الأفلام الإباحية.. أطفالنا أول ضحاياها

يعد مصطلح
الإباحية من المصطلحات التي دائمًا ما تثير القلق والاضطراب، لا سيما في مجتمعنا
الإسلامي، ومع ظهور الإنترنت، وانتشاره السريع، أصبحت الأفلام الإباحية أقرب إلى
الإنسان من قرب الهاتف إلى يديه، لا يمنعه عنها إلا ضمير حي، يخشى لقاء الله تعالى،
إلا أن هناك أعداداً ليست بالقليلة استكانت لهذه الأفلام، ووقعت ضحية لها، بل في
كثير من الأحيان أضحوا مدمنين لها؛ الأمر الذي صاحبه عديد من الدراسات عن مدى
تأثير هذه الأفلام على الجوانب الحياتية، مثل الجانب المهني والأكاديمي، والصحةالعقلية، والعديد من الجوانب الحياتية الأخرى.
انتشار الأفلام الإباحية
لقد شاع ارتياد
المواقع والأفلام الإباحية على الشبكة العنكبوتية بشكل كبير في السنوات الأخيرة؛
الأمر الذي اعتبره المتخصصون مشكلة عصرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ورغم وجود
المرئيات الإباحية منذ أزمنة عدة، فإنها اليوم ومع وجود الإنترنت أصبحت تختلف كمًا
ونوعًا عن كل ما عرفته الإنسانية عبر العصور الماضية؛ الأمر الذي جعل الباحثين
يؤكدون أن تأثير الأفلام الإباحية أضحى أضعاف ما كان معهودًا في السابق.
الأفلام الإباحية تبدأ من الهاتف
أجرى الباحثان أوجي
أوجاس، وساي جادام عام 2011م دراسة تحليلية لـ 400 مليون عملية بحث على الإنترنت،
فوجدا أن 55 مليون منها؛ أي ما يعادل 13%، كانت بحثاً عن مواد إباحية!
من ناحية أخرى،
نشرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال عام 2013م تقريرًا أكدت فيه أن الأطفال
أصبحوا يقضون أمام الشاشات وقتاً أطول مما يقضونه على المقاعد الدراسية، وجاء ذلك
في المرتبة الثانية بعد عدد ساعات النوم.
ورغم توصية
الأكاديمية بعدم تجاوز الزمن الذي يقضيه الطفل أمام الشاشة ساعة إلى ساعتين
يوميًا، فإنّ كثيراً من الأطفال يقضون أضعاف هذه المدة، فالطفل في سن 8 إلى 10
سنوات يقضي بالمعدل حوالي 8 ساعات في اليوم أمام هذه الشاشات، أما المراهقون فإنهم
يقضون وقتاً أطول ربما يتجاوز 11 ساعة في اليوم الواحد!
الأطفال.. والأفلام الإباحية
أكدت العديد من
التقارير أن 75% من اليافعين (المراهقين) ما بين سن 12 إلى 17 عاماً يملكون هاتفًا
خلويًا، وأن ثلث هؤلاء يستخدمون هاتفهم للدخول على الإنترنت، ورغم ضخامة هذه
الأعداد وخطورة الإنترنت على الأطفال، فإن ثلثي هؤلاء الأطفال أقروا بأن والديهم
لا يضعان لهم أي قيود أو قوانين تحكم استخدام التقنيات المتوفرة لهم.
إن ما يثير
الدهشة أن متوسط عمر الطفل عند مشاهدته الأفلام الإباحية لأول مرة هو 11 عامًا
فقط!
ومع تقدم سن
الطفل، ووصوله مرحلة البلوغ، يصبح ارتياد المواقع الإباحية نشاطًا يوميًا في حياة
الشاب المراهقين!
سوق الأفلام الإباحية يتسع يومًا بعد يوم
إن ما يدعو
للخذلان والأسف أن أعدادًا متزايدة من الأطفال يقعون ضحية للإغراءات غير المتوقفة
للأفلام الإباحية، حيث تلاحقهم إعلانات المواقع الإباحية في كل مكان، حتى إعلانات
المنتجات نفسها أصبح من الطبيعي أن تظهر فيها مشاهد إباحية؛ الأمر الذي يجعل
الأطفال يقعون ضحية لهذا النوع من الأفلام.
وحتى نقدر حجم
هذه المشكلة؛ لنا أن نتخيل أن باحثاً أمريكياً في جامعة مونتريال حاول في عام
2010م إجراء دراسة لمعرفة الفرق في سلوك مرتادي المواقع الإباحية من الشباب مقارنة
بغيرهم، وبعد استمرار البحث لعدة أشهر لم يتمكن الباحث من إيجاد شاب واحد في سن
الدراسة الجامعية لا يشاهد الأفلام الإباحية، وتم إلغاء الدراسة!
لماذا انتشرت الأفلام الإباحية؟
للأفلام
الإباحية جاذبية كبيرة تجعلها تنتشر كانتشار النار في الهشيم، ذلك لأنها تقوم على 5
عوامل رئيسة:
1- الخفاء
والسرية.
2- التواجد ورخص
الثمن.
3- الجرأة في
المادة المعروضة.
4- قابلية
الإدمان على مشاهدتها.
5- إثارتها
للشهوة.
هذه العوامل إن
دلت فإنما تدل أن بإمكان أي شخص مشاهدة الأفلام الإباحية على الإنترنت في أي وقت
وبلا أي جهد أو عناء، بل وبأقل التكاليف المادية؛ الأمر الذي دفع كثيراً من
الباحثين للقول: إن الإباحية الجنسية على الإنترنت متوفرة بلا ثمن، وأصبحت تغني
الشباب عن فكرة الزواج، وتحمل تكاليف الأسرة ورعايتها، كما أن كثيراً من الشباب
الذين يعانون من الفقر يجدون أن مشاهدة الأفلام الإباحية البديل المناسب إلى حين
ميسرة!
أضرار الأفلام الإباحية
الأمور السابقة
التي تميز الأفلام الإباحية جعلت أنشطة الحياة تبدو باهتة ومملة؛ الأمر الذي يجعل
الشخص يقبل على مشاهدة الأفلام الإباحية بشكل متزايد، ويهمل أنشطة الحياة اليومية،
بما في ذلك الدراسة، والعمل، والعلاقات، وتنمية الذات، كما تفقده الرغبة في الزواج
الشرعي وتأسيس أسرة، وقبل كل ذلك تؤثر سلبًا على الدين والعبادة.
وليس عجيباً أن
شركات صناعة الإباحية الجنسية تعي ذلك الأمر جيدًا، بل وتسعى إلى إغراق المجتمع
الإسلامي بالمنتجات المجانية إلى أن يصل إلى مرحلة الإدمان، ولا يتمكن أفراده من
التوقف عن مشاهدتها، تمامًا كما يقدم تجار المخدرات بضاعتهم بشكل مجاني لزبائنهم
حتى يدمنوا، ومن ثم يضمنون استمرار المبيعات بعد ذلك، وزيادتها.
واليوم، فإن
أكثر ضحايا الصناعة القذرة للأفلام الإباحية هم أبناؤنا، وفلذات أكبادنا الذين لم
يتجاوزوا بعد سن الطفولة والشباب، فكيف يتسنّى لنا معالجة مشكلة مستعصية كهذه بعد
فشل العديد من المحاولات؟!
_________ المصادر __________
1- غاري ويلسون،
دماغك تحت تأثير الإباحية: أضرار المرئيات الجنسية على الإنترنت في ضوء علم
الإدمان الحديث، 2014.
2- إسماعيل
عرفة، الإباحية الجنسية حان وقت سداد الفاتورة، 2022.