محنة "الأرض والوقف".. أسبوع صعب في حياة مسلمي الهند

أحمد درويش

06 أغسطس 2025

96

 شهدت أقلية مسلمي الهند خلال الفترة الممتدة من (27 يوليو إلى 4 أغسطس 2025) مجموعة من التطورات التي أثارت قلقًا داخليًا وخارجيًا واسعًا، تمثلت في تصعيد حكومي واضح في سياسات الإخلاء القسري بقيادة رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي"، خاصة في ولاية آسام، إلى جانب استمرار التوترات الناتجة عن قانون الأوقاف الجديد المثير للجدل.

ويهدف هذا التقرير إلى تقديم عرض تفصيلي لأهم الأحداث، وردود الفعل الاجتماعية والسياسية والدينية من المسلمين في الهند تجاه هذه التطورات.

1. حملة الإخلاء الكبرى في آسام

في أواخر يوليو 2025، أطلقت حكومة ولاية "آسام" حملة لإخلاء أراضٍ في منطقة Uriamghat داخل غابة Rengma Reserve، وصفت بأنها "أكبر عملية إخلاء في تاريخ الولاية الحديث"، وجاءت الحملة على خلفية مزاعم بتعدي سكان "غير شرعيين" على أراضي الغابات، في إشارة إلى عائلات مسلمة من أصول بنغالية، وعلى إثر ذلك تم هدم 278 منشأة، من بينها منازل وأكواخ ومصانع صغيرة، وأعلنت الحكومة عن تحرير نحو 3,000 بيغًا من الأراضي (ما يعادل تقريبًا 990 فدانًا أو 400 هكتار)، مع خطة لإزالة أكثر من 11,000 بيغا (نحو 3,630 فدانًا أو 1,470 هكتارًا) في المراحل التالية، وتشير التقديرات إلى تضرر ما لا يقل عن 2,500 عائلة (ما يعادل قرابة 12,000 فرد).

وأكد رئيس وزراء آسام "هيمانتا بيسوا سارما" أن الحملة تهدف إلى "استعادة أراضي الدولة" وأن المتضررين "ليسوا مواطنين شرعيين"، بل دعا بعضهم للعودة إلى بنغلاديش أو أفغانستان، مما أثار استنكارًا حقوقيًا واسعًا.

قراءة في أزمة التحقق من الناخبين في ولاية بيهار الهندية |  Mugtama
قراءة في أزمة التحقق من الناخبين في ولاية بيهار الهندية | Mugtama
في خطوة مثيرة للجدل، أطلقت لجنة الانتخابات في اله...
mugtama.com
×

2. قانون الأوقاف المعدَّل

في أبريل 2025، أقرّ البرلمان الهندي قانونًا يعدّل جذريًا نظام إدارة الأوقاف الإسلامية في البلاد، وكان أبرز ما جاء فيه الآتي:

 منح الدولة حق السيطرة على سجلات وممتلكات الأوقاف دون الرجوع إلى المجالس الإسلامية المحلية.

 السماح بتعيين غير المسلمين في مجالس الأوقاف.

 إلغاء مبدأ "الوقف بالاستخدام"، الذي كان يعترف بعقارات الأوقاف التاريخية حتى بدون وثائق رسمية.

أثار القانون موجة من الرفض والاعتراضات من قِبل مسلمي الهند، واعتُبر خطوة نحو "نزع ملكية المؤسسات الإسلامية" وتفكيك النظام الوقفي كمصدر دعم للتعليم والرعاية والخدمات الدينية.

ردود فعل مسلمي الهند على هذه التطورات

أولًا: على عمليات الإخلاء في آسام

شهدت المناطق المتأثرة احتجاجات حاشدة، حيث:

• نظم السكان وقفات ومسيرات شارك فيها علماء وخطباء وقيادات محلية.

 أصدرت منظمات مثل جمعية علماء الهند والجبهة الديمقراطية المتحدة لعموم الهند بيانات رسمية تدين الإخلاءات وتطالب بتحقيق قضائي.

 أطلق ناشطون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم #StopEvictionsInAssam، (#أوقفوا_الإخلاءات_في_آسام) وحظي بتفاعل واسع محليًا وخارجيًا.

 أعلن برلمانيون مسلمون نيتهم تقديم طعن قانوني للمحكمة العليا مطالبين بوقف الهدم ومحاسبة المسؤولين.

ثانيًا: على قانون الأوقاف

ردود الفعل كانت أكثر تنظيمًا وشمولًا على مستوى الهند، ومن أبرز مظاهرها:

 خروج مظاهرات في مدن كبرى مثل (حيدر آباد، دلهي، لكناو)، طالبت بإلغاء القانون.

 تنظيم خطبة جمعة موحدة بتاريخ 2 أغسطس تحت عنوان "الدفاع عن الأوقاف حماية للهوية"، شارك فيها أئمة كبار.

 أطلق (مجلس القانون الإسلامي) للمسلمين في عموم الهند، عريضة وطنية جمعت أكثر من 500,000 توقيع خلال أيام، وقدّمتها إلى المحكمة العليا للطعن في القانون.

 صدرت تصريحات عن قادة سياسيين من مجلس اتحاد المسلمين لعموم الهند وحزب ساماجوادي (وهو حزب علماني يُعرف بموقفه المدافع عن الأقليات بما في ذلك المسلمون)، لتؤكد أن القانون يستهدف المسلمين ويقوض استقلالهم الديني والمالي.

احتجاجات «الوقف» في الهند.. ملامح نضال دستوري ومواجهة لتسييس القوانين |  Mugtama
احتجاجات «الوقف» في الهند.. ملامح نضال دستوري ومواجهة لتسييس القوانين | Mugtama
تشهد هند اليوم حركة احتجاجية كبيرة ضد قانون الوقف...
mugtama.com
×

ومن نماذج الأصوات التي أعلنت رفضها لما يحدث لمسلمي الهند، كان صوت أحمد الحق، أحد المتضررين من الإخلاء في آسام، حيث قال:

"كل يوم نستيقظ ونحن لا نعلم إن كان منزلنا لا يزال ملكنا.. نعيش كغرباء في وطننا"

وأيضًا تصريح مولانا خالد رشيد، عضو مجلس الأوقاف المركزي، الذي قال:

"الأوقاف هي مدارسنا ومستشفياتنا ومساجدنا.. سلبها يعني مصادرة مستقبلنا"

وأيضًا تصريح فاطمة أنصاري، الناشطة في دلهي، والتي قالت:

"نحن لا نرفض الإصلاح، ولكننا نرفض الإقصاء والتهميش"

خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن أي خلال أيام معدودة فقط، أصبح واضحًا أن مسلمي الهند يواجهون تحديات متراكمة تتعلق بالحقوق الدستورية والهوية المجتمعية، سواء من خلال سياسات الإخلاء أو عبر التشريعات الجديدة كقانون الأوقاف، وتنذر هذه التطورات بخطر تصاعد التوتر الطائفي وتآكل الثقة بين الحكومة والمجتمع المسلم، ما يتطلب تحركًا قانونيًا وسياسيًا وحقوقيًا عاجلًا، كما أن الاستجابة الشعبية والتنظيمية للمسلمين خلال هذه الفترة تعكس وعيًا متزايدًا من قبل أبناء الأقلية المسلمة بالهند ورفضًا واضحًا لمحاولات التهميش والإقصاء التي يعترضون لها منذ سوات عديدة. 

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة