لا يختلف اثنان على حقيقة الديمقراطية التي تتظاهر بها حكومة إيران ومرشدها الأعلى، فهي تدعي الصبغة الإسلامية، لكن الأيام أثبتت عكس ذلك للعالم أجمع، فالمتعارف عليه والسائد في القانون السماوي والوضعي أن الجاني لا يُدان إلا بعد ثبوت الأدلة القاطعة عليه، فكيف بدولة تدعي التدين وتُعدم آلاف الرجال بقرية واحدة وفي وضح النهار دون أي جرم أو جريرة ارتكبوها سوى أنهم من الطائفة السُّنية التي لا تؤمن بشريعة ولاية الفقيه؟!
وكيف بحكومة تدعي الديمقراطية بحرية التعبير وتمارس الأحكام التعسفية، وتفرض القيود الصارمة على الإعلام ومنظمات الشفافية وحقوق الإنسان العاملة هناك؟! منتهكة بدكتاتوريتها الدموية كل النظم والدساتير العالمية التي أطلقت العنان لحرية التعبير عن الرأي، فقد مارستْ إيران أبشع الأساليب الإجرامية بحق وسائل الإعلام وأدواته البارزة والناشطين في مجال حقوق الإنسان المناهضة لسياسته القمعية ومشاريعه الدموية القائمة على عقوبة الإعدام بحق الإيرانيين والشعوب المجاورة له، ولعل في الحكم على الصحفية والناشطة في ذلك المجال الإنساني نرجس محمدي بالسجن عشر سنوات بتهمة مطالبتها بإلغاء عقوبة الإعدام بحق الأبرياء والعزل في إيران خير مثال!
وكيف بحكومة تدعي الديمقراطية وتنتهك التشريعات السماوية والأعراف الاجتماعية وفي مؤشر خطير يظهر مدى فداحة الأحكام وصرامة القيود التي تفرضها على شعبها؟!
فقد أصدرت حكماً بالإعدام بحق رجل الدين الشيعي الإيراني ميرزا تقي سبيويه في الآونة الأخيرة متهمة إياه بتأسيس حركة مناهضة لولاية الفقيه، لكن الحقيقة خلاف ما تدعيه تلك الحكومة الفاسدة برمتها، فقد نقلت العديد من وسائل الإعلام تصريحاً لسبيويه دعا فيه كل الأحزاب والحركات والتيارات الشيعية بإيران والتوَّاقة للتغيير في ظل الأحداث المصيرية الحساسة في تاريخ الأمة الإسلامية عموماً والمذهب الشيعي خصوصاً أن تدرس بجدية الالتحاق برجل الدين الشيعي والداعي العراقي الصرخي الحسني صاحب المواقف المناهضة للمشروع الطائفي الذي تدعمه ولاية الفقيه في إيران وتغذيه.
ومن الجدير بالذكر أن الصرخي يعتبر هذه الولاية توسعية بمسوغات طائفية، فقد أكد ذلك في وقت سابق قائلاً: والشرط الرئيس في ولاية الفقيه هو الأعلمية، فلابد من وجود ملازمة بين الولاية للفقيه والأعلمية، وتدور الولاية مدار الأعلمية، وبخلاف هذا اللحى تكون الولاية باطلة جزماً، ومن الواضح أن التطبيق الخاطئ لها أدى إلى مجازر بشعة وطائفية وقاتلة وبحار من الدماء، ومن هنا ندعو إلى حكم مدني عادل منصف لا يخالف الخط العام للدين والأخلاق.
فهذه إيران وهذه ديمقراطيتها المزيفة، فظاهرها كلام معسول يسيل له اللعاب، وأما جوهرها فيندى له جبين الإنسانية، فمن قتل وتشريد وتطريد للعباد إلى مجازر بشعة فاقت بشاعة الإبادة الجماعية وصولاً إلى تكميم الأفواه وقتل للعلم والعلماء.