5 مسارات واجبة على القاهرة لحراسة سيناء

حسن القباني

20 أكتوبر 2025

153

عاد الحديث مجددًا في القاهرة مع الاحتفال بانتصار أكتوبر المجيد، عما يمكن وصفه، بحسب مراقبين، بـ«التنمية الدفاعية» في شبه جزيرة سيناء، خاصة في ظل خطابات صهيونية معلنة تطمع في «أرض الفيروز» ضمن مشروع «إسرائيل الكبرى»، بالتزامن مع تقارير بريطانية تزعم إشراك مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء كقاعدة إدارة لغزة عن بُعد في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للسلام في الشرق الأوسط.

وينادي مراقبان تحدثا لـ«المجتمع» بأهمية الاعتناء الشديد بتنمية سيناء، في الفترة المقبلة، وعدم الركون إلى الهدنة الحالية، التي يلاحقها عدم اليقين، عبر 5 مسارات، هي: ملء الفراغات والثغرات، وحماية الاستثمار، وبناء القرى الدفاعية، وتطوير نظام الدفاع، والإصرار على تعمير غزة ورفض التهجير.

أطماع صهيو-أمريكية تلاحق مساعي مصرية لتنمية شاملة في سيناء

فيما تتحدث الحكومة المصرية عن تواصل نجاح خططها لتنمية «أرض الفيروز»، ويوجد جهاز حكومي خاص لقيادة تلك المهمة تحت مسمى «الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء»، كهيئة عامة اقتصادية بموجب القانون رقم (14) لسنة 2012م، بهدف التخطيط والإشراف والمتابعة.

ملء الفراغات وحماية الاستثمار

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة صقريا بتركيا سابقاً، والأكاديمي الإستراتيجي المعني بقضايا الشرق الأوسط، د. خيري عمر، في حديثه لـ«المجتمع»، أن مستقبل سيناء يقوم على جناحي منظومتي ملء الفراغات وحماية الاستثمار، وتعزيزه.

ويقول: مصر استهدفت في خطتها 2030م ملء الفراغات في خليج السويس وسيناء، ومضت في هذا المسار خطوات، في مستوى التنمية في شمال سيناء وجنوبها، بخلفية فكرية لهذا التخطيط تقوم على تطوير الأمن القومي جهة الشرق، بحيث لا يقتصر على الكيان الصهيوني، بل يمتد في النظر في الفراغات والمتغيرات، في سورية والعراق وباكستان والأناضول.

ويضيف عمر أنه بالنظر إلى معدل تشغيل هذا التخطيط، يمكن ملاحظة تسارع السياسة المصرية في الإجابة المقابلة على ما يصاحب نوايا النخبة الصهيونية في توسيع رقعة الكيان، بما يلبي الأقوال التاريخية الخاصة بالهيمنة على مناطق ما بين النيل والفرات.

د. أحمد: القرى الدفاعية وبناء غزة ووقف التهجير خطوات مطلوبة

ويوضح أنه بدراسة تحرك الدولة المصرية في أثناء العدوان على غزة، يتم رصد أن الإدراك المصري للأمن الخارجي من هذه النقطة المكانية الإستراتيجية، كان واضحًا في جزأين، هما: تقليل وإزالة الفجوة الدفاعية مع الكيان الصهيوني وتطوير نظم الدفاع في سيناء، وحماية المشروعات التي تنشأ على ضفتي قناة السويس وسيناء بحيث لا تكون تحت تهديد عمليات عسكرية أو حرب، بما يخرجها من نطاق جاذبية الاستثمار.

ويشير عمر إلى أن تشغيل السكك الحديدية في سيناء في عام 2024م، كان يمثل مفتاحاً مهماً في تأكيد جدية النقلة النوعية في سياسة التنمية المصرية لمحور السويس وسيناء، بغرض توزيع السكان بين الوادي وهذه المنطقة، وبما يجعل هناك سهولة تنقل فوق وتحت قناة السويس، بالتزامن مع استكمال باقي المشروعات، وهو يعكس انتقالاً نوعياً لما بعده، في السياسة التنموية الداخلية والدفاعية لسيناء.

القرى الدفاعية والتصدي المتقدم

من جانبه، يرى مدير مركز يافا للدراسات والأبحاث بالقاهرة المفكر الإستراتيجي رفعت سيد أحمد، في حديثه لـ«المجتمع»، أن هناك واجباً قومياً على مصر لحماية سيناء في ظل الأطماع الصهيونية الحالية، عبر رؤية تتمثل في:

أولاً: ضرورة كبح الغلو والتطرف الصهيوني، بعد قمة شرم الشيخ، من خلال الاستخدام السياسي للأموال العربية والخليجية التي تنزل بدون سبب على بعض الدول الغربية، للضغط من أجل وقف معاناة غزة المستمرة حتى في فترة الهدنة، لمنع تجدد العدوان، بما يجدد الخوف على سيناء.

ثانياً: استمرار التصدي لمخطط التهجير القسري للفلسطينيين، والتطهير العرقي لهم، فالحرب كانت في غزة بينما كانت العين على سيناء (61 ألف كيلومتر مربع)، التي تعد 3 أضعاف مساحة الأراضي المحتلة التي تسمى «إسرائيل»، والمليئة بالثروات الضخمة.

ثالثاً: ضرورة عدم تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق من خطة ترمب المتمثلة في نزع سلاح حركة «حماس»، وإراحة العدو الصهيوني، فنزع ما تبقى من سلاح يضعف الموقف الإستراتيجي، ويهدد سيناء، ويكشف أن المطروح أمريكياً هو وقف إطلاق النار من المقاومة واستمرار إطلاق النار من الكيان الصهيوني.

د. عمر: سد الثغرات والفراغات وتعزيز الاستثمار دروع للحماية

رابعاً: المضي قدماً في الورقة المصرية لتعمير غزة، فإعمارها ضمانة حقيقية لحماية مستقبل سيناء وأمنها، فإن السعي لبناء غزة بناء لحائط صد متقدم أمام أي مساس بسيناء.

ويشدد أحمد على ضرورة تعمير سيناء كاملة وتعزيز القوة العسكرية فيها، وإنشاء ما يسمى «القرى الدفاعية» التي تقوم على الزراعة ودفاع أبنائها عنها، حال أي تهديد أو خطر.

موقف العريش

إلى ذلك، برزت تسريبات دبلوماسية لخطة ترمب، تنادي باتخاذ مدينة العريش مقرا رئيساً لأعمال «مجلس ترمب»، لكن لم تعلق السلطات المصرية رسمياً على ما نشر حتى تاريخه، فيما هاجمته حسابات إلكترونية مقربة منها، وعادة ما تؤكد القاهرة رفضها الحازم لأي مساس بالسيادة الوطنية والتراب الوطني خاصة في سيناء، وتعتبر ذلك «خطاً أحمر».

وزعم موقع «بي بي سي بالعربية»، في 9 أكتوبر الجاري، في تقرير بعنوان «العريش.. سيرة بوابة مصر الشرقية التي قد تؤدي دوراً في مستقبل غزة»، أنه في خضم النقاشات الدائرة حول خطة ترمب لوقف إطلاق النار، برزت واحدة من النقاط المثيرة للنقاشات وهي تشكيل مجلس دولي يشرف على إعادة إعمار القطاع، على أن يتخذ من مدينة العريش المصرية مقراً رئيساً لأعماله، وفق معلوماته.

وحذرت دراسة بعنوان «الدلالات القانونية والسياسية والإستراتيجية لاختيار العريش مقراً لإدارة بلير لغزة وفق خطة ترمب»، أعدها مركز حريات للدراسات الإستراتيجية، ونشرها في الربع الأول من الشهر الجاري من تمرير تلك التسريبات الأمريكية عن اختيار العريش لتكون مركزاً للإدارة المؤقتة لغزة في مرحلة ما بعد الحرب، مؤكدة أنه يمثل بداية لمشروع يهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة وفقاً لما وصفته الدراسة بـ«رؤية ترمب وبلير والصهيونية الدولية»، ويجب رفضه ومنعه والتصدي له.

التصور الرسمي

حكومياً، تمضي السلطات المصرية على أكثر من مسار لتأمين سيناء، وبخاصة في مجالات التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والعمرانية، والبنية التحتية بهدف تعمير هذه المنطقة الحيوية، وتحويلها إلى وجهة جاذبة للمستثمرين والسكان على حد سواء، وفق بيانات رسمية.

دراسة تحذر من اختراق العريش عبر «خطة ترمب» بعد تقارير بريطانية مزعومة

وفي تقدير موقف نشره، مؤخراً، مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أوضح أن محاور التنمية في سيناء تعتمد على 3 اتجاهات رئيسة، في مقدمتها التنمية الاقتصادية، من خلال الاستثمار في مشروعات تنموية متنوعة مثل الزراعة، والصناعة، والتعدين، ثم التنمية الاجتماعية، التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة للسكان عبر تطوير خدمات التعليم والصحة، وتمكين المرأة والشباب، وصولاً إلى التنمية العمرانية والبنية التحتية، من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة وتطوير شبكة المواصلات والطرق والأنفاق، وتعزيز الربط بين سيناء وباقي محافظات مصر.

ومن أبرز المشروعات القومية في سيناء: مشروع التنمية الزراعية في سيناء على مساحة تُقدّر بنحو 1.1 مليون فدان، ومشروع تطوير بحيرة البردويل بشمال سيناء، ومشروعات المسح الجيولوجي وعمليات التنقيب عن البترول والغاز، وتنفيذ 5 آلاف كم من الطرق والأنفاق، بجانب عدد من المشروعات التعليمية والصحية.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة