في استقبال العام الدراسي الجديد..

ما المطلوب لإنجاح العملية التربوية؟

ونحن على أبواب عام دراسي جديد، يجدر بنا أن نحدد معالم الدور الذي يضطلع به كل من الطالب والمعلم، كما يجدر بنا أن نضع النقاط فوق الحروف فيما يتعلق بالمشاكل التعليمية والتربوية على حد سواء؛ كي نتلافى أخطاء الماضي، ونطور السلبيات إلى إيجابيات؛ حتى يمكن العبور بالمسيرة التعليمية إلى بر الأمان، وحتى يتحقق الهدف المنشود من التربية والتعليم، وهو تخريج أجيال صالحة لديها القدرات والكفاءات على تحمل المسؤولية، وحمل الأمانة في مختلف الفروع والمجالات، وعلى كل الأصعدة والمستويات بما يواكب أحدث التكنولوجيات المتطورة؛ حتى يمكن تحديد مستقبل هذه الأمة على هدى من التخطيط السليم والسياسات الصحيحة الموضوعة بدقة.

ومما لا شك فيه أن نجاح الوضع التربوي والتعليمي في أي مجتمع من المجتمعات، يسهم بشكل فعال وأكيد في بلورة المسيرة الحياتية، وفي صياغة المستقبل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي، وكل هذا لا يتأتى إلا بالعمل الجاد والدؤوب ومواجهة جميع السلبيات بالصدق والحزم، والتعامل بكل صراحة ووضوح مع مختلف المعوقات أيضًا، ولا بد من تطوير المناهج التعليمية والتربوية، وتوفير جميع الإمكانات اللازمة لإنجاح ذلك، ولا بد من إعطاء الطالب دورًا أكبر، وإتاحة الفرصة له كي يختار المقررات التي تتلاءم مع ميوله ورغباته وقدراته وإمكاناته.

ولا بد من توفير الصيغ المناسبة التي تتيح للطالب الاعتماد على نفسه في التحصيل، وذلك عن طريق تحميله المسؤولية من خلال إلزامه بالحصول على المعلومة من مصادرها الأصلية من المكتبة المدرسية، على ألا يؤثر هذا التحصيل الذاتي على أهمية توصيل المعلومة للطالب عن طريق العلم بما يساير الطرق التربوية والتعليمية الحديثة، كما يجب متابعة كل ما يستجد من نظم ونظريات علمية حديثة.

ومن جانب آخر، يجب عدم إهمال الجانب العملي بوصفه القيمة الأساسية والمرتكز التربوي للحياة، وذلك حتى يتم ربط النظرية بالتطبيق، وهو ما يسهم في بناء شخصية الطالب، ويزرع في ذاته إمكانية الاستقلالية في اتخاذ القرار الصحيح الذي يحدد له ملامح مستقبله بالاعتماد على نفسه، وعلى خبرات وتوجيهات أساتذته ومن هم أكثر منه خبرة.

التعاون بين البيت والمدرسة

أما فيما يتعلق بدور البيت؛ فإن هذا الدور الذي يقع على عاتق أولياء الأمور لا يقل أهمية عن دور المدرسة، ذلك لأنه ليس من شك في أن فقدان التعاون بين البيت والمدرسة سوف يسلب الدور التعليمي قاعدة أساسية من القواعد التي يرتكز عليها؛ لأن دور المدرسة في الواقع هو دور تربوي توصيلي؛ فالمعلم هو أداة تربوية، ومن ثم مهمته توصيل المعلومة للطالب، بالإضافة إلى دوره في شرح ما هو غامض، وتفصيل ما هو مجمل؛ ولكن يأتي الدور الإشرافي للبيت في ضرورة مراقبة الطالب، وحثه على الاستذكار والتحصيل، وذلك لتثبيت المعلومة التي لا يكفي لاستيعابها سماعها من المعلم فقط.

عطلة يوم الخميس والرقابة المطلوبة

وتجدر الإشارة إلى أن العام الدراسي الجديد سوف يشهد تطبيق نظام جديد، وهو إلغاء دوام يوم الخميس في المدارس، وعلى هذا فإن هذه التجربة الجديدة تحتاج إلى يقظة تامة ورقابة كاملة من أولياء الأمور، ذلك لأن هذه العطلة المفروض أن تكون فرصة سانحة للطالب يستعيد فيها ما درسه طوال الأسبوع، ويحصل فيها ما لم يستوعبه، أو يثبت في ذهنه ما حصله فعلًا، وإذا كان لا بد من يوم عطلة فإنه يوم الجمعة، ذلك اليوم الذي يستطيع الطالب أن يستريح فيه، ويمارس فيه هواياته؛ كي يبدأ أسبوعه الجديد مستريح البال، ويستعد لمتابعة دراسته بذهن صاف وذاكرة هادئة.

إن العلاقة بين البيت والمدرسة إذا كانت جيدة وقائمة على أسس سليمة؛ فإن الفائدة التي سوف تعود على الطالب تكون حتمية؛ لهذا يبرز دور المدرسة في ضرورة إطلاع أولياء أمور الطلاب على جميع الملاحظات التي تراها، ونقاط الضعف التي تعوق الطالب في سبيل تحصيله واستفادته، والسلبيات التي تظهر من خلال العملية التعليمية، ولا يقف دور المدرسة عند هذا الحد في تعاونها مع البيت؛ وإنما يجب عليها أن تمد أولياء الأمور بالخبرات اللازمة، لتحويل السلبيات إلى إيجابيات، والقضاء على جميع المعوقات التي تواجه الطلاب، ودراسة أنسب الأساليب الواجب اتباعها لمعالجة القصور أولًا بأول، كما يأتي تلقي المدرسة لاقتراحات الآباء عن طريق عقد اللقاءات المفتوحة، ومناقشة هذه المقترحات في موضع من الأهمية؛ بحيث يترتب عليه وضع الحلول الصحيحة في مواجهة كافة المشاكل التي تواجه العملية التعليمية.

غرس تعاليم الإسلام في نفوس الطلبة

شيء آخر يجب أن يحظى بالأهمية اللائقة، وهو ضرورة التركيز على المناهج الدينية، وتعميق المفاهيم التي ينادي بها ديننا الإسلامي الحنيف؛ حتى ينهي الطالب المراحل التعليمية وقد أحاط بأمور دينه التي تربي في نفسه الفضائل والمثل العليا، ولا يجب أن يغيب عنا أن تربية طالب العلم على السلوك الإسلامي، وبذر تعاليم الإسلام في نفسه سوف يقوي العملية التعليمية، ويخلق أجيالًا تتقى الله في عملها ومعاملاتها، مما يعود بالنفع على الوطن والمجتمع، ويقضي على الظواهر التي تنال من القيم الاجتماعية والدينية لما فيه صالح الدين والدنيا(1).




____________________

(1) نُشر بالعدد (781)، 28 ذي الحجة 1406هـ/ 2 سبتمبر 1986م، ص12. 


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة