«المرأة المعيلة».. تحديات وحلول

المرأة المعيلة هي المرأة التي تعيل أسرتها أو أفراداً منها، دون الاستناد إلى وجود الرجل (زوج أو أب أو أخ)؛ لترمّل أو طلاق، وربما كان الزوج موجودًا لكنه لا يستطيع الإنفاق لأسباب سنأتي إليها لاحقًا، وقد تكون المرأة غير متزوجة وتعول نفسها أو أسرتها بعد فقد المعيل (الأب أو الأخ)، أو لظروف أخرى أجبرتها على الكدّ والعمل.

وظاهرة المرأة المعيلة ظاهرة عالمية، لا تتعلق ببلد دون آخر، وتنتشر في العالم المتقدم كما في العالم النامي؛ فتشكِّل النساء المعيلات نحو 23% من الأسر في أمريكا الشمالية، وفي أوروبا 28%، وفي اليابان نحو 30%، أما في عالمنا العربي فتصل إلى 15% في المغرب، و23% في كل من اليمن والسودان، و11% في لبنان، و16% في مصر، ورغم ندرة الدراسات حول نسبتها في دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها تشير إلى نحو 6% في الإمارات، و11% في البحرين.

أسباب انتشار الظاهرة

عوامل اجتماعية واقتصادية عدة أدت إلى زيادة ظاهرة «المرأة المعيلة» في العالم العربي، أهمها:

- تفشي ظاهرة الطلاق: ومن تداعياتها -في معظم الحالات- تخلي الزوج عن متطلبات الأسرة؛ المعيشية والصحية والتعليمية.

- وفاة الزوج: ما يجبر المرأة على أن تقوم بدوره في السعي والإنفاق على الأسرة ومواجهة متطلبات الحياة.

- فقدان العائل لغير المتزوجة: حيث تتحمل الفتاة عبء الصرف على أفراد الأسرة، بشكل جزئي أو كلي.

- حالات أخرى: مثل مرض الزوج أو عجزه، أو ضعف دخله المادي فتشاركه المرأة عبء الإنفاق، أو لتخلي الزوج عن أسرته لهجر دون انفصال رسمي، أو لإدمان، أو بخل.

وقد ساهم في انتشار الظاهرة أيضًا عدد من التحولات المجتمعية، التي أعادت تشكيل بنية الأسرة ووظائفها وأدوار أفرادها، ومنها:

- ارتفاع نسبة التعليم بين النساء: دفع بعضهن إلى الاستقلال الاقتصادي، بل منهن من قررن عدم الزواج أو تأخيره لذات الغرض.

- تراجع القيم التقليدية المرتبطة بالسلطة الأبوية: وتغير الأدوار الجندرية، فاختارت بعض النساء هذا الدور طواعية، متأثرات بدعوات فكرة المساواة بين الجنسين.

- توسُّع فرص العمل النسائية: إذ بعد تطور قطاعات الحياة، والاستعانة بالنساء في إدارتها أو المشاركة فيها، بات من الطبيعي أن تعتمد المرأة العاملة على نفسها اقتصاديًّا.

- هجرة الرجال بحثًا عن عمل: فتصير المرأة فعليًّا هي رب الأسرة، متحملة تبعاتها الإدارية والمادية، حتى وإن كان الزوج يرسل إليها أموالًا.


نصف امرأة! |  Mugtama
نصف امرأة! | Mugtama
نعم.. هي نصف امرأة، وربما بقايا امرأة، تلك التي تو...
mugtama.com
×


تحديات تواجه المرأة المعيلة

تواجه المرأة المعيلة في مجتمعاتنا العربية مشكلات وتحديات متنوعة، اقتصادية واجتماعية وقانونية ونفسية؛ فكثير من المعيلات لا يجدن فرص عمل مناسبة لمؤهلاتهن وظروفهن، وإذا حصلت المعيلة على وظيفة فإنها تكون –غالبًا- وظيفة غير مستقرة، ولا تحصل منها على أجر كأجر الرجل، كما يحدُّ العبء المزدوج الذي تقوم به، بالعمل خارج البيت ورعاية الأبناء في آن واحد، من قدرتها على تحسين مكانتها الاقتصادية، وهي رغم ذلك قد تتعرض لنظرة سلبية من المجتمع، وقد توصم بالفشل في الحفاظ على أسرتها، غير التحديات القانونية؛ مثل معارك الحصول على النفقة، أو الميراث، أو الولاية التعليمية؛ فضلًا عن ضغوط التحصيل الدراسي للأبناء، والقيام بدور الأب في علاج مشكلاتهم السلوكية الخاصة.

وإزاء هذه المسؤوليات المركبة، تعاني المرأة المعيلة من مشاعر واضطرابات غير مرغوب فيها، تؤثر على كفاءتها وقبولها اجتماعيًّا ونفسيًّا، تُترجم إلى أعراض مرضية، انفعالية أو سلوكية؛ فهي تعاني من عدم الرضا عن الذات، وعدم وجود توازن نفسي، وتفتقر –غالبًا- إلى الدعم المعنوي، خصوصًا إن وُجدت نظرات ترحُّم وإشفاق بها من قِبَل المحيطين بها؛ ما يجعلها تشعر بالنقص وعدم الثقة بالنفس، وقد تتفاعل هذه المشاعر المرتبكة مع الشعور بالوحدة والفراغ العاطفي، فتولّد وساوس وميولًا انتحارية.

تمكين المرأة مقابل التفريط بالأسرة |  Mugtama
تمكين المرأة مقابل التفريط بالأسرة | Mugtama
ظهرت دعاوى «التمكين للمرأة» في النظام الدولي الذي بناه الغرب
mugtama.com
×

مسؤولية الحكومات والمجتمعات

التحديات الكبيرة التي تواجهها المرأة المعيلة، لا بد أن يشارك الجميع في حلها ولا تُترك للمرأة وحدها، فالحكومات والمجتمعات مسؤولة عن مساعدتها، وإدماجها في الحياة العامة، ومنحها الأمان والدعم، وكل فرد في المجتمع يمكن أن يكون جزءًا من هذا الدعم.

فمن مسؤولية الحكومات:

- توفير فرص عمل وتشغيل: ومنحها أولوية في التوظيف، مع مراعاة طبيعة وظروف المرأة المعيلة.

- دعم المشروعات الصغيرة للمعيلات: بتقديم قروض بنكية ميسرة، وتوفير مراكز تدريب مهني تمكنهن من دخول سوق العمل، وتوفير منصات لعرض منتجاتهن.

- تقديم خدمات صحية وتعليمية وسكنية مجانية لأبناء المعيلة: لتقليل غياب الأب وصعوبات الحياة.

- وهناك مسؤولية إعلامية وتثقيفية: متعلقة باحترام وتكافل المرأة المعيلة، وعرض التحديات التي تواجهها، وعرض قصص نجاحهن وصعودهن.

- وضع القوانين والتشريعات المنصفة: لضمان حق المعيلة وأبنائها في إدارة شؤونهم القانونية والإدارية دون عراقيل بيروقراطية، ولحمايتها من العنف والاستغلال.

ومن مسؤوليات المجتمع ومنظماته الأهلية:

- تقديم مساعدات مباشرة للمحتاجات منهن: عن طريق صناديق الزكاة مثلًا، أو الصناديق الموجهة.

- تعزيز دور المرأة المعيلة من خلال الخطاب الديني: وتنظيم دورات وورش عمل لدعمها روحيًّا ونفسيًّا.

- تقديم العون في رعاية أطفال المعيلة: وهذا الدور يتكفل به أيضًا الأقارب والجيران والمجتمع المحيط.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة