ـ المسلمون سيكونون بين نارين.. نار الحوادث الفردية من الشعب الأمريكي الكاره ونار القوانين اليمينية المتطرفة
ـ لغة العاطفة والتخويف التي استخدمها «ترامب» فازت على لغة المنطق التي استخدمتها «كلينتون»
ـ نتحرك بقوة نحو مزيد من الانخراط في الانتخابات المحلية ضمن مجالس البلديات والولايات وهذا أول السلم
صعدت التصريحات المسيئة لحملة «ترامب» ضد الإسلام والمسلمين من حملات الكراهية ضدهم في الولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير مسبوق، ثم جاء فوز «ترامب» في الانتخابات الرئاسية الأخيرة بمزيد من حملات «الإسلاموفوبيا»، وتصاعدت الاعتداءات على المسلمين ومساجدهم في أكبر دولة في العالم تدعو للحريات وحقوق الإنسان.
حول موقف المسلمين مما يجري حالياً، والتحرك المنتظر منهم للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم كمواطنين أمريكيين، كان لـ«المجتمع»، هذا الحوار الخاص مع الشيخ كفاح مصطفى، الإمام والمدير العام للمركز الإسلامي للصلاة بشيكاغو، ورئيس تجمع الأئمة في ولاية إلينوي، وفي ذات الوقت ممثل دار الفتوى اللبنانية في أمريكا.
* هل ترون أن هناك تداعيات سلبية أسفرت عنها هذه الانتخابات سواء على مستوى المسلمين في الولايات المتحدة أو حتى المجتمع الأمريكي نفسه جراء الأجواء المشحونة التي صاحبت الحملات الانتخابية وربما حركت مشاعر من الكراهية والعنصرية بين مختلف شرائح المجتمع الأمريكي؟
– الحقيقة أن الانتخابات الأخيرة أظهرت انقساماً واضحاً لمشروعين يتصدران المشهد الأمريكي:
أحدهما: تمثل في وصول رجل من أصل أفريقي إلى سدة الحكم أيام «أوباما»، مع سلة الإصلاحات الاجتماعية الداخلية، والتف حوله الليبراليون البيض والأقليات، بالتالي ترشّح «هيلاري كلينتون» للرئاسة كان امتداداً لهذا المشروع.
وآخر: تزعمه الفائز الآن «ترامب»، وكانت بداياته مع حملة الــ»تي بارتي» أيام «ماكين»، وخلاصته إعادة تعريف أمريكا «العظيمة» أمام التغيرات الديموجرافية التي ستطرأ على البلد عاجلاً وليس آجلاً.
المسلمون ركبوا المشروع الأول؛ لأنه أقرب لنصرة حقوقهم القانونية والاجتماعية، ولكنهم اكتووا بنار الهجوم من الطرف الآخر مع غيرهم من الأقليات السود واللاتينيين، هذا الهجوم أعطى دفعة قوية لحملات الكراهية أن تنتشر بين البيض الأمريكيين ضد كل ما يعرّف على أنه أجنبي عن البلد.
وللإجابة عن السؤال مباشرة، نعم أظن أن المسلمين سيصلون نارين؛ إحداها من عامة الشعب الأمريكي الكاره بحوادث فردية ستكثر عليهم لبروزهم كجزء من عموم الشعب ضمن منظومة المواطنة للجميع، والأخرى ضمن سلة قوانين سيسعى لها هذا الاتجاه اليميني المتطرف أن تطبق على المسلمين سواء القادمين بـ «الحظر»، أو المواطنين بـ «التسجيل» لغرض المراقبة والمتابعة.
* إذن فما توقعاتكم للخطوات أو القرارات التي يمكن أن تتخذها إدارة «ترامب» تجاه المسلمين؟ وكيف سيكون موقفكم منها ورؤيتكم الخاصة في التعامل معها؟
– تقديري الشخصي أنها ستتأخر إلى آخر عهده، وترتبط بالرئيس الذي يليه استمراراً أو توقفاً، السبب في ذلك أن «ترامب» سيسعى إلى امتصاص غضب الناس من خطابه التطرفي خلال السنة الأولى، ثم يحتاج وقتاً لتطبيق هكذا آلية، فهو حديث عهد بالسياسة وأبعاد قراراتها على البلد حالياً ومستقبلياً.
* هل تخشون من رد فعل لدى الديمقراطيين من تحولهم – بعد خسارتهم للانتخابات – للتركيز على الحصان الرابح «الأكثرية البيض»؛ وهو ما قد يدفعهم للتشدد تجاه الأقليات العرقية الأخرى في الولايات المتحدة الأمريكية؟
– لا أعتقد ذلك، فالخطاب الإصلاحي الداخلي لا يمكن أن يُلغى من أدبيات الديمقراطيين هكذا، في تقديري هم فشلوا في إيجاد لغة تجعل الكثير من غير المسجلين للانتخاب أن يسجلوا وينتخبوا لصالحهم، بينما تفوق الجمهوريون من خلال عنصر الخوف من الآخر في تسجيل مجموعة كبيرة من الشباب الأبيض، أستطيع أن أقول: إن لغة العاطفة والتخويف التي استخدمها «ترامب» فازت على لغة المنطق والأصلح التي استخدمتها «كلينتون»، في تقديري أيضاً أن مساوئ فترة حكم «ترامب» القادمة ستؤجج حالة التفاف حول الطرح الديمقراطي لنعود لرئيس ديمقراطي عام 2020م، والله أعلم.
* ما الفرق بين الديمقراطيين والجمهوريين في نظرتهم لمستقبل الولايات المتحدة؟
– الديمقراطيون ينظرون لأمريكا عام 2050م وما بعد، حيث يصبح البيض أقلية مقارنة مع عدد السود واللاتينيين، وفي رأيي هم يعدون خطاباً لـ «أمريكا الكل».
في حين الجمهوريون يريدون كبح جماح تغلغل الأقليات حتى لو بقي البيض أقلية أن تبقى لهم اليد العليا في مرافق الدولة واقتصادها.
* هل من حراك داخل المسلمين أنفسهم لجمع الكلمة والشمل إزاء مواقف موحدة في قضاياهم المصرية؟ وهل بمقدورهم عقد ائتلافات مع العرقيات الأخرى لمواجهة التشدد داخل الولايات المتحدة؟
– لن يتوحد المسلمون إلا بمحنة تجبرهم على نبذ خلافاتهم الكثيرة، وأظن أن فترة حكم «ترامب» ربما ستبدأ صعبة علينا كمسلمين، ولكن ستكون عاقبتها خيراً إن شاء الله على مستوى البيت الداخلي لنا كمسلمين، لا تنسَ أن المسلمون هنا مختلفون عرقياً وفكرياً وثقافياً بسبب كثرة تنوعهم.
ثم برأيي أن وعود «ترامب» الأربعة الشهيرة؛ بناء الحائط، الخروج من «نافتا»، حظر المسلمين، وإخراج اللاتينيين غير المسجلين هي فرصة للمسلمين أن يستعملوا هذا الإدراج لهم مع القضايا المصيرية الأمريكية كنقطة التقاء مع غيرهم أننا معكم في مستقبل واحد يخص الجميع.
* ما الخطوات التالية التي يجب على مسلمي الولايات المتحدة الأخذ بها حفاظاً على حقوقهم وحرياتهم المشروعة في أكبر دول العالم تعلن مبادئ الحرية والديمقراطية؟
– هناك تحرك قوي لمزيد من الانخراط ضمن الانتخابات المحلية ضمن مجالس البلديات والولايات، وهذا أول السلم، ثم هناك جهد لتوسيع مساحة الحوار الديني لتحسين صورة المسلمين، ثم هناك دعوة لمزيد من التطوع في الأعمال العامة والمدنية التي يستفيد منها الشعب عموماً.