هل يشعل العدوان الصهيوني على إيران فتيل حرب شاملة ‏على المنطقة؟

سيف باكير

14 يونيو 2025

163

لم تكن الضربة الصهيونية التي استهدفت العمق الإيراني فجر الجمعة 13 يونيو الجاري مجرد عملية عسكرية عابرة، وإنما إعلان واضح عن مرحلة جديدة من الصراع المفتوح بين «تل أبيب» وطهران، وبعد 18 ساعة فقط، جاء الرد الإيراني ليسجّل بداية ما يصفه مراقبون بأنه «أخطر تصعيد مباشر» بين الطرفين.

ويرى محللون أن هذا الاشتباك المتبادل لا يُختزل في حسابات الردع الثنائية، بل يعكس سباقاً إقليمياً على تثبيت قواعد اشتباك جديدة، وتحذيراً مبطناً لكل من يفكّر في الاقتراب من خطوط القوة الحمراء التي يحرص كيان الاحتلال «الإسرائيلي» على احتكارها في المنطقة.

هل يعرقل تطور النووي الإيراني لمراحل متقدمة التوصل لاتفاق مع أمريكا؟ |  Mugtama
هل يعرقل تطور النووي الإيراني لمراحل متقدمة التوصل لاتفاق مع أمريكا؟ | Mugtama
أكدت تقارير غربية أن هناك مخاوف حقيقية من أن يعوق تطور هذا البرنامج لمراحل متقدمة، التوصل لاتفاق مع أمريكا
mugtama.com
×

رسالة مزدوجة لطهران والإقليم

في هذا السياق، قال المحلل السياسي أحمد الحيلة: إن الهجوم على إيران فجراً ليس إلا ضربة أمريكية بأيد «إسرائيلية»؛ بهدف دفع طهران للرضوخ للشروط الأمريكية-«الإسرائيلية» في المفاوضات النووية.

وأوضح أن الرسالة واضحة؛ إما الاستجابة أو مواجهة ضربات متكررة تستنزف القدرات العسكرية الإيرانية وتدفعها إلى تعديل سلوكها وفق الرؤية الغربية.

وأضاف الحيلة، في تغريدة على منصة «إكس»، أن خيارات طهران باتت محصورة بين القبول بالهيمنة «الإسرائيلية» الممتدة جغرافياً في الشرق الأوسط، في ظل غياب مشروع عربي متماسك، أو الرد بقوة لاستعادة ميزان الردع؛ ما يفتح الباب لاحتمال نشوب حرب إقليمية واسعة قد تستدعي تدخلاً أمريكياً مباشراً.

من جهته، اعتبر الباحث علي أبو رزق أن ما يجري يتجاوز فكرة استهداف البرنامج النووي الإيراني، ليمس بنية الدولة الإيرانية برمتها، وقال: هذه ليست ضربة عسكرية تقليدية، بل محاولة ممنهجة لتفكيك النظام من خلال تدمير مقدراته العسكرية والاقتصادية والمدنية، وهذا مستوى من العمليات لا يمكن لـ«إسرائيل» أن تتحمل كلفته منفردة، مهما تظاهرت الولايات المتحدة بخلاف ذلك.

اقرأ أيضاً: إيران وأمريكا.. بين منطق الصفقة وشهوة الحرب

وشدد، عبر تغريدة في حسابه على منصة «إكس» على أن من يظن أن إيران وحدها هي الهدف واهم وخاطئ بشدة، مؤكداً أن الضربات رسالة ترهيب وردع موجهة إلى كامل الإقليم، بمختلف مكوناته: السُّنية والشيعية، العربية والكردية، الفارسية والتركية والأمازيغية.

وتابع: هناك مشروع لتجريد المنطقة من كل طاقاتها الصاعدة، وتحطيم إرادتها الشعبية والنخبوية، عبر الإذلال والإبادة وتدمير الرموز.

مسيرة ترمب ونتنياهو نحو الفوضى في الإقليم |  Mugtama
مسيرة ترمب ونتنياهو نحو الفوضى في الإقليم | Mugtama
تكرار ترمب تصريحاته بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة ونقلهم إلى الأردن ومصر
mugtama.com
×

الهوس «الإسرائيلي»

أما الإعلامي والأكاديمي د. علي السند، فرأى أن ما يحدث ليس مجرد تصفية حسابات بين مشروعين متنافسين، بل حرب شاملة على المنطقة بأكملها، حتى لو اقتصرت الضربات حالياً على طهران.

وأكد أن جوهر المسألة يكمن في الهوس «الإسرائيلي» التاريخي باحتكار التفوق العسكري في المنطقة، ومنع أي قوة عربية أو إسلامية من الاقتراب من هذه المعادلة.

وقال السند عبر حسابه على منصة «إكس»: منذ عقود، تعمل «إسرائيل» على خنق أي محاولة لامتلاك سلاح رادع، مجرد التفكير في كسر قاعدة التفوق النوعي «الإسرائيلي» يُعد -بحسب «تل أبيب»- إعلان حرب.

وأضاف: لاحظوا أن «إسرائيل» تستهدف إيران وسورية، رغم التناقضات الحادة بين الطرفين، فدماء ومعارك تفصل بينهما، لكنها لا تمنع «إسرائيل» من ضرب كليهما، وهو ما يكشف أن الهدف ليس المشروع الإيراني وحده، بل تحييد كل الأطراف التي قد تخرق ميزان التفوق «الإسرائيلي».

وأوضح أن «إسرائيل» قررت استخدام القوة لإعادة ضبط الميزان بعد أن تجاوز المشروع النووي الإيراني الخطوط الحمراء، مؤكداً أن هذه الضربات تحمل رسائل ردعية للجميع، ليس فقط لإيران، بل لكل من يطمح لبناء قوة موازية، سواء كان حليفاً لها أو حتى خصماً مثل سورية.

وأكد السند أن ما يجري هو حرب تأديبية تجري بالوكالة عن النظام الدولي، وتستهدف إخضاع المنطقة بالكامل للمرجعية «الإسرائيلية» في كل ما يتعلق بالتسليح والقوة، مضيفاً: إذا نجحت «إسرائيل» في تحقيق أهدافها، فهي لا تنتصر عسكرياً فقط، بل تنتزع تفويضاً دولياً يجعلها الشرطي الوحيد في المنطقة، هي من يقرر من يُسلّح ومتى وكيف، ومن يُجرد من سلاحه، وتفرض شروطها كمرجع وحيد لأي منظومة دفاع عربية أو إسلامية.

وختم السند قائلاً: من الخطأ أن نحصر هذه الحرب في بعدها الطائفي أو الجيوسياسي، فنحن لسنا خارج المعركة، حتى وإن لم تصل الصواريخ إلى عواصمنا بعد، وإذا لم تتحرك الدول العربية والإسلامية بجدية لإيقاف مشروع التفرد «الإسرائيلي»، فسيُفرض علينا جميعاً واقع جديد نُسلّح فيه بإذن الكنيست، ونُعاقب فيه بإرادة نتنياهو، وسنكتشف حينها أن الاكتفاء بالدعاء على الظالمين لم يكن كافياً.

من جانبه، أكد الكاتب السعودي عبدالعزيز التويجري أن الكيان الصهيوني كان ولا يزال خنجراً مغروساً في خاصرة العالم الإسلامي، وخطراً دائماً على أمنه واستقراره، ولن يغيّر جلده مهما حاول بعض النّاس التقارب معه والثقة فيه.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة