطلابية.
كما أكد حرص الاتحاد العام التونسي للطلبة هذه السنة على توطين العملية الديمقراطية في المؤسسات المذكورة، وقد لامست المنظمة التفافاً طلابياً كبيراً، إلا أن ضعف تطبيق القانون وغياب الشفافية، وعدم احترام المهنية الأكاديمية، حال دون تمتع الطلبة بحقهم في ممارسة ديمقراطية شفافة تشرف الجامعة وتشرف العلوم الإنسانية والأدبية.
وعن الأهداف الإستراتيجية للاتحاد العام التونسي للطلبة، من خلال خطابه ونشاطه ونضالاته، أفاد الكحلاني بأن الاتحاد العام التونسي للطلبة يعمل من أجل جامعة شعبية، وتعليم ديمقراطي، وثقافة وطنية، في خطابه وبرامجه وأهدافه، وهو أمين على تنزيل شعارات الحركة الطلابية حقيقة داخل الجامعة وبين الطلبة.
تاريخ من النضال
تجدر الإشارة إلى أن الاتحاد العام التونسي للطلبة قد تم حظره في تسعينيات القرن الماضي، وتمت ملاحقة مناضليه من الطلبة، فقتل من قتل، وسجن من سجن، وحرم من الدراسة من حرم، وفر من فر منهم إلى الخارج، في حين ظل الاتحاد العام لطلبة تونس، يعمل حراً طليقاً بالجامعة، بل تبوأ بعض قياداته مناصب رفيعة، مثل أمينه العام سمير العبيدي، الذي نصبه بن علي وزيراً، وكان إلى جانب الطاغية حتى سقوطه وفراره في 14 يناير 2011م.
وقد عمل قدماء الاتحاد العام التونسي للطلبة، ومنهم القيادات البارزة في حركة النهضة، مثل د. عبداللطيف المكي، الذي كان وزيراً للصحة في عهد الترويكة، وعضو مجلس نواب الشعب، الحالي، القيادي البارز، العجمي الوريمي، والقيادي البارز، وزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبدالسلام، والمئات من أبناء الاتحاد القدامى على تكوين جمعية قدماء الاتحاد العام التونسي للشغل، وقد تم إحياء الاتحاد بعد الثورة، وعاد لقيادة الجامعة، تمهيداً لقيادة البلاد.