5 وسائل لتربية الأبناء على مساندة الضعفاء


موقف تربوي من حياة أبي بكر رضي الله عنه

روى أبو داود بسند صحيح عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟»، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ ‌فَوَجَدْتُ ‌كِسْرَةَ ‌خُبْزٍ فِي يَدِ عَبْدِالرَّحْمَنِ فَأَخَذْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ.

في هذا الموقف تربية على العطاء، حيث قام الوالد وهو سيدنا أبو بكر بأخذ كسرة الخبز من يد ولده عبدالرحمن، ليتصدق بها على المسكين، وهذا التصرف لا بد أن يثير في نفس الطفل تساؤلات عديدة، وفي هذا المقام يحرص الوالد على تربية ولده على العطاء، وإقرار معاني المساندة والمساعدة للفقراء والضعفاء.

5  وسائل لتربية أبناء المسلمين على مساندة الضعفاء

ويسهم في تربية الأبناء على مساندة الضعفاء عدد من الأساليب والوسائل، منها ما يأتي:

1- تأسيس القاعدة الإيمانية:

ينبغي أن يحرص الوالد والمربي على تأسيس القاعدة الإيمانية لنصرة الضعفاء في نفوس الأبناء، وذلك من خلال التربية على المعاني المرتبطة بذلك، ففي القرآن الكريم يقول عز وجل: (وَإِنِ ‌اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (الأنفال: 72)، وقال تعالى: (وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ‌وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) (النساء: 75).

كما يمكن التأسيس للقاعدة الإيمانية في نصرة المستضعفين من خلال موقف سيدنا موسى عليه السلام من الرجل الذي استغاث به، فأغاثه موسى عليه السلام وانتصر له، قال تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ ‌فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) (القصص: 15).

وكذلك في موقف سيدنا موسى مع بنات الرجل الصالح، حيث قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ {23} فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) (القصص).

ويمكن الاستعانة بالسُّنة النبوية في التأسيس لقاعدة نصرة الضعفاء، ففي صحيح البخاري عَنْ ‌أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌انْصُرْ ‌أَخَاكَ ‌ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».

2- إحياء المشاعر الإنسانية:

يحتاج الأبناء إلى أدوات تعين على إحياء المشاعر الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، مثل مشاعر الأسى والغضب والحزن لما يقع من ظلم واستضعاف، هذه المشاعر تؤسس لرفض الظلم والاستضعاف، وتسهم في تحرك الأبناء والقيام بالأنشطة التي تعين على مساندة المظلومين ورفع الظلم عنهم.

ومن الأنشطة العملية التي تسهم في إحياء هذه المشاعر: مشاهدة الأحداث الواقعة في بلاد الإسلام من ظلم واستضعاف وتجويع وتشريد، وكذلك زيارة دور الأيتام ومراكز الإغاثة.

3- القدوة العملية:

تسهم القدوة العملية في غرس معاني النصرة والإعانة للمستضعفين، وتتأتى التربية من خلال القدوة العملية في ضرب الأمثال وحكاية قصص السابقين، وقد ساق القرآن الكريم العديد من المواقف في ذلك، وكذلك مواقف رسل الله أجمعين، وعلى رأسهم سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

كما تقع التربية العملية على نصرة المستضعفين من خلال القدوة الحية، التي يقوم بها الوالد أو المربي في مساندة المظلومين، والجهاد معهم بما يملك ويستطيع، ويبدأ ذلك بالمواقف الصغيرة المحدودة في نطاق الأسرة أو الشارع أو مؤسسة التعليم أو العمل، ويمتد حتى يشمل معاونة المستضعفين في العالم كله.

4- تنمية الحس الأخلاقي:

يحتاج الأبناء في التربية على نصرة الضعفاء إلى تنمية الحس الأخلاقي، ونقصد به تدريبهم على رفض الظلم بكل أشكاله وصوره، ويتأتى هذا من خلال لفت الأنظار إلى عدم القبول بالظلم أو الاستضعاف في البيت ولا في المدرسة ولا في الشارع، وعدم السكوت على موقف يتعرض فيه أحد للظلم أو الاستضعاف، بل يقف مع المظلوم ويدعو غيره إلى الوقوف معه، حتى يرد إليه حقه.

ومما يسهم في تنمية الحس الأخلاقي الرافض للاستضعاف أن يحرص الوالد أو المربي على العدل في المواقف الصغيرة قبل الكبيرة، فيعدل بين أبنائه وطلابه في كل جوانب الحياة.

5- الأنشطة التضامنية:

تتنوع الأنشطة التي تنمي روح التضامن والتعاون وتسهم في التربية على نصرة الضعفاء ومساندتهم، حيث يمكن للمربي أن يحرص على تكليف الأبناء بأدوار وأعمال يقومون بها لمساعدة الآخرين سواء في البيت أم المدرسة، مثل تكليف الابن الكبير برعاية أخيه الصغير، أو تكليف الطالب المتفوق بمعاونة المتعسر.. فهذه الأنشطة تغرس مفاهيم المسؤولية والتضامن بين الأبناء.

ويتسع الأمر بعد ذلك في الأنشطة التضامنية ليشمل مشاركة الأبناء في الأعمال الخيرية والتطوعية، والحملات الإغاثية، وحثهم على الإنفاق من أموالهم الخاصة لتحقيق ذلك أو الإنفاق من أوقاتهم وجهودهم في أعمال المساعدة والمعاونة كحمل أغراض شخص مسن، أو إرشاد شخص تائه، أو مرافقة زميل ضعيف.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة