5 أسباب توجب على المسلمين ضرورة نصرة المظلوم

حين يتعرض
المسلمون في بلد ما للظلم والعدوان، ويعانون من البطش والتشريد، يصبح واجب النصرة
فرضًا لا يسقط عن القادرين.
إن المظلوم يئن،
ودموعه تستغيث، وصرخاته تنادي في أمة هي خير أمة أخرجت للناس، أن تقوم بواجبها،
ونصرة المظلوم في بلاد المسلمين المجاورة ليست خيارًا عاطفيًا، بل فريضة شرعية،
ومقتضى للأخوة الإيمانية، وعلامة على حياة القلوب.
وفيما يأتي بيان
5 أسباب شرعية وأخلاقية توجب على المسلمين القيام بهذا الواجب:
1- امتثال أمر الله ورسوله بنصرة المظلوم:
أمر الله تعالى
بنصرة المظلوم وردع الظالم، وجعل ذلك من أصول العدل الذي قامت به السماوات والأرض،
قال سبحانه: (وَمَا لَكُمْ
لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ) (النساء: 75).
كما قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»، قالوا: يا رسول الله، أنصره
مظلومًا، فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: «تحجزه أو تمنعه عن الظلم، فإن ذلك نصره» (رواه
البخاري).
وهذا يشمل نصرة
إخواننا في البلاد المجاورة إذا ظُلموا أو اعتُدي عليهم، سواء برفع الظلم عنهم أو
بدعمهم في دفع المعتدي.
2- الأخوة الإيمانية تفرض النصرة:
الأخوة في
الإسلام ليست مجرد شعور، بل هي عقد وميثاق يلزم المسلمين بحماية بعضهم بعضًا، قال
تعالى: (إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10).
وقد شبَّه النبي
صلى الله عليه وسلم الأمة بالجسد الواحد، فقال: «مثل المؤمنين في توادِّهم
وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر
والحمى» (رواه مسلم).
فإذا أصاب الظلم
إخواننا في أرض أخرى، كان من تمام الأخوة أن نتداعى لنصرتهم، وإلا أصاب الجسد كله
الوهن.
3- دفع الفتنة عن الأمة وحماية أمنها:
ترك المظلوم بلا
نصرة يفتح الباب لتمادي المعتدي وامتداد شره إلى بلاد المسلمين الأخرى، وقد أمرنا
الله بدفع الفساد في الأرض: (وَلَوْلَا
دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) (البقرة: 251).
وقد قال الخليفة
الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يوصي قادة الجيوش: «إني موصيك بعشر.. ولا
تترك قوماً مظلومين إلا نصرتهم»، فكان ذلك سياسة شرعية تحفظ أمن الأمة وتمنع تسلط
الأعداء عليها.
4- تحقيق العدل الذي أمر الله به:
العدل قيمة عليا
في الإسلام، لا يقوم الدين إلا به، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) (النحل:
90).
ونصرة المظلومين
في البلاد المجاورة صورة عملية لإقامة العدل، وإزالة البغي، وإعطاء كل ذي حق حقه.
وقد ضرب التاريخ
أروع الأمثلة في ذلك، إذ كتب الخليفة المعتصم إلى ملك الروم بعد أن استغاثت به
امرأة مسلمة قائلة: وامعتصماه! فلبّى النداء، وجهز جيشًا عظيمًا حتى أنقذها من
الأسر، تحقيقًا للعدل ونصرة للمستضعفين.
5- نيل أجر عظيم من الله في الدنيا والآخرة:
نصرة المظلوم
عبادة عظيمة يتقرب بها العبد إلى الله، وهي من أفضل أعمال البر، قال النبي صلى
الله عليه وسلم: «من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب
يوم القيامة» (رواه مسلم).
كما وعد الله
تعالى بالنصر لمن ينصر دينه وعباده، فقال: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) (الحج: 40).
وفي الحديث القدسي: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا فلا تظالموا» (رواه مسلم)، فمن قام بنصرة المظلوم كان من أهل رحمة الله وكرامته.
إن نصرة
المظلومين في بلاد المسلمين المجاورة ليست ترفًا فكريًا ولا خيارًا ثانويًا، بل هي
صرخة واجب، وأمانة دين، وعهد أخوة، ومقياس لنبض الإيمان في القلوب، وإن من يقف
متفرجًا على الظلم اليوم قد يجد نفسه غدًا هدفًا له، ومن يخذل الملهوف يوشك أن
يُخذل عند حاجته.
فلنكن كما أراد
الله لنا جسدًا واحدًا، يشتد بعضه ببعض، يرد عن المظلوم ظلمه، ويصد عن المستضعف
عدوان المعتدي، لنفوز بشرف النصرة في الدنيا، وبوعد الله الكريم في الآخرة: (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ) (الروم: 47).