تأثير التنمر على الطفل المعاق
تُعرِّف «يونيسف» التنمّر ضد الأطفال
عمومًا بأنه «أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر،
أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة»، وهذا يعني أن المضايقات لا تعد تنمرًا إلا إذا
كانت عدوانية ومقصودة ومتكررة، وخارجة عن الدعابة والودِّ المتبادل.
وتقف مجموعة من الأسباب، أسرية ومجتمعية
ومدرسية، خلف التنمّر بين الأطفال، أما السبب الرئيس فيعود إلى الطفل الجاني، الذي
اكتسب هذا السلوك المنبوذ إما لعلاقة سلبية مع الوالدين، أو لتربية خاطئة وقلة
ثقته بنفسه، أو لغيرته وانعدام أمنه النفسي والعاطفي، وربما بسبب التأثر بالإعلام
ووسائل التواصل، أو إدمان الألعاب الإلكترونية العنيفة التي تشجع على هذا السلوك،
وتطبع في ذهن الطفل أن العدوانية أمر طبيعي.
التنمّر ضد الأطفال ذوي الإعاقة
يعد التنمّر ضد الأطفال ذوي الإعاقة من
أسوأ الظواهر الاجتماعية؛ نظرًا لكونهم أكثر هشاشة أمام الإساءة وسوء المعاملة؛
لذا فإن الوعي المجتمعي مهم لتكريس حقوقهم، وعدم النظر إليهم نظرة دونية، ويزيد
التنمر ضد الأطفال المعاقين للاختلافات الجسدية مقارنة بالآخرين، ما يلفت النظر
إلى إعاقتهم، أو بسبب ضعف مهاراتهم الاجتماعية، ومن ثم السخرية منهم أو تهميشهم.
وتتعدد أشكال التنمر ضد الأطفال ذوي
الهمم؛ من التنمر اللفظي، بوصمه بلقب جارح، أو السخرية من إعاقته، أو حركته، أو
طريقة كلامه، أو التقليل من شأنه، وربما تعرّض الطفل المعاق للإيذاء البدني،
باستغلال ضعفه، إما بالضرب أو الدفع، أو المزاح غير البريء بإخفاء أدوات المساعدة
كالعكاز أو الكرسي المتحرك، وهناك ما هو أخطر من ذلك، بتجاهله واستبعاده من
الأنشطة الجماعية، ومنع التفاعل معه، أو نشر الشائعات حوله، أو نشر المحتوى
الإلكتروني الذي يسخر من إعاقته، أو مضايقته بتعليقات جارحة.
التأثيرات النفسية للتنمر على الطفل المعاق
يتعدى التنمر على الطفل المعاق جرح
مشاعره إلى تهديد صحته النفسية؛ من ذلك:
- العزلة الاجتماعية: بالانسحاب
تدريجيًّا من الأنشطة الجماعية؛ ما يزيد من ضعف مهاراته وشعوره بالوحدة.
- سلوك عدواني: إذ يصبح سريع الانفعال
والغضب كردِّ فعلٍ على ما يتعرّض له من تنمّر، وربما استجاب للتنمّر فيقوم بتقليد
السلوك العدواني الذي وقع عليه.
- الاكتئاب والحزن: لعدم تقبّله من قِبَل
أقرانه، فيتولّد لديه شعور باليأس، وفقدان الرغبة في اللعب أو متابعة دراسته
وممارسة هواياته.
- القلق والتوتر الدائم: خوفًا من
التعرّض للتنمّر مجددًا؛ ما يتسبب في اضطرابات النوم، أو الامتناع عن ممارسة
أنشطته اليومية المعتادة.
- الشعور بالنقص وامتهان الذات: لقناعته
بأن إعاقته -التي لن تزول- هي سبب التنمر، وأنه بذلك أقل قيمة من الآخرين، وقد
تظهر لديه أفكار سلبية أخطر متعلقة بالإحباط، كالميل إلى إيذاء نفسه، أو الانتحار.
وهناك آثار للتنمّر، قد تظهر في مراحل
لاحقة، وتكون أخطر على نفسية الطفل المعاق؛ فإحساسه بالرفض الاجتماعي وعدم الأمان
قد يفقده الثقة في الجميع، وتكوين صورة سلبية عن المجتمع، واحتمالية لجوئه إلى
سلوكيات انسحابية أو إدمانية للتخفيف من ألمه النفسي، ناهيك عن ضعف التركيز
والتحصيل الدراسي، والضعف أو الفشل في الأداء الأكاديمي أو المهني، بعد استبطان
صورة سلبية عن نفسه واهتزاز ثقته بذاته، وما يتولّد عنها من عدم التفاعل مع
المجتمع، وعدم القدرة على المطالبة بحقوقه.
وقد صار معلومًا تأثير التوتر والخوف
الدائمين على الجسد، وانعكاس ذلك على وظائفه الحيوية؛ فعند تعرّض الطفل المعاق
للتنمّر وللضغط النفسي المستمر، يضعف جهازه المناعي فيكون عُرضة للعدوى بالأمراض،
وللصداع المتكرر، وآلام المعدة، واضطراب الهرمونات، والتشنج العضلي، والتبول
اللاإرادي وغيرها من الأعراض المزعجة.
ادعم طفلك
الوقاية من التنمر ضد الطفل المعاق تحتاج
إلى دور فاعل للأهل، وشراكة مجتمعية، بما يضمن دعمًا مباشرًا وحماية نفسية وبيئة
آمنة للصغير، فعلى المؤسسات التعليمية وضع لوائح صارمة ضد الظاهرة، ووضع برامج من
شأنها مساندة الأطفال ذوي الإعاقة، وخلق بيئة احترام متبادل، والعبء ذاته يقع على
وسائل الإعلام وسائر منظمات المجتمع المدني المعنية بهذا الأمر؛ بتقديم محتوى عادل
يرسّخ قيم المساواة وتقبل الآخر، وتوفير أنشطة ترفيهية واجتماعية لدمج المعاقين مع
أقرانهم، وسن القوانين التي تجرّم التنمر والتمييز.
أما الأهل فبمقدورهم ليس فقط إيقاف
التنمّر ضد طفلهم المعاق، بل إشعاره بقوته وكرامته، وعدم السماح للإعاقة بأن
تُستغل لإضعافه:
- درّب ابنك على مهارات الحماية الذاتية،
وطلب المساعدة عند الضرورة.
- عزِّز ثقته بنفسه، بمدح قدراته
وإنجازاته، وأن إعاقته جزء من شخصيته، لكنها لا تحدد قيمته.
- تواصل مع مدرسته؛ لضمان عدم وجود أسباب
للتنمر، ولتعزيز شعوره بالانتماء بدمجه في الأنشطة المدرسية.
- إذا تعرّض طفلك لحادثة تنمّر، وشعرتَ
بتوتره وعزلته واضطراب نومه لفترة طويلة، اعرضه على اختصاصي نفسي.
اقرأ أيضاً: