10 أخطاء شائعة في صلاة الاستخارة.. تجنبها

كم من مصلٍّ نصب قدميه ثم رفع يديه بدعاء الاستخارة، ثم قام وقلبه مضطرب ينتظر حلمًا أو إشارة منام، وكأنَّ السماء ستبعث إليه جوابًا مكتوبًا! وكم من آخر صلّى ركعتين ثم مضى في طريقه دون تدبّر أو تفويض، فخابت مقاصده لأنّه لم يفقه سرّ الاستخارة ولا روحها!

إنَّ صلاة الاستخارة ليست مجرّد ركعتين ودعاء، بل هي تعبير عن كمال التوحيد، وذروة التسليم لاختيار الله، لكنّ كثيرين يقعون في أخطاء تُفرّغها من معناها الشرعي والروحي، ومن ذلك ما يأتي:

1- الاعتقاد بوجوب رؤيا:

يربط البعض نتيجة الاستخارة بالرؤيا المنامية فقط، حيث يعتقد أنّه لا بدّ أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله على الصواب، وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً للرؤيا، وهذا الاعتقاد لا دليل عليه، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يربطها بالرؤيا قط، بل علّقها على التيسير إلى الشيء بعد الدعاء، فالواجب على العبد بعد الاستخارة أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله مترقباً تيسيره، فإن رأى رؤيا صالحة تبيّن له الصواب، فذلك نور على نور، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.

2- الاستخارة في أمر واجب أو محرم أو مكروه:

بعض الناس يستخير في أداء الصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج، وبعضهم يستخير في تركها، وهذا لا يجوز، لأن الاستخارة لا تكون فيما أوجبه الله وفرضه ولا فيما حرمه ونهى عنه، بل تكون في المباحات والمندوبات فقط.

3- ترك الاستخارة في الأمور الصغيرة:

يعتقد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم، وهذا اعتقاد غير صحيح، لقول الراوي في الحديث: «كان صلى الله عليه وسلم يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها»، وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة في أمور قد يرونها صغيرة أو حقيرة أو ليست ذات بال؛ ويكون لها أثر كبير في حياتهم، فرب أمر يستخف به فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم أو في تركه.

ولذلك، دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمته قائلاً: «‌لِيَسْأَلْ ‌أَحَدُكُمْ ‌رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» (رواه الترمذي، وابن حبان)، وروى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا ‌الِاسْتِخَارَةَ ‌فِي ‌الْأُمُورِ ‌كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ الْقُرْآنِ».

4- تكرار الاستخارة في كل لحظة بلا تفكر:

يحرص بعض الناس على الاستخارة في كل شيء، حتى في الأمور الواضحة التي لا تحتاج وليس فيها تردد حقيقي أو حيرة داخل النفس؛ ما يُضعف معناها القلبي، فليس معنى استحباب الاستخارة في الأمور الصغيرة أن يؤديها المسلم في كل أموره، بل فيما تحير فيه أو غاب عنه وجه الصواب، صغيراً كان الأمر أو كبيراً، أما ما ظهر صوابه واعتاد المسلم فعله بدون استخارة فعليه ألا يرهق نفسه بها.

5- ترك الركعتين والاكتفاء بالدعاء:

يتسرع بعض الناس في الاستخارة فيرفع يديه بالدعاء دون أن يؤدي الركعتين، وهذا مخالف لما جاء في الحديث الشريف: «إِذَا هَمَّ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ..».

6- عدم الأخذ بالأسباب:

يظن بعض الناس أن الاستخارة تغني عن بذل الجهد أو دراسة الخيارات، فيكتفي بالصلاة والدعاء دون تفكير أو استشارة، زاعماً أن الله سيختار له دون أن يسعى، وهذا فهم قاصر يخالف مقاصد الاستخارة في السنة، ويضادّ سُنن الله في الكون التي قامت على ارتباط النتائج بالأسباب.

فالاستخارة لا تلغي البحث والسؤال، بل تتطلب أن يقدم المستخير بين يدي استخارته مشاورةَ أهل الرأي والصلاح، فإذا تبيّن له وجه الأمر استخار الله تعالى فيه أي طلب توفيقه فيه أو صرفه عنه، فالاستخارة لا تكون مع الغفلة والكسل، بل مع العمل والاجتهاد، فهي لا تعني ترك الأسباب، بل طلب البركة في السبب.

7- الاعتماد على استخارة الآخرين وتركها بنفسه:

يتوسم بعض الناس الخير في أحد من العلماء أو الدعاة أو الصالحين فيذهب إليهم ويطلب منهم أن يستخيروا الله له، استناداً منه إلى صلاحهم وقربهم من الله تعالى، وهذا خطأ في الاستخارة، حيث إن توكيل الغير بالاستخارة مخالف لما جاء في أحاديثها، فالمأمور بالاستخارة هو المسلم نفسه صاحب الأمر، ففي الحديث: «إذا هَمَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين..»، ففي قوله: «أحدكم»، وقوله: «فليركع» توجيه للشخص نفسه في أن يقوم بها بنفسه، وليس بتوكيل غيره.

8- الاستخارة بعد اتخاذ القرار والميل القلبي له:

يؤدي بعض الناس صلاة الاستخارة بعد أن يأخذ القرار بالفعل ويعقد العزم عليه، وهذا خطأ، حيث يغيب عنها معنى طلب الاختيار، إذ إنه اختار بالفعل، فهنا لا تكون الاستخارة منه إلا محاولة لتبرير ما يسعى إليه.

9- الاستعجال في ظهور النتيجة:

يستعجل بعض الناس الأمور دائماً، حيث يستخير أحدهم ثم يريد جوابًا سريعًا في اليوم نفسه! والصحيح أن ينتظر التيسير أو التعسير، ويصبر على ذلك، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: «يطلب من المستخير ألا يتعجل الإجابة؛ لأن ذلك مكروه، لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي»، كما ‌يطلب ‌منه ‌الرضا ‌بما ‌يختاره ‌الله ‌له».

10- اليأس إذا لم يرتح قلبه لشيء:

من الأخطاء المنتشرة أن بعض الناس بعد أن يستخير الله في أمرٍ ما، ينتظر انشراحًا قلبيًّا فوريًّا أو إشارة وجدانية يطمئن بها، فإذا لم يرتح قلبه؛ عدَّ ذلك علامةَ رفضٍ من الله، وأصابه القلق واليأس، وربما كرّر الاستخارة مراتٍ عديدة ظنًّا أن عدم الارتياح دليل غضبٍ أو صدٍّ إلهي، وهذا الفهم مخالف لحقيقة الاستخارة في الشرع، ولما قرره العلماء من أن الخيرة تُعرف بالتيسير أو التعسير لا بمجرد الشعور النفسي، فكم من عبدٍ كره أمرًا ثم تبين له أن فيه الخير، وكم من عبدٍ أحب أمرًا فكان فيه الشر، فالخيرة ليست في موافقة الهوى، ولكن في موافقة علم الله وحكمته، قال تعالى: (وَعَسَى أَنْ ‌تَكْرَهُوا ‌شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 216).

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة