قتْلُ الصحفيين في غزة لمواصلة حملة الإبادة

كشف تحقيق حديث لمجلتي «+972»، و«Local Call» الإسرائيليتين عن وحدة في الجيش «الإسرائيلي» تحمل اسمًا مخيفًا؛ «خلية شرعنة»، مهمتها، بحسب التقرير، تحديد مواقع الصحفيين في غزة وتصويرهم كعملاء سريين لـ«حماس»، لتخفيف الغضب العالمي المتصاعد تجاه قتل الصحفيين.

ووفقًا لمصادر التحقيق، فإن هذه الجرائم سببها الغضب «الإسرائيلي» من أن صحفيي غزة يشوهون صورة «إسرائيل» أمام العالم، ونقل التقرير عن ضباط استخبارات «إسرائيليين» قولهم: إن عملهم ضروري لتمكين «إسرائيل» من إطالة أمد الحرب، ومن الواضح أن فكرة هذه الخلية الإجرامية هي السماح للجيش بالعمل دون ضغوط، حتى لا تتوقف دول مثل أمريكا وألمانيا وبريطانيا عن تزويدها بأسلحة القتل.

لا ترغب «إسرائيل» في مجرد وقف تدفق التقارير والصور المروعة، بل تريد محو الصورة التي ينقلها هؤلاء الصحفيون الفلسطينيون للعالم، فالمصداقية والموهبة التي يظهرها صحفيو غزة في تقاريرهم ومنشوراتهم ترعب وتزلزل «إسرائيل»، بينما تحاول تصوير غزة للعالم مليئة بالمسلحين، بلا شهود على أكاذيبها، لتتمكن من مواصلة حملتها الإبادية.

لا عجب أن «إسرائيل» أصبحت الآن أكثر جرأة، فهي تقتل الصحفيين، وتعترف بقتل 6 صحفيين وعاملين في وسائل الإعلام، تقتل طاقماً صحفياً كاملاً (4 من صحفي «الجزيرة») دون أدنى خوف أو شك في القدرة على الإفلات من العقاب، كل هذا مع أن قوانين الحرب واضحة، بأن الصحفيين مدنيون، واستهدافهم عمداً في الحرب جريمة حرب.

وتواصل «إسرائيل» جرائمها ضد الإنسانية دون ردع أو عقاب، فتقتل المدنيين الأبرياء، وتستهدف الصحفيين الشجعان الذين يفضحون جرائمها، بالنسبة لها، كل شيء هو «حماس»، الصحفيون «حماس»، الأطباء والمسعفون «حماس»، المدارس «حماس»، الحقيقة «حماس»، الأمم المتحدة «حماس»، الموضوعية «حماس»، الإنسانية «حماس»!

كما يقول المثل العربي: «من أمن العقاب أساء الأدب»؛ أي أنه عندما يغيب العقاب؛ ينتشر الفساد والظلم.

ستستمر «إسرائيل» في عمليات القتل، ولن يتوقف شلال الدم، وسيستمر الدمار، كل يوم، سيُقتل المزيد من الأبرياء، وسيُستهدف الصحفيون لإخفاء الحقيقة ما دامت «إسرائيل» تشعر بالأمان من العقاب.

لقد قتلت «إسرائيل» مجموعة كبيرة من المراسلين والمصورين في غزة تمهيدًا لاحتلالها، وسط صمت عالمي مدوٍّ، على مدى العامين الماضيين، قُتل 265 صحفيًا في غزة، كان معظمهم من صحفيي «الجزيرة».

ستبقى الحقيقة رغم حملات إسكات الأصوات

قتْلُ الصحفيين دائمًا أداة الجبناء الذين يسعون لإخفاء الحقائق، ففي سورية، قُتل نحو 300 صحفي بدم بارد لدفن الحقيقة، لكن محاولاتهم باءت بالفشل، وفي عام 2012م قُتلت ماري كولفن، وريمي أوشليك على يد النظام السوري السابق لإخفاء جرائمه ضد الإنسانية، وفي العراق عام 2003م قُتل مراسل «الجزيرة» طارق أيوب بنيران أمريكية في بغداد، حيث أصابت صاروخان أمريكيان موجهان من الجو إلى الأرض مكتب «الجزيرة»؛ ما أدى إلى مقتل أيوب، الصحفي الفلسطيني الأردني، وإصابة المصور العراقي زهير العراقي.

لقد استهدفت الولايات المتحدة قناة «الجزيرة»؛ لأنها كانت تفضح جرائمها في العراق، حيث قتلوا وأصابوا قرابة مليون شخص بريء، وفيما بعد، اعترفوا بأن الحرب على العراق كانت خطأ فادحاً، وأن مزاعم أسلحة الدمار الشامل كانت مجرد أكذوبة، كما قصفت الولايات المتحدة مكتب الجزيرة في كابول عام 2001م أثناء غزوها لأفغانستان.

هنا في غزة، يبدو أن الهدف الواضح هو إخفاء جرائم الحرب، لا سيما مع العمليات العسكرية الوشيكة لجيش الاحتلال.

من الصحفيين الذين اغتيلوا أنس الشريف، ومحمد قريقع، ومعهما المصوران إبراهيم زاهر، ومؤمن عليوة، ومساعدهم محمد نوفل، وكان الشريف قد حصل العام الماضي على جائزة «مدافع حقوق الإنسان» من منظمة العفو الدولية في أستراليا.

ارتقى هؤلاء الصحفيون الشجعان الذين عاشوا مرارة فقدان الأهل، وعانوا التهجير والتشرد والجوع والعطش، وذاقوا مرارة البرد وحرارة الشمس الحارقة، وشهدوا آلاف الجرائم ضد الإنسانية، شهداء بعد أن رفضوا التخلي عن نقل الحقيقة.

لا يمكن بعد كل هذه الجرائم المروعة والوحشية الادعاء بوجود حقوق إنسان وعدالة، فالإعلام الغربي متواطئ مع الدولة العنصرية التي تدعمها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وهكذا يبقى العالم متواطئا، وعاجزًا، وصامتًا، ومشلولًا، بينما الحرية مكبلة بسلاسل وكلاء الولايات المتحدة في كل مكان.

ومع ذلك، كلما زاد مجرمو الحرب من وحشيتهم؛ اتضح أكثر أن النصر قريب، وأن هزيمتهم أقرب مما نتخيل، فهم ضعفاء لدرجة أنهم لا يستطيعون سوى استهداف الصحفيين العزل.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة