“وقوف دول العالم الإسلامي مع الأقليات المسلمة لم يكن جادّا ولم يستجب لاحتياجاتها ونداءاتها؛ بل غابت الإرادة السياسية اللازمة لذلك على الأرجح”.. بهذه الكلمات انتقد حسام شاكر، الكاتب والمحلل في الشؤون الأوروبية والدولية، الموقف المتخاذل للدول الإسلامية تجاه إخوانهم من أبناء الأقليات المسلمة حول العالم.
وخلال تغريدات متتالية على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الثلاثاء 9 أغسطس2016م، حاول شاكر – المقيم في النمسا – توضيح عدة مسائل ذات أهمية تتعلق بالأقليات المسلمة ودورها في مجتمعاتها المحلية.
ملف مهم
في تغريدته الأولى ضمن عدة تغريدات حول الأقليات المسلمة؛ سعى الباحث والإعلامي شاكر لتوضيح أهمية هذا الملف (الأقليات المسلمة) بالنسبة للعالم الإسلامي، فمن حيث الانتشار الجغرافي تغطي الأقليات المسلمة رقعة واسعة عبر العالم، من شرق آسيا (الفلبين مثلاً) إلى أمريكا اللاتينية (سورينام مثلاً)، فضلاً عن انتشار المسلمين عالمياً.
وتزداد أهمية هذا الملف من خلال الأرقام؛ حيث إن حجم الأقليات المسلمة من الناحية العددية، يكاد يقارب، الحجم العددي للمسلمين الذين يعيشون في قلب العالم الإسلامي، وفقاً للكاتب في تغريدته الثانية.
تصحيح النظرة
بينما في تغريدته الثالثة والرابعة، شدد الباحث على أهمية تصحيح النظرة ورؤية العالم الإسلامي للأقليات المسلمة، حيث قال: يمكن التعرّف على الأقليات المسلمة من خلال انتمائها الديني، أي الإسلام، ولكن لا يصحّ إغفال خصوصّياتها القومية والثقافية والإثنية.
وأضاف: ينبغي تجاوز نظرة تقليدية تعزل الأقليات المسلمة عن النسيج المجتمعي العريض والمتنوع الذي ينبغي أن يجمعها تحت سقف المواطنة والهوية الجامعة.
تراجع الحقوق والحريات
وحول تأثر ملفي الحقوق والحريات المتعلق ببعض الأقليات المسلمة بشكل سلبي بعد أحداث سبتمبر بأمريكا، أوضح شاكر بأن التطورات المتلاحقة منذ 11 سبتمبر 2001م نقصت من حقوق بعض الأقليات المسلمة وحرياتها، وأنعشت الانتهاكات ضدها تحت لافتة “مكافحة الإرهاب”.
غياب للدور
بينما واقع الأقليات المسلمة على المستوى المحلي؛ ونظراً لعوامل خارجية داخلية غاب دورها المرجو تجاه مجتمعاتها؛ بل أكثر من ذلك استدركوا في معارك جانبية أو صراعات مسلحة استهلكت جهودهم وانعكست آثارها بشكل سلبي على واقعهم.
فقد أشار خبير العلاقات الدولية إلى أن واقع كثير من الأقليات المسلمة دون المرتجى في مجالات عدة، أو هو أدنى من المنسوب العام اقتصادياً وسياسياً وثقافياً وإعلامياً لمجتمعات “الأغلبية”.
ليس هذا فحسب؛ بل زاد على ذلك استدراج بعض الأقليات المسلمة إلى أتون صراعات ونزاعات مسلحة أتى على كثير من الفرص المحدودة المتاحة لها، وعطّل مساعي نهوض تشتدّ حاجتها إليها.
تواصل وتجنب للصدام
وفي ظل هذا الواقع السلبي؛ قدم شاكر في آخر تغريدتين له بهذا الملف، نصائح لتطوير الدور المرجو من المسلمين بالدول غير الإسلامية، مؤكداً أنه من المهم تطوير التواصل الإيجابي المتبادل بين الأقليات المسلمة ومجتمعات الأغلبية غير المسلمة، على أساس الشراكة في المواطنة والتكافؤ في الفرص.
كما شدد على أنه ينبغي في الأزمات التفريق بين الدولة والمجتمع؛ فانزلاق أقلية إلى صراع مع سلطة استبداد لا يبرر مواجهة الشعب بأي شكل كان.
سلبية النظرة
وانتقد قصر نظرة العالم الإسلامية إلى الأقليات المسلمة واعتبرها تركز على الجانب السلبي وتتجاهل الجوانب الإيجابية التي تعيشها أقليات أخرى، مشيراً إلى أنه تميّز تفاعُل العالم الإسلامي مع الأقليات المسلمة بالتركيز، المفهوم بالطبع، على أقليات واقعة في بؤر الأزمات والصراعات، وجرى تجاهُل ما عداها.
واعتبر أن قصر الاهتمام على بؤر الحروب والأزمات، يعد مسلكاً اختزالياً يحكمه فهم الأقلية والأكثرية بمنظور الصراع والتنازع، لا التوافق والتواصل.
يشار إلى أنه لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة لعدد المسلمين في الدول غير الإسلامية حول العالم؛ وإن كانت التوقعات وفقاً لمؤسسات إسلامية في كثير من الدول في مجملها تشير إلى أن العدد الأدنى للمسلمين بالدول غير المسلمة لا يقل عن 500 مليون نسمة، وقد يزيد على هذا العدد كثيراً، وهو ما يعني أن ثلث مسلمي العالم يعيشون في دول غير إسلامية على امتداد قارات العالم الست.