غزة.. طفولة تُدفن وأحلام تتلاشى في جريمة مستمرة ضد الإنسانية

في قطاع غزة، لا تشبه الطفولة ما تعرفه بقية شعوب العالم، فالأطفال هناك لا يلعبون بسلام ولا يذهبون إلى مدارسهم بأمان، ولا يرسمون أحلامهم في دفاتر ملونة، بل يعيشون تحت وابل من القصف جراء استمرار الحرب «الإسرائيلية» عليهم، ويعيشون داخل خيام النازحين، وفي ظلال الحصار المشدد، ويفتقدون أبسط حقوقهم.

ما يحدث في غزة ليس كارثة طبيعية، بل جريمة ممنهجة ضد الإنسانية، تُمارس يوميًا بحق شعب أعزل، وفي طليعته الأطفال الذين تغيرت حياتهم رأساً على عقب.

أطفال غزة الذين كانوا قبل الحرب يذهبون إلى مدارسهم يتلقون تعليمهم ويصطفون في طابور المدرسة، الآن وفي ظل الحرب أصبح الأطفال يصطفون في طوابير التكايا للحصول على وجبة طعام، أو الاصطفاف في طابور للحصول على كمية قليلة من الماء تروي ظمأهم، وهناك الآلاف من الأطفال الذين فقدوا أباءهم وأصبحوا هم المعيل لأشقائهم وحملوا المسؤولية صغاراً.

يرحل أطفال غزة جوعاً.. وصورهم ستطارد ضمير الأحرار ما بقيت الحياة |  Mugtama
يرحل أطفال غزة جوعاً.. وصورهم ستطارد ضمير الأحرار ما بقيت الحياة | Mugtama
يرحل أطفال غزة جوعًا، وصورهم ستطارد ضمير الأحرار ما بقيت الحياة
mugtama.com
×

مراسل «المجتمع» في غزة التقى عدداً من الأطفال خلال بحثهم عن الحياة بعد نجاتهم من القصف «الإسرائيلي».

يقول الطفل محمد أبو كميل (12 عاماً): إنه بسبب الحرب تغيرت حياته بشكل كامل، كان قبل الحرب يستيقظ مبكراً ويذهب إلى مدرسته ويتلقى دروسه وتعليمه، ومن ثم يعود يكمل واجباته ويمارس حياته كأي طفل في العالم؛ يلهو ويلعب مع أصدقائه، مؤكداً أن الظروف كانت صعبة بغزة قبل الحرب، لكن حياته كانت ميسرة وأفضل من الآن؛ حيث تغيرت بشكل كلي.

يضيف: فقد بيته وفقد مدرسته وفقد أصحابه، وفي ظل المجاعة وعدم توفر الطعام أصبح عندما ينجو من القصف، يبدأ برحلة البحث عن الحياة والبقاء على قيدها، بتوفير وجبة طعام لعائلته، يضطر الذهاب إلى التكية الخيرية التي تعد الطعام وتوزعه على المواطنين، ينتظر وقتاً طويلاً تحت أشعة الشمس الحارقة ويقطع مسافات طويلة للحصول على وجبة تسد رمق جوعهم، مضيفاً أنه في بعض الأوقات ونظراً للزحام الشديد والعدد الكبير من الناس لا يحصل ويعود إلى خيمته بخفي حنين ويقضون ليلتهم دون طعام.

وأوضح محمد أن طابوراً آخر يصطف به هو طابور المياه؛ حيث يصطف أمام شاحنة معبأة بالمياه الصالحة للشرب من أجل تعبئة جالون مياه يروي ظمأهم.

وأعرب عن أمله أن تنتهي الحرب قريباً وينعم أطفال غزة بالحياة الكريمة، ويعودون لممارسة حياتهم ويلعبون ويلهون كباقي أطفال العالم، لكنه في الوقت نفسه ذكر كيف ستعود لنا الحياة مجدداً وقد فقدت أصدقائي وبيتي وألعابي وكل شيء بحياتي؟!

وناشد المؤسسات المختصة بشؤون الأطفال بضرورة توفير الحماية لأطفال غزة الذين يمارَس بحقهم شتى أنواع العذاب والقتل والتجويع.

من جهته، قال الطفل عطية الفرا لـ«المجتمع»: إنه أصبح يخاف كثيراً ويعاني اضطرابات صحية كثيرة نتيجة الحرب والقصف المكثف وأصوات الصواريخ التي تسقط على غزة بلا هوادة، وتحدث أصوات انفجارات كبيرة؛ وهو ما سبب له حالة من الفزع والخوف خاصة بساعات الليل ذروة اشتداد القصف.

وقال: إنه يمضي معظم ساعات الليل دون نوم نتيجة الرعب والقصف، وما أن تبزغ شمس النهار يهرع ويقطع مسافات طويلة من أجل توفير المياه له ولعائلته، ويضطر لحمل أكثر من جالون كون عدد أفراد أسرته كبيرة الذين يوزعون على بعضهم مهام البقاء على قيد الحياة، منهم من يتولى توفير الماء وآخر الحطب وآخر طعام التكية وغيرها من احتياجات العائلة.

كيف يحوّل الاحتلال الحصار إلى أداة إبادة للأطفال في غزة؟ |  Mugtama
كيف يحوّل الاحتلال الحصار إلى أداة إبادة للأطفال في غزة؟ | Mugtama
في واحدة من أبشع صور الحرب وأكثرها إيلامًا، يتعرض...
mugtama.com
×

وأكد الفرا أنهم يعانون من الجوع الشديد ولا يأكلون كثيراً ولا يشبعون؛ لأن طعامهم قليل؛ الأمر الذي أدى إلى إصابتهم بالهزال ونقصت أوزانهم، مناشداً بضرورة التدخل العاجل لوقف الحرب وتوفير الحماية لأطفال غزة.

أما الطفل حسن أبو شمالة، فأكد أنه تولى المسؤولية صغيراً بعد أن فقد والده بالحرب، وأصبح هو المعيل لأسرته وكل شيء مطلوب منه، فاضطر إلى بيع أكياس من المياه للناس من أجل توفير الطعام لعائلته، مؤكداً أن ما يجنيه ويوفره مما يبيعه لا يكفي لشراء أي شيء نظراً للغلاء الفاحش الذي يعصف بالقطاع، لكنه يحاول توفير ما يتيسر من طعام بسيط لأشقائه.

وأضاف أنه يوكل أشقائه الآخرين بالذهاب للتكية الخيرية لتوفير الطعام وآخر يوفر الماء، مؤكداً أنهم قبل الحرب كانوا يعيشون حياة كريمة وفرها لهم والدهم، لكن اليوم فقد الأب وفقد البيت وفقد كل شيء جميل بحياته.

ومنذ بداية الحرب «الإسرائيلية» على قطاع غزة في أكتوبر 2023م، تشير الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية ومنظمات دولية إلى استشهاد أكثر من 17 ألف طفل نتيجة الغارات «الإسرائيلية»، وأن آلاف الأطفال أُصيبوا بإصابات خطيرة، والكثير منهم فقدوا أطرافهم أو أصيبوا بإعاقة دائمة، فيما الآلاف من الأطفال يُعتبرون مفقودين أو دُفنوا تحت أنقاض منازلهم والآلاف يعانون من آثار نفسية خطيرة، وفق تقارير «يونيسف».

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة