محللون: إعمار غزة يصطدم بجدار الاحتلال

محمد سالم

22 أكتوبر 2025

49

الدمار الشامل الذي تسبب به عدوان الاحتلال على قطاع غزة، الذي استمر لأكثر من عامين، نتج عنه فقدان أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني لمنازلهم، بل وتحولت 22 بلدة ومدينة في القطاع لكومة من الركام بعد أن تم تهجير سكانها منها، وهي: بيت حانون، وبيت لاهيا، ومشروع بيت لاهيا، ومدينة الزهراء، وجباليا، وجباليا البلد، ومخيم جباليا، وجباليا النزلة، ونصف مدينة غزة، ومدينة رفح بالكامل، والزنة، وعبسان الكبيرة والصغيرة، وخزاعة، وبني سهيلا، والفخاري، والقرارة، والمغراقة، ونصف مخيمات البريج والمغازي، وشرق دير البلح.

ناهيك عن تدمير معظم المدارس والجامعات والبنية التحتية والمراكز الصحة والبنية التحتية والطرقات.

وقد وثقت بلدية غزة تدمير الاحتلال الصهيوني خلال فترة العدوان لأكثر من 800 كم من طرقات المدينة وشوارعها الفرعية والرئيسة.

وتشير إحصاءات أولية فلسطينية إلى أن تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة المباشرة ستحتاج إلى أكثر من 70 مليار دولار، غير شاملة الخسائر التي تكبدتها القطاعات الاقتصادية والإنتاجية، التي دمرت بشكل كامل، يضاف إليها تدمير شامل للقطاعين الزراعي والبيئي.

بلدية غزة: الاحتلال الصهيوني دمر أكثر من 800 كيلومتر من طرق المدينة

وأمام كل هذه الأرقام المذهلة والخسائر الفادحة، لم تتوقف فصول خسائر الحرب عند هذا الحد، فثمة حرب جديدة ينتظرها الغزيون، قد تستغرق سنوات طويلة، وهي تحكم الاحتلال «الإسرائيلي» في المعابر، وبالتالي التحكم في ملف الإعمار واحتياجاته، وللفلسطينيين تجارب مريرة مع الاحتلال طيلة سنوات الحروب السابقة من خلال منعه إدخال مواد البناء والأسمنت للقطاع، بحجة ما يسمى الاستعمال المزدوج باستخدام المقاومة له.

عقبات وتخوفات أمام ملف الإعمار

وأكد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله أن الاحتلال «الإسرائيلي» سيعرقل ملف الإعمار لسنوات طويلة لأسباب عدة، من أهمها ربط ملف الإعمار بمصير المقاومة الفلسطينية ووجودها في غزة، والضغط على الفلسطينيين للهجرة تحت بند البحث عن مأوى بعد أن فشلت جهود انتظارهم في الحصول على إعادة بناء منازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم.

ولفت عطا الله إلى أن سياسة التدمير الشاملة للمدن والمخيمات في غزة لجعل غزة بيئة طاردة للحياة؛ وبالتالي البحث عن دول ليهاجروا إليها، مشيراً إلى أن الكثير من الدول المانحة لن تشارك في دفع أموال لإعادة الإعمار لارتباطات سياسية متعددة.

وأكد أن الحديث عن نحو 70 مليار دولار لإعادة الإعمار مبلغ ضخم في ظل التجارب السابقة، حيث عجزت «الأونروا» خلال الحروب السابقة عن تأمين أقل من نصف مليار لإعادة بناء 12 ألف وحدة سكنية تعهدت حينها الدول المانحة بتقديمها، في حين تشير الإحصاءات الأولية إلى أن الاحتلال الصهيوني دمر خلال هذا العدوان نحو 400 ألف وحدة سكنية ومنشأة، لافتاً النظر إلى أن آلية إعمار القطاع تحتاج لتضافر كامل على كافة الصعد العربية والإسلامية والدولية، وبدون التعاون وتقديم كل الدعم لأهالي القطاع لن تحدث عملية الإعمار.

عطا الله: الاحتلال «الإسرائيلي» سيعرقل ملف إعمار غزة لسنوات طويلة

وتسود حالة من الخوف والقلق في أوساط الفلسطينيين في قطاع غزة من عدم إعمار منازلهم ومنشآتهم، خاصة في ظل التجارب السابقة مع الاحتلال، وتلويحه المستمر بأنه لن يسمح بتدفق مواد الإعمار إلا برقابة مشددة.

وقال محمد أبو عودة الذي هدم الاحتلال الصهيوني منزله وكل مدينته بيت حانون شمال قطاع غزة: إن انتظار الإعمار سيكون مرهقاً ومتعباً لأسباب أهمها تدمير الاحتلال مدناً بأكملها، وإعادة إعمارها سيستغرق سنوات طويلة، حتى وإن توفرت المواد الخام الخاصة بالبناء.

وأضاف أبو عودة أن تكلفة بناء شقة سكنية واحدة في حال توفرت مواد البناء ستحتاج لأكثر من 50 ألف دولار، وقاطعه في الحديث شادي حمد وهو من سكان المدينة ذاتها بالقول: إن إعادة إعمار المنازل خاصة القريبة من المناطق الحدودية سيكون بعيد المنال في ظل إقامة الاحتلال «الإسرائيلي» لمنطقة عازلة بعمق يزيد على كيلومتر.

وهذا معناه، كما يقول المواطن حمد، أنه على سبيل المثال لا الحصر، فإن أكثر من 30% من منازل أهالي مدينة بيت حانون لن يعاد إعمارها، وهذا ينسحب على كافة المناطق الشمالية والشرقية التي تقع في محاذاة المنطقة العازلة في حال انسحب الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة وفق اتفاق وقف إطلاق النار.

إعادة تشكيل ديموغرافية المخيمات في غزة

من جانبه، أشار الباحث في شؤون البيئة والمياه توفيق جميعان لـ«المجتمع» إلى أن عقبة رئيسة ستعرقل سير عملية الإعمار في حال تم البدء بها، وهي حجم الركام الهائل لوجود مدن وقرى في القطاع مدمرة بالكامل، وكذلك وجود أكثر من 5 آلاف صاروخ وقنبلة أطلقها الاحتلال الصهيوني خلال العدوان لم تنفجر، وما زالت موجودة بين المنازل وركامها، وكذلك في المناطق المفتوحة؛ ما يشكل خطورة بالغة على للسكان والطواقم التي ستزيل الركام.

جميعان: ديموغرافيا غزة سيعاد تشكيلها في 5 مخيمات تم تدميرها بالكامل

ولفت جميعان إلى أن عملية إزالة الركام من الناحية الهندسية واللوجستية ستستغرق على الأقل 5 أعوام؛ وهذا يعني أن وضع أولى لبنات الإعمار للمنازل ستمتد لسنوات سيترافق معها معاناة مستمرة لأكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني سيبقون في الخيام لفترة طويلة.

وبيَّن أن البنية التحتية بات نحو 80% منها مدمراً بعد أن تعمد الاحتلال الصهيوني تدمير كل مقومات الحياة ضمن مخططاته التي أفشلها الفلسطينيون بدمائهم وبقوا، على الرغم من المجازر المروعة التي خلفت على مدار العامين نحو 70 ألف شهيد ومئات آلاف الجرحى.

وأكد الباحث في شؤون البيئة أن ديموغرافيا قطاع غزة سيعاد تشكيلها وفق عملية الإعمار، خاصة في 5 مخيمات تم تدميرها بالكامل، وهي: جباليا، والشاطئ، ورفح، وخان يونس، ومخيم يبنا، وسيتم اعتماد البناء الرأسي بدل الأفقي في تلك المناطق التي كانت متلاصقة البناء قبل الحرب، وهذا سيغير كل أنماط العمران التي كانت موجودة قبل العدوان الصهيوني وتدمير تلك المخيمات.

وينتظر الفلسطينيون على أحرّ من الجمر أن يتم تذليل كافة العقبات التي ستعترض عملية إعادة إعمار منازلهم.


اقرأ أيضاً:

6 رسائل للاحتلال من تدمير البنية التحتية في غزة

ما العراقيل الصهيونية لإعادة إعمار غزة؟

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة