العنوان المجتمع الثقافي(1341)
الكاتب مجلة المجتمع
تاريخ النشر الثلاثاء 09-مارس-1999
مشاهدات 26
نشر في العدد 1341
نشر في الصفحة 52
الثلاثاء 09-مارس-1999
نسرين:
الفن كالخمر .. إذا كان كثيره مسكرًا فقليله حرام
إعداد: مبارك عبد الله
- يوم يملك المسلمون مفاتيح هذه الوسائل سيكون لي رأي آخر
قامت الفنانة التائبة نسرين بزيارة إلى دبي مؤخرًا، حيث ألقت سلسلة من المحاضرات العامة للنساء جذبت أعدادًا كبيرة منهن.
«المجتمع» أجرت معها هذا الحوار حول االأسباب التي وقفت وراء هدايتها؟
قالت: إنه لن يكون هناك مخلوق له اليد في هدايتها، بل إن الهداية كانت من عند الله، مشيرة إلى أنها كانت لحظة في عام 1991م قبل حرب الخليج بيومين، وكانت تجلس في بيتها تفكر في العديد من الأمور، وعلى الرغم من أنها قد دخلت تجربة إنتاج أولى لأحد الأفلام، والتي وضعت فيها كل ما تملك من مال، إلا أنها أثناء لحظة تفكرها وجدت أنه ينقصها الكثير، وفجأة قررت ارتداء الحجاب، وعندما جاء زوجها أخبرته وكانت مفاجأة له، ولكنه اقتنع بها سريعًا وساعدها على التنفيذ في اللحظة ذاتها وتبعها هو بترك مجال الفن بعد أربعة أيام فقط.
ظاهرة اعتزال الفن
وعن رأيها حول تفسير أن ظاهرة الذين اعتزلوا الفن كانوا من النساء أوضحت: إن الله تعالى كرم المرأة أحسن تكريم وجعل السعي والركض على الرزق من نصيب الرجل لما لديه من مقومات تساعده على أداء هذا الدور وتحمل أعبائه تجاه نفسه وأسرته، والمرأة كما خلقها الله أكثر عاطفية وضعيفة، وقسوة الحياة تؤذيها أكثر فأكثر والأعمال الفنية وما يصاحبها من شهرة ومال ربما تنساق المرأة إليها بدون وعي ولكى يتنازعها الشق الآخر من طبيعتها وفطرتها والمتمثل فى خيريتها وإنسانيتها، فعندما تخلو مع نفسها وتقف وقفة تأمل في مسيرة حياتها تدرك أن ما تقوم به ليس حلًا وبالتالي تغلب الفطرة نوازع الشر في النفس البشرية فتبتعد عن طريق الحرام وما يؤدي إليه وتترفع عن الشبهات خشية الوقوع فيها، وإذا كانت هناك كثيرات من الفنانات التائبات فهناك أيضًا رجال أجلاء اعتزلوا الفن وهم محل تقدير واحترام.
- ما رأيك في الفن من حيث الحل والحرمة؟
خلال مسيرة ممارستي للفن كان هناك إلحاح شديد بداخلي يقول لي إن هذا الطريق حرام وكنت أندفع إليه تارة وأتراجع تارة أخرى وألوم نفسي حتى جاءت اللحظة الحاسمة، لأنجو بنفسي وأعود إلى ربي.
والفن في رأيي «حرام» وأشبهه بالمشروبات المحرمة.. إذا كان كثيرها مسكرًا فقليلها حرام.. والتمثيل في حد ذاته تقليل وتقمص وازدواجية وعدم مصداقية وممارسات خيالية وافتعال لأحداث ومواقف بعيدة عن الواقع، ناهيك عن التبرج والاختلاط والتزين للأجانب، وكلها أمور مشينة تؤدي إلى التهلكة والعياذ بالله.
- ذكرتِ سابقًا أنك كنتِ بصدد الدخول في تجربة الإنتاج الفني قبل إعلان توبتك.. هل من الممكن أن تكون هناك سينما ومسرح إسلامي وتسخر هذه الأدوات لخدمة الإسلام وقضاياه؟
يجب علينا أن نعرف جوهر ديننا الإسلامي، فالإسلام انتشر في معظم أنحاء العالم عن طريق التجار المسلمين والاحتكاك المباشر والمعاملات والقدوة الحسنة وأنماط حياة تختلف كلية عن أنماط حياة غير المسلمين، فالسينما والمسرح لن تخدم الإسلام بالشكل المطلوب، فهذه وسائل ليست لنا ولسنا مسؤولين عنها الآن ولا نملك مفاتيحها التوجيهية وهي - أي السينما والمسرح - أسست للإفساد وليس للإصلاح، والقائمون عليها وجهوها ووضعوا لها البرامج والأسس لتحقق أهدافًا معينة وهي إبعاد المسلم عن دينه وقيمه، وبالاستطاعة استخدام وسائل أخرى وعلى سبيل المثال فإن منظمة «شهود يهوه» تقوم دعوتها على طرق الأبواب وشرح وجهة نظرها، ويناقشون القضايا، ومن وجهة نظرهم وجهًا لوجه، ويحققون يوميًا استجابات لأفكارهم، لأن الوسيلة المستخدمة هي الإقناع وجهًا لوجه وليس عن طريق شاشة متلفزة! الشيء نفسه تقوم به جماعات التنصير في إفريقيا وآسيا، فتتخذ من المعاناة وسيلة لبث سمومها ونشر أفكارها واستخدام المعونات في التأثير على ضعاف النفوس وأصحاب الحاجات.
- ولكن أليس المطلوب منا الاستفادة من الوسائل العصرية في عرض الإسلام وقضاياه، وأن نسمح بالمناقشة حول قضاياه وعلى الهواء مباشرة من خلال الفضائيات.. لماذا لا نستفيد ونطوعها من أجل ديننا؟
يوم أن يملك المسلمون مفاتيح هذه الوسائل ويقودونها خدمة للإسلام.. أعتقد سيكون لي رأي آخر.. ولكن أن يكون مؤسسوها اليهود والنصارى من أمثال مزراحي ومصباحي وغيرهم فهي وسائل استعمارية ولا تعبر عن شخصيتنا الإسلامية.
- أنتِ مع أي الفريقين.. الفريق الذي يدعو الفنان التائب إلى العمل في الوسط الفني بشروط أم الذي يدعو الفنان التائب للتفرغ للعبادة وإعطاء ظهره للآخرين؟
أنا مع الفريق الثاني لأنه من خلال تجربتي وجدت الفن مجالًا فيه لغو ولهو وبعيد في تفاصيله عن الإسلام وقيمه وفيه اتباع للهوى ومضيعة للوقت، والمسلم مطالب باستغلال كل دقيقة في حياته، والعمل في الوسط الفني - وبعد تجربتي المريرة - وجدت أنه إيذاء للمرأة وإهانة لها أكثر من الرجل.
- ما توجهاتك الفكرية والثقافية؟
أنا مع القرآن والسنة ولست مع أو ضد أم تيار إسلامي أو جماعة بعينها، فالقرآن هو المعين الأول الذي أتلقى منه، وما أعجز عن فهمه أبحث عنه في التفاسير، وأصنع بنفسي طريق التزامي من خلال القراءة ولا أحب التبعية لفصيل على حساب فصيل آخر.. فأنا مع كل المسلمين ولا أنشد التحزب.
شخصية المسلم
هل أنتِ راضية عن مضمون وشكل شخصية المسلم المتدين في وسائل الإعلام؟
بالطبع لا، وهذا يؤكد أن هذه المؤسسات لم تنشأ لصالح الفكرة الإسلامية، بل نشأت التصور المسلم المتدين بصورة هزلية سواء كانت في شكل واضح ومباشر أو بشكل غير مباشر مثل شخصية مدرس اللغة العربية أو المأذون، وكما تعرض الآن بشكل مباشر فالملتحي منحرف السلوك مرتشٍ مريض العقل قاسي القلب لا يبر والديه، فاشل في دراسته.. كل صفات السوء ألصقت بهذه الشريحة لتؤكد هوية السينما والمسرح.. فكيف تقول إنه يمكن أن يأتي من هذه المؤسسات الخير؟؟
وأما الراقصة فدائما يشبهها الإعلام بأنها بطلة مثالية تقوم بأعمال إنسانية، والمرأة عندما تخون زوجها فلها ما يبرر ذلك، ففي ثلاثية نجيب محفوظ مثلًا ترى الشارع المصري كأنه ملهى أو كباريه.. «سي السيد» يحافظ على الصلاة بالنهار، وبالليل تجده مع العوالم والراقصات، والمرأة البسيطة الطيبة الوحيدة زوجة «سي السيد» تظهر بصورة امرأة ساذجة سلبية، ناهيك عن أن معظم الأفلام والأعمال الفنية تتناول تعبيرات وألفاظًا ساخرة من كل رمز إسلامي.
وعندما استنتجت أنها عملية منظمة من أجل ترسيخ سلوك نمط منحرف لكي يترسب ويترسخ في وجدان وعقل المشاهد المسلم لإبعاده عن دينه وتمييع الحلال والحرام في عقله ووجدانه، كان هذا الرأي بمقاطعة كافة الأعمال السينمائية الجادة منها والهزلية.
إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ
سورة الكوثر مكية وآياتها ثلاث (108)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر﴾
ليس فينا من لا يحفظ سورة الكوثر ولكن الكثيرين يتوقفون أمام قوله تعالى:﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ متسائلين عن معاني هاتين الكلمتين «الشانئ» و«الأبتر».
وإذا كانت كلمة الأبتر يسيرة الفهم نسبيًا فإن كلمة «شانئك» ومادة الشنان التي وردت في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع - منها سورة الكوثر - تحتاج منا إلى وقفة كي نستجلي معانيها عند المفسرين واللغويين.
يقول المفسرون «إن شانئك» أي مبغضك وعدوك لأن «الشناءة» في اللغة البغض.. وقد وردت مادة الشنان في سورة المائدة في آيتين متقاربتين، وذلك في قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ (المائدة-2)، والآية الثانية في قوله تعالى ﴿لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾، والمعنى كما أورده المفسرون هو لا يحملنكم بغض قوم على ترك العدل لأن ترك العدل فيه تجاوز لحدود الله تعالى، وكما قال الإمام ابن كثير، رحمه الله: «فإن العدل واجب على كل أحد في كل أحد في كل حال وقد قال بعض السلف ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه» ا. هـ.
والشناءة لغة البغض : تقول شنئ الشيء وشنأه «بكسر النون وفتحها»، ويشنوه شنئًا وشنئًا ومشنأ ومشنا ومشنأة ومشنوة وشنائًا وشنآنا كلها بمعنى أبغضه أي أبغض الشيء.
أما البتر في اللغة فهو القطع.. والمبتور هو المقطوع، وقيل إن الله عز وجل لما أوحى إلى رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدعوة قريش إلى الإيمان قالت قریش «انبتر» منا محمد أي خالفنا وانقطع عنا وانفصل، والأبتر من الرجال الذي لا ولد له.
وقد ورد في أسباب نزول قوله تعالى: ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أن العاصي بن وائل وقف مع النبي صلى الله عليه وسلم يكلمه فقال له جمع من صناديد قريش: مع من كنت واقفًا؟ فقال العاصي: مع ذلك الأبتر، وكان قد توفي قبل ذلك عبد الله ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من خديجة فأنزل الله سبحانه قوله الكريم﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ أي أن مبغضك هو المقطوع ذكره من خير الدنيا والآخرة.. وكانت العرب تسمي من كان له بنون وبنات ثم مات البنون وبقي البنات أبتر.. وكانوا يقولون بتر فلان أي انقطع نسله من البنين.
ويروى أيضًا أن هذه الآية نزلت في شأن أبي جهل إذ خرج إلى أصحابه لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بتر محمد.
والأبتر من الرجال الذي لا ولد له كما أشرنا.
أنور عبد الفتاح
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل