الأكاديمي السنغالي د. محمد المختار لــ«المجتمع»: السنغال في حاجة إلى جامعة عربية إسلامية

محمد العبدالله

27 أكتوبر 2025

705

كان لدولة المرابطين صاحبة التيار السُّني قصب السبق في دخول الإسلام إلى السنغال قبل قرابة 10 قرون، فالسنغال بلد قديم الإسلام في أفريقيا، ومن أكبر الدول الأفريقية من حيث عدد المسلمين الذين يصل حوالي 97% من جملة السكان.

وبالرغم من كثرة المسلمين في البلاد، فإن هناك مشكلات تتعلق بحقوق المستعربين؛ وهم الناطقون بالعربية والمعتزون بثقافتها، حيث باتوا من الفئة المهمشة في المجتمع.

«المجتمع» تواصلت مع الأكاديمي السنغالي أ.د. محمد المختار جي، رئيس رابطة العربية الأفريقية، لمعرفة أحوال الشباب المسلم في السنغال عن قرب، خاصة فيما يتعلق بحقوق المستعربين منهم.

  • بداية نريد أن نعرف السنغال المسلمة عن قرب؟

- السنغال بلد قديم الإسلام في القارة الأفريقية حيث دخله الإسلام منذ ألف عام تقريباً، وتوجد به آلاف المساجد، التي يقدر عددها بنحو 48 ألف مسجد، وتتميز السنغال بثرائها المعماري والثقافي الذي يعكس التنوع الثقافي والمعماري.

ويعتنق غالبية السكان الإسلام، حيث تصل نسبتهم حوالي 97%، وتشكل المسيحية أقلية صغيرة من جملة عدد السكان الذي يصل قرابة 19 مليون نسمة.

  • السنغال تشكل مركز الثقل للمسلمين في غربي أفريقيا، فهي بوابة الإسلام إلى القارة السمراء، ما مساهمات الشباب في ذلك؟

- نعم، المسلمون هم الأغلبية الساحقة في السنغال، ويدينون بالمذهب المالكي، لكن يغلب على الكثيرين الطابع الصوفي خاصة الطرق القادرية والتيجانية والمريدية.

ويقوم السنغاليون بتطبيق الإسلام واحترام شعائره، والشباب السنغالي بشكل عام مسلم وملتزم ومعظمهم يقومون بتطبيق شعائر وفرائض الإسلام من صلاة وصوم.. وغيرها.

  • تعمل السنغال على حماية لغة القرآن ومعارفها من تغوّل الفرانكفونية، كيف تؤهل الشباب في هذا الاتجاه؟

- يعتبر الشباب السنغالي من أكثر الشباب التزاماً، فتجد الكثيرين منهم يجتهدون في تعلم دينهم وحفظ كتاب الله وأداء الصلوات في المساجد والجوامع الكبيرة، وأغلب المدارس القرآنية في السنغال يشرف عليها الشباب السنغالي، ويحرصون على تحفيظ القرآن الكريم للأولاد والأطفال الصغار، ويتم تخريج مئات الحفظة سنوياً، ومن أشهر مدارس القرآن مدرسة عائشة أم المؤمنين التي خرّجت أكثر من ألف حافظة على مدار عقدين؛ ما ساهم في مواجهة اللغة الفرنسية والناطقين بها.

  • حدثنا عن قرب، من هم؟ وما دور المستعربين في فرض حقوقهم كاملة؟ وما المعوقات التي تواجههم في البلاد؟

- كان السنغاليون يستخدمون اللغة العربية في المجالات الدينية والثقافية، وكانت المراسلات بين الملوك والأمراء بالحروف العربية.

ومع مجيء الاستعمار، حاول طمس اللغة العربية والثقافة الإسلامية وفرض لغتها وثقافتها.

المستعربون يعانون التهميش والإقصاء في بعض الوظائف

والمستعربون وهم المواطنون المهتمون باللغة العربية وثقافتها، ويعملون على ترسيخها في المجتمع، رغم أنهم مثقفون وحملة شهادات عليا في مختلف التخصصات، فإنهم ما زالوا يعانون من:

  • التهميش والإقصاء في بعض وظائف الحكومة.
  • يعينون فقط في مجال التدريس والتعليم في المدارس والمعاهد أو مناصب الإمامة والخطابة في المساجد.
  • يعتبرون رجال دين وليسوا مفكرين ومثقفين.
  • حتى الآن مهمشون نسبياً ولم يتمتعوا بكامل حقوقهم.
  • هناك أرقام حديثة تفيد بوصول عدد الشباب المهاجرين من السنغال إلى جزر الكناري وحدها 30 ألف شخص، بمَ تفسر هذه الظاهرة؟

- إن مشكلة الهجرة ما زالت مشكلة معقدة وكبيرة في أفريقيا جنوب الصحراء والسنغال أيضاً، فأغلب الشباب السنغالي يحلمون إلى الهجرة إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل؛ ولذلك يلجؤون إلى السفر عبر البحر وعبر الزوارق فيلقى معظمهم حتفه غرقاً.

البطالة وراء ارتفاع معدلات هجرة الشباب السنغالي

والسبب في اللجوء إلى الهجرة لدى الشباب السنغالي انتشار البطالة والفقر، فالعديد من الشباب يدرسون ويحصلون على أعلى الشهادات في مختلف التخصصات، لكن لا يجدون وظائف؛ فيضطر معظمهم إلى الهجرة، وفي الآونة الأخيرة هاجر الكثير منهم إلى أمريكا ونيكاراجوا.

  • يمثل المسلمون غالبية السكان، ولا يوجد جامعة واحدة بها قسم للغة العربية، أين حقوقهم في ذلك وهم أغلب أبناء الضاد؟

- يمثل المسلمون الغالبية الساحقة في السنغال، وكثير منهم يدرسون اللغة العربية والعلوم الشرعية، ويحصلون على الشهادات الثانوية، لكن يجدون مشكلات جمة في مواصلة دراساتهم العليا؛ لأن السنغال حتى الآن لا تتوفر بها جامعة عربية إسلامية رغم تزايد المستعربين.

لكن في بعض الجامعات الحكومية توجد أقسام عربية، مثل جامعة «الشيخ أنت جوب» بدكار، وجامعة «غاستون برجي» بسين لويس، وجامعة «الحسن سيك» بزيغنشور، إلا أن هذه الأقسام العربية لا تستطيع استيعاب كل الشباب المستعربين.

  • يعتز ساديو ماني، لاعب «ليفربول» الإنجليزي بإسلامه: «الدين أهم بالنسبة لي من أي شيء»، كيف ساهم ذلك في وعي الشباب المسلم؟

- يعتبر اللاعب السنغالي ساديو ماني نجماً متألقاً في سماء الكرة الدولية، وهو من أفضل اللاعبين في العالم، لكنه شاب خلوق متواضع وملتزم بدينه وله جهود كبيرة في بناء المساجد والمستشفيات بقريته بكازامانس ومساعدة الضعفاء والمحتاجين فيها.

ساديو ماني له جهود كبيرة في بناء المساجد والمستشفيات

وقد ساهمت نشأته في بيئة إسلامية ملتزمة في التزامه بالدين الإسلامي رغم عيشه في أوروبا، فكان أبوه إماماً في قريته، كما رباه أحسن تربية، وقد أثر اللاعب على الشباب السنغالي بحسن أخلاقه وتدينه وتواضعه، رغم ما يمتلكه من ثروة مادية وشهرة عالمية.

  • رغم كثرة المسلمين، فإن هناك حملة قوية في تغيير هوية السنغال المسلمة، كيف تواجهون ذلك؟

- رغم كثرة المسلمين في السنغال، فإن ظاهرة التنصير والتبشير ما زالت حاضرة، فهناك حملات تنصيرية قوية، وفي بعض القبائل الفقيرة المعدمة تنشط العديد من المؤسسات والمنظمات المسيحية التي تهدف بشكل قوي إلى تنصير الشعب السنغالي وتغيير هويتهم.

لكن أيضاً في السنغال جمعيات ومنظمات إسلامية تقوم بجهود كبيرة لمحاربة ظاهرة التنصير والتصدي لها، وذلك في توسيع نطاق الدعوة وبناء المساجد والمستشفيات وتوزيع المساعدات على الفقراء والمحتاجين.

  • في رأيك، كيف أهدر الحزب الحاكم حالياً حقوق مؤيديه من حملة الشهادات خاصة في اللغة العربية والإسلامية؟

- يعتبر الحزب الحاكم من أكبر الأحزاب السياسية في السنغال الذي تعاطف معه المستعربون منذ الاستقلال زمن المعارضة، فضحى الكثير من الشباب السنغالي المستعرب لأجل وصوله إلى سدة الحكم.

ورغم أن الحزب وعد الكثير من المستعربين بتحسين وضعهم، فأنشأ مديرية بالرئاسة تهتم بالشؤون الدينية وإدماج حملة الشهادات باللغة العربية في السنغال، فإن المستعربين ما زالوا لا يجدون حلاً لمشكلاتهم وتحسين ظروفهم وإدماجهم في وظائف الحكومة، مع أن الكثير منهم يحملون شهادات عالية في مختلف التخصصات.


اقرأ أيضاً:

السنغال من بوابة للمستعمر بغرب أفريقيا إلى نموذج ديمقراطي يتصدره الإسلام

في ضيافة الداعية السنغالي.. وفصل العمل الخيري عن العمل السياسي

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة