«المدينة الإنسانية» في رفح.. نكبة جديدة ومعسكر اعتقال!

سيف باكير

14 يوليو 2025

146

في 7 يوليو 2025م، أعلن وزير الدفاع الصهيوني يسرائيل كاتس عن خطة مثيرة للجدل تقضي بإنشاء «مدينة إنسانية» في رفح جنوب قطاع غزة، بين طريقي فيلادلفيا وموراج، ووفقاً لما نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية، تهدف الخطة إلى إقامة مجمّع خيام ضخم لاستيعاب مئات الآلاف من السكان الفلسطينيين، بعيدًا عمّا وصفته بسيطرة «حماس»، مع وضع آلية لتشجيع هجرتهم خارج القطاع.

الخطة، بحسب كاتس، ستبدأ بنقل نحو 600 ألف فلسطيني إلى المخيم، تمهيدًا لنقل بقية سكان القطاع لاحقًا، على أن يتم توزيع المساعدات من خلال هذا المجمع، الذي يتوقع أن يكون خاضعًا لإشراف «إسرائيلي» مباشر.

كيف هندس الاحتلال الفوضى ودمّر السلم الأهلي في قطاع غزة؟ |  Mugtama
كيف هندس الاحتلال الفوضى ودمّر السلم الأهلي في قطاع غزة؟ | Mugtama
في ظل التدمير الشامل الذي يشنّه الاحتلال «الإسرائ...
mugtama.com
×

نكبة جديدة ومعسكر اعتقال

لكن مما بدا للبعض كخطة إنسانية سرعان ما انكشف عن وجهه الحقيقي، إذ وصفت صحيفة «هاآرتس» العبرية المشروع بأنه «ترانسفير» جماعي يهدد بنكبة فلسطينية جديدة، بينما شبّه رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق إيهود أولمرت الخطة بمعسكرات الاعتقال، مؤكدًا أن ترحيل السكان إليها يرقى إلى تطهير عرقي.

وقال أولمرت، في مقابلة مع صحيفة «الغارديان»: إن ما يسمى بـ«المدينة الإنسانية» هو في الحقيقة معسكر اعتقال، وإذا نُقل الفلسطينيون إليها قسرًا، فإن ذلك يمثل شكلاً من أشكال التطهير العرقي، وأضاف: «إسرائيل» ترتكب بالفعل جرائم حرب، وهذه الخطة ستصعّد الأمور إلى مستوى أخطر.

خلافات داخلية.. مشروع غير واقعي وفشل متعمّد

الجدل لم يقتصر على الأوساط الإعلامية والحقوقية، بل امتد إلى داخل غرف القرار في «تل أبيب»، صحيفة «يديعوت أحرونوت» كشفت أن قيادة جيش الاحتلال ترى أن تنفيذ الخطة يتطلب أكثر من عام من التحضيرات، بتكلفة تتراوح بين 10 و15 مليار دولار، وهو ما يناقض التقديرات السياسية التي تحدثت عن إنجازها خلال 6 أشهر.

وقد وُصِف شعور بعض المسؤولين في مجلس الوزراء بأن الجيش يقدّم خطة غير واقعية لإفشال المشروع، الذي يواجه منذ الإعلان عنه انتقادات دولية وإقليمية واسعة، ويُخشى أن يتحول إلى أزمة إنسانية وسياسية.

رئيس الأركان الصهيوني اللواء إيال زامير، عبّر خلال اجتماعات مغلقة عن معارضته الشديدة للخطة، محذرًا من أن تهيئة الأرض لإنشاء المدينة تُضعف قدرة الجيش على تنفيذ مهامه القتالية، وعلى رأسها استهداف «حماس» واستعادة الرهائن.

وفي السياق ذاته، صرّح قائد سلاح البحرية الأسبق اللواء إليعازر ماروم تشيني بأن الخطة لا تحظى بدعم المؤسسة العسكرية، مشبّهًا المدينة بقفص تُحاصر فيه «إسرائيل» المدنيين الفلسطينيين، مضيفاً: نحن نضعهم هناك للسيطرة عليهم، هذا ليس مشروعًا إنسانيًا، بل أمنيًا بغطاء إنساني مُضلّل، بحسب ما نقل موقع «واللا» العبري.

وقال تشيني: لا أفهم لماذا نُصرّ كل هذا الإصرار على هزيمة «حماس»، وعلى إخراجها رافعين الراية البيضاء؟ أين رأيتَ شيئًا كهذا يحدث؟

رهانات سياسية وتمويل مشكوك فيه

يبدو أن المشروع، رغم ضخامته، يعاني من هشاشة على مستوى الرؤية والتخطيط، فقد كشفت مصادر في حكومة الاحتلال أن الخطة تُراهن على الحصول على تمويل من دول عربية بعد الحرب، في إطار مشاريع إعادة إعمار غزة، لكن هذه المصادر نفسها تستبعد تحقق هذا السيناريو، بل ترى أن قلة قليلة في الحكومة تعتقد أن هذه المدينة ستُبنى أصلًا.

 




________________

1- صحيفة «يسرائيل هاليوم».

2- صحيفة «يديعوت أحرونوت».

3- موقع «واللا» العبري.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة