لماذا فرض الإسلام التعلم؟ 6 أسباب من القرآن والسُّنة

أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن العلم فريضة على الجميع، ففي سنن ابن ماجة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِك، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌طَلَبُ ‌الْعِلْمِ ‌فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، وليس المقصود بالعلم هنا الشرعي فقط، بل الديني والدنيوي معاً، فلماذا فرض الإسلام التعلم؟

1- تحقيق الإيمان والخشية:

أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم بقوله: (‌فَاعْلَمْ ‌أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) (محمد: 19)؛ فهذا العلم الذي أمر الله به، وهو العلم بتوحيد الله تعالى، فرض عين على كل إنسان، لا يسقط عن أحد، كائناً من كان، ولا يتحقق الإيمان الكامل إلا بالعلم.

والعلم سبيل إلى خشية الله، حيث قال عز وجل: (إِنَّمَا ‌يَخْشَى ‌اللَّهَ ‌مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر: 28)، فالعبادة لا تصح إلا بالعلم؛ إذ لا يمكن للمسلم أن يصلي أو يصوم أو يزكّي أو يحج إلا بعد معرفة أحكام هذه العبادات، والجهل في أداء الفرائض قد يؤدي إلى فساد العبادة بالكلية، كما يسهم العلم في صيانة العقيدة من الانحراف، فهو يحمي المسلم من الشرك والبدع والضلالات.

2- رفع الدرجات ودخول الجنات:

جعل الإسلام طلب العلم فريضة يثاب بها المسلم، وترتفع بها درجته، حيث قال تعالى: (‌يَرْفَعِ ‌اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) (المجادلة: 11)، بل إن المسلم يبلغ بالتعلم دخول الجنان، ففي مسند أحمد، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌مَنْ ‌سَلَكَ ‌طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ».

وفي سنن أبي داود، وابن ماجة، عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ ‌وَرَثَةُ ‌الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ».

3- جلب الخيرات:

يفتح العلم لأهله أبواب الخير، ففي صحيح البخاري، ومسلم، عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ قال: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا ‌يُفَقِّهْهُ ‌فِي ‌الدِّينِ»، فالعلم الديني يفتح الله به الخير، وكذلك العلم الدنيوي، إذ العلم كله خير.

4- سلامة الفهم:

لا يمكن للإنسان أن يستخدم أدوات الحياة إلا من خلال العلم بها، سواء كانت هذه الأدوات مادية، كما في استخدام الآلات، أم معنوية كالأفكار والأمثال والعلوم، ولهذا أكد الله تعالى أن الأمثال لا يعقلها إلا العالمون، فقد قال عز وجل: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ‌وَمَا ‌يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت: 43).

5- تحقيق الاستخلاف والتمكين الحضاري:

ليس من مكملات الحياة أن يتعلم الإنسان، بل العلم أساس الحياة، فحين أوجد الله آدم في هذه الدنيا علمه الأسماء كلها، قال تعالى: (‌وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة: 31)، فقد جعل الله عز وجل أول خطوات الاستخلاف أن يكون الخليفة عالماً؛ لذا كان العلم هو أساس قيام الإنسان بمهمة الخلافة.

بل إن الحضارة القوية لا تقوم إلا بالعلم، ففي بداية الحديث عن حضارة سيدنا داود، وسليمان، عليهما السلام، قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ {15} وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ) (النمل)، وحين أراد نبي الله يوسف عليه السلام أن يتولى خزائن الأرض لحمايتها، قال لعزيز مصر: (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي ‌حَفِيظٌ ‌عَلِيمٌ) (يوسف: 55).

فالعلم هو الركيزة الأساسية لتقدم الأمم، حيث إن المجتمعات التي ازدهرت عبر التاريخ كانت تعتمد على العلم والمعرفة، ففي الحضارة الإسلامية، برع المسلمون في الطب، والفلك، والرياضيات، وغيرها، لأنهم أدركوا أن العلم هو مفتاح القوة والتقدم؛ وبالتالي، فإن طلب العلم فريضة لأنه يسهم في بناء مجتمع قوي ومتقدم.

6- التحصين والحماية:

قد تبني الأمة حضارتها لكنها لا تستطيع حمايتها، أو لا تملك القوة التي تصون وجودها، فإذا تطرق الجهل إلى أمة فإنه يهدمها، فالعلم يبني بيوتًا لا عماد لها، والجهل يهدم بيوت العز والكرم، وقد أوضح الله تعالى أنه علم داود عليه السلام صناعة الدروع لتكون حماية لحضارته، حيث قال عز وجل: (‌وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) (الأنبياء: 80)، ففي التعلم حماية للأمة من التبعية والضعف، حيث إن الأمة التي تفقد العلم لا تملك قراراً ولا تحتفظ بهوية.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة