كيف يحوّل الاحتلال الحصار إلى أداة إبادة للأطفال في غزة؟

سيف باكير

30 يونيو 2025

75

في واحدة من أبشع صور الحرب وأكثرها إيلامًا، يتعرض أطفال غزة لموت بطيء تحت وطأة المجاعة وسوء التغذية، في مشهد يعكس بشاعة الحصار «الإسرائيلي» الممتد، ويفضح صمت العالم.

فمع كل يوم تغلق فيه المعابر وتُمنع فيه قوافل الإغاثة من العبور، يسقط مزيد من الضحايا، ليس تحت القصف هذه المرة، بل بفعل الجوع وانهيار النظام الصحي.

لقد تجاوزت الكارثة حدود التحذير، وتحولت إلى جريمة موثقة بالأرقام والأجساد النحيلة، في وقتٍ يواصل فيه الاحتلال استخدام الغذاء والدواء كأدوات قمع وإبادة جماعية، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا أو متواطئًا.

وفي هذا السياق، أطلقت الجهات الرسمية في غزة، وعلى رأسها المكتب الإعلامي الحكومي، إلى جانب حركة «حماس» ومنظمة الصحة العالمية، صرخات استغاثة لإنقاذ ما تبقى من الطفولة المحاصرة في القطاع.

جريمة ضد الإنسانية

المكتب الإعلامي الحكومي في غزة حذر من تصاعد فادح في أعداد ضحايا المجاعة من الأطفال، مؤكدًا استشهاد 66 طفلًا حتى الآن بسبب سوء التغذية الحاد، نتيجة استمرار الحصار «الإسرائيلي» الخانق ومنع دخول الحليب والمكملات الغذائية المخصصة للرضع والفئات الضعيفة.

وفي بيان رسمي، وصف المكتب هذه الجريمة بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، مؤكدًا أن الاحتلال يستخدم التجويع كسلاح إبادة جماعية ضد المدنيين، في مشهد يرقى إلى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية.

وأدان المكتب الصمت الدولي والعجز الأممي إزاء هذه الفاجعة الإنسانية، محملاً الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الكارثة، إلى جانب الدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، بوصفها شريكة في هذا الحصار القاتل.

وطالب المكتب بضرورة التحرك العاجل وفتح المعابر بشكل فوري والسماح بدخول الإمدادات الغذائية والطبية، محذرًا من انهيار صحي شامل يهدد حياة آلاف الأطفال والمرضى.

وكان المكتب قد أعلن في إحصائية سابقة، في 25 مايو الماضي، أن 242 فلسطينيًا -معظمهم من الرضع وكبار السن- لقوا حتفهم بسبب نقص الغذاء والدواء.

يا طفل غزة المجهود! |  Mugtama
يا طفل غزة المجهود! | Mugtama
يا طفل غزة المجهود، تقفز مشاعرنا خلف الحدود، وتست...
mugtama.com
×

«حماس»: التجويع سياسة ممنهجة تمارسها حكومة نتنياهو

من جهتها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن المجاعة وسوء التغذية باتا يفتكان بأطفال غزة في ظل الحصار «الإسرائيلي» المشدد، داعيةً إلى تحرك دولي فوري وعاجل لوقف جريمة التجويع المتواصلة.

وأشارت الحركة، في بيان رسمي، إلى أن أكثر من 66 طفلًا في قطاع غزة ارتقوا نتيجة مضاعفات المجاعة وسوء التغذية منذ بداية مارس الماضي، بفعل سياسة التجويع الممنهجة التي تمارسها حكومة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو بحق أكثر من مليوني إنسان في القطاع.

ووصفت «حماس» ما يتعرض له المدنيون، ولا سيما الأطفال، من حصار وقصف وتجويع ومجازر، بأنه جريمة مركبة وانتهاك فادح للقانون الدولي ولكل القيم والأعراف الإنسانية.

وأكدت أن الاحتلال يرتكب هذه الجرائم وهو يدرك أنه محصّن من المساءلة بفعل الغطاء السياسي والعسكري الذي توفره له الإدارة الأمريكية.

وشددت الحركة على أن المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، أمام اختبار أخلاقي وسياسي حقيقي، مطالبةً ببذل كل الجهود لإنهاء المأساة الإنسانية المتفاقمة، ووقف حرب الإبادة التي تشنها حكومة الاحتلال، والتحرك العاجل لكسر الحصار، وإدخال المساعدات الغذائية والطبية اللازمة لإنقاذ ما تبقى من الأرواح.

9 أرقام صادمة عن مأساة سوء تغذية الأطفال في غزة |  Mugtama
9 أرقام صادمة عن مأساة سوء تغذية الأطفال في غزة | Mugtama
حين يتحول الطفولة إلى دائرة انتظار مستمرة للطعام،...
mugtama.com
×

الصحة العالمية: غزة تجاوزت مرحلة الكارثة

وفي تطور مقلق، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو 112 طفلًا في غزة يُنقلون يوميًا للمستشفيات للعلاج من سوء التغذية.

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس: إن غزة تجاوزت فعليًا مرحلة الكارثة، في ظل انهيار النظام الصحي وشح المستشفيات، حيث لا تعمل إلا 17 منشأة من أصل 36.

وأشار إلى أن 500 فلسطيني قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء من نقاط توزيع المساعدات التي يديرها الاحتلال «الإسرائيلي» والولايات المتحدة، بينما تظل شاحنات الأمم المتحدة متوقفة خلف الحواجز.

وأوضح غيبريسوس أن الاحتلال «الإسرائيلي» يواصل منذ 2 مارس إغلاق المعابر بشكل كامل، ولا يسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط يوميًا، في حين يحتاج القطاع إلى 500 شاحنة على الأقل يوميًا لتفادي المجاعة.

إبادة جماعية مستمرة منذ 7 أكتوبر

منذ 7 أكتوبر 2023م، تتعرض غزة لإبادة جماعية شاملة تنفذها «إسرائيل» بدعم أمريكي، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير، وقد أسفرت هذه الحرب عن أكثر من 189 ألف شهيد وجريح، أغلبهم من الأطفال والنساء، فضلًا عن 11 ألف مفقود، ومجاعة تواصل حصد الأرواح.

وفي ظل هذا الحصار المستمر منذ 18 عامًا، تحوّلت غزة إلى منطقة منكوبة، حيث يعيش 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون بلا مأوى، بعد أن دمرت آلة الحرب «الإسرائيلية» بيوتهم ومصادر رزقهم.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة