انتهاكات وقف إطلاق النار في غزة.. تصعيد صهيوني وصمت دولي
كان الهدف من
اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أُعلن عنه في 10 أكتوبر 2025م، تخفيف معاناة غزة بعد
عامين من العدوان الصهيوني على الأبرياء في القطاع.
وقد أُشيد
بالهدنة، التي توسطت فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر، باعتبارها إنجازًا من شأنه
أن يُسهم في استقرار المنطقة ويسمح بتدفق المساعدات الإنسانية، ومع ذلك، لم يتوقف
القصف الصهيوني العدواني على غزة، فقد أفاد المكتب الإعلامي لحكومة غزة أن «إسرائيل»
ارتكبت 497 انتهاكًا؛ أسفرت عن مقتل 342 فلسطينيًا، وإصابة 875 آخرين.
وتكشف هذه
الأرقام عن واقع قاتم؛ حيث إن وقف إطلاق النار لم يتم على أرض الواقع، وقد دفع صمت
العالم الفلسطينيين إلى التشكيك في مصداقية القانون الدولي.
خسائر بشرية ومادية
اتخذت
الانتهاكات أشكالًا متعددة، وفقًا لسلطات غزة، فقد نفذت القوات «الإسرائيلية» 142
عملية إطلاق نار استهدفت مدنيين ومنازل وخيامًا للنازحين، و21 عملية توغل عبر «الخط
الأصفر»، و228 عملية قصف بري وجوي ومدفعي، و100 عملية هدم للمنازل والبنية التحتية.
وفي 22 نوفمبر
وحده، سُجل 27 انتهاكًا، أسفرت عن مقتل 24 فلسطينيًا، وإصابة 87 آخرين، وتشير
التقارير إلى أن غالبية الضحايا من الأطفال والنساء وكبار السن؛ وهي الفئات الأقل
قدرة على حماية أنفسهم، وبالنسبة للعائلات في غزة، لم يجلب وقف إطلاق النار سوى
القليل من الراحة؛ بل أصبح وهمًا هشًا يتبدد يوميًا بفعل العنف.
انتهاكات جسيمة للقانون
وقد أدان المكتب
الإعلامي الحكومي في غزة الانتهاكات ووصفها بأنها انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني
الدولي واتفاقيات جنيف، واتهم «إسرائيل» بتقويض وقف إطلاق النار عمدًا لخلق واقع
دموي على الأرض.
ورددت «حماس»
هذا الرأي، متهمة «إسرائيل» باختلاق الذرائع لتبرير هجماتها، ومحذرة من أن هذه
الانتهاكات تُعدّ بمثابة عودة إلى «حرب الإبادة».
ويصف
الفلسطينيون الهدنة بأنها «وقف إطلاق نار اسمي فقط»، مشيرين إلى أن الغارات الجوية
والمداهمات لا تزال تُعيق الحياة اليومية، بالنسبة لهم، لم يُحقق الاتفاق حتى أبسط
شعور بالأمن.
تبريرات «إسرائيلية» متهافتة
مع ذلك، تُصرّ «إسرائيل»
على أن أفعالها دفاعية! حيث يزعم المسؤولون أن الغارات الأخيرة استهدفت مقاتلين من
«حماس»، وجادل مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن العمليات كانت ضرورية لمنع
الهجمات داخل الأراضي الخاضعة للسيطرة «الإسرائيلية».
ويدحض التبريرات
الصهيونية أن الغالبية العظمى من الضحايا من المدنيين، فلا شك أن رواية «إسرائيل»
عن الدفاع عن النفس تُستخدم لتبرير أفعال تنتهك روح ونص اتفاق وقف إطلاق النار.
ردود الفعل الدولية
واتسمت ردود
الفعل الدولية بالتباين، لكنها ظلت خافتة إلى حد كبير؛ فقد أدانت وزارة الخارجية
القطرية التصعيد، مُحذرةً من أنه يُقوّض الهدنة ويُهدد الاستقرار الإقليمي.
وأكدت وزارة
الخارجية المصرية أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2803)، الذي يدعو إلى
نشر قوة استقرار وجهود إعادة الإعمار في غزة.
ووصف الأمين
العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الانتهاكات بأنها انتهاكات صارخة للقانون
الإنساني، وحثّ «إسرائيل» على احترام الاتفاق.
من يوقف الانتهاكات؟
ورغم هذه
التصريحات، لم يُتخذ أي إجراء حاسم، فقد أعربت الحكومات الغربية عن قلقها، لكنها
لم تُطبّق أي عقوبات، وامتنعت روسيا والصين عن دعم القرار المدعوم من الولايات
المتحدة، حيث يُذكّر بالممارسات الاستعمارية، ومحذرتين من أنه يُهمّش السيادة
الفلسطينية، ويُبرز هذا التباين الانقسامات الجيوسياسية التي تمنع أي استجابة
دولية موحدة.
السياق الأوسع
كان الهدف من
وقف إطلاق النار وقف عدوان بربري مدمر بدأ في أكتوبر 2023م، وخلَّف أكثر من 69 ألف
شهيد فلسطيني، و170 ألف جريح، ودمر أكثر من 90% من البنية التحتية المدنية في غزة.
وبالنسبة
للفلسطينيين، كان من المفترض أن تُمثّل الهدنة بداية التعافي، ولكن استمرار
العدوان يوحي بأن فرية وقف إطلاق النار تعامل كوقفة تكتيكية وليس التزامًا صارماً.
ويرى المحللون
أن توسيع «إسرائيل» فيما وراء «الخط الأصفر» واستمرار غاراتها العدوانية البربرية
يعكسان إستراتيجية متعمدة للحفاظ على هيمنتها في غزة، بغض النظر عن الاتفاقيات
الدولية.
الصمت والتواطؤ
وهكذا يبرز صمت
المجتمع الدولي عن العدوان الصهيوني الذي لم يتوقف سياسة الانحياز السافر من قبل
القوى الكبرى والمؤسسات الدولية للمعتدي ضد المعتدى عليه.
ويرى
الفلسطينيون أن عدم إنفاذ القانون تواطؤ سافر؛ ما يعزز انعدام الثقة في المؤسسات
الدولية.
ودعا المكتب
الإعلامي لحكومة غزة صراحة الولايات المتحدة والدول الوسيطة ومجلس الأمن الدولي
إلى اتخاذ إجراءات جادة لوقف هذه الهجمات، وكبح جماح الاحتلال، وإجباره على
الالتزام بوقف إطلاق النار.
ومع ذلك، فبدون
ضغط حقيقي، خصوصاً من جانب الولايات المتحدة، ستستمر الانتهاكات، فالغياب التام
للمساءلة يدفع الكيان الصهيوني لمزيد من الغطرسة وسفك الدماء.