لحظة الإفراج لا تكاد توصف للمحرر المقدسي إبراهيم العباسي (أبي علي)، الذي أمضى 18عاماً في الاعتقال، بعد اتهام له بقيادة خلية نفذت عمليات مقاومة، أدت لمقتل مستوطنين، وتمت معاقبته بحكم قاسٍ بالرغم من عدم اشتراكه بشكل مباشر في العمليات الفدائية.
في سلوان حامية المسجد الأقصى الجنوبية، نام المحرر إبراهيم العباسي داخل منزله لأول مرة منذ 18 عاماً، بدون تفتيش ليلي وعملية العدد القاسية، وأصوات السجانين العنصرية.
عذابات الأسر
فضل المحرر إبراهيم العباسي في لقائه مع “المجتمع” الحديث عن عذابات الأسر، خلال هذه الرحلة الطويلة، ويقول: فقدت أحبة في هذه الرحلة وهم والدتي وشقيقتي وأزواج شقيقاتي ووالد زوجتي، والاحتلال حرمني من إلقاء النظرة الأخيرة عليهم، وكانت محطة الموت تخطف مشاعري داخل الأسر، وكنت أشعر بالاختناق، إلا أن الصبر هو سلاح الأسير في مقاومة ظلم السجن والسجان.
ضحى.. قصة مثيرة
تحدث الأسير المحرر إبراهيم العباسي عن قصة إنسانية تخص ابنته ضحى التي ولدت وهو في الاعتقال الأول وزارته مع والدتها وعمرها سبعة أيام فقط عام 1995م، وبعد خروجه من الأسر أصبح عمرها عامين ونصف عام وبعد عدة أشهر تركها إلى رحلة أسر طويلة امتدت 18 عاماً دخلت فيها ضحى الجامعة وتخرجت، وأنجبت طفلتها الأولى التي زارتني في الأسر قبل الإفراج عني وعمرها أشهر، فقد تكرر المشهد الذي حدث مع ضحى مع الحفيدة الأولى لابنتي.
عمرو.. واللقاء بعد 16 عاماً
وتحدث المحرر العباسي عن قصة أخرى حدثت مع نجله عمرو، عندما التقى به داخل سجن رامون، وكان اللقاء حاراً للغاية، وتأججت فيه المشاعر كأنها في فرن فيه درجات الحرارة من شدتها تصهر الحديد، مازالت مشاعر اللقاء مع ابني عمرو حاضرة في ذهني، فبعد 16عاماً من الأسر أضم ابني عمرو إلى حضني، ونتبادل الحديث عن الأهل والقدس والمسجد الأقصى، وما جرى من تغييرات، فهذا اللقاء هدية من الله، بالرغم من أن ابني عمرو دخل الأسر.
التحقيق الطويل والعذابات المؤلمة
شرح المحرر العباسي لحظة الاعتقال والتحقيق قائلاً: “استمر التحقيق معي في مركز المسكوبية أربعة أشهر وأربعة أيام، وتم إصدار الحكم عليَّ بعد ثمانية أشهر من الاعتقال، وكانت المخابرات تريد الانتقام مني للعلاقة مع أفراد الخلية التي نفذت العملية الفدائية، مع علم المخابرات عدم اشتراكي بها، ومارس ضباط المخابرات كل الأساليب الوحشية معي في التحقيق، إلا أن سلاح الصبر لدى الأسير تتحطم عليه كل الضغوط العنصرية والمؤلمة، لذا الأسرى يتمتعون بمعنويات عالية كونهم يتسلحون بسلاح الصبر الفعال.
حرمان من الدراسة
من العقوبات التي تعرض لها الأسير إبراهيم العباسي حرمانه من مواصلة الدراسة الجامعية في الجامعة العبرية، وقال: التحقت بالجامعة أربعة فصول، إلا أن إدارة السجن وبتوصية من جهاز المخابرات حرمتني من مواصلة الدراسة والحصول على اللقب الجامعي الأول، ومع ذلك لم أتوقف عن الدراسة الذاتية، فالسجن محطة مهمة لصقل الشخصية والاعتماد على الذات في تحقيق مهارات مهمة في الحياة.
المرضى الأسرى.. وعذابات البوسطة
يصف المحرر العباسي مفردات السجن الطبية بالقول: الأطباء غير الأطباء، والدواء غير الدواء، والعلاج غير العلاج، والمشفى غير المشفى، فهناك أكذوبة العلاج والدواء، والأسرى المرضى يفضلون عدم العلاج على أن يذهبوا للعلاج في رحلة بوسطة ذات عذابات لا توصف.