; العُمَّال في مواجهة خطرين: الظلم الرأسمالي والاستغلال الشيوعي | مجلة المجتمع

العنوان العُمَّال في مواجهة خطرين: الظلم الرأسمالي والاستغلال الشيوعي

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 04-مايو-1971

مشاهدات 9

نشر في العدد 58

نشر في الصفحة 6

الثلاثاء 04-مايو-1971

من حق العمال أن يتمتعوا بعائد جهودهم وكدهم.. ومن واجبهم أن يطالبوا بهذا الحق إذا نزل بهم جور ما.

فإن التفريط في الحق ليس حرمانًا من السكن الجميل والطعام الممتاز واللباس المحترم الأنيق.. وليس حرمانًا من الصحة والتعليم إلخ... إن التفريط في الحق -كذلك- طعنة خطيرة في إنسانية العامل قبل أي شيء آخر.

وما وقع ظلم في الأرض إلا بعد أن وجد فراغًا هائلًا اسمه: التفريط في الحقوق.. بمعنى أن التفريط في الحقوق هو الذي يغري هواة الظلم والعسف بممارسة هواياتهم المتعبة والمحطمة.

وفي أزمنة غابرة، وكذلك بعد قيام حركة التصنيع العارمة؛ نزل بالعمال من الظلم ما لا يوصف ولا يطاق.. ومع تزايد حركة الوعي النقابي.. وتكاثر المطالب اليومية؛ أخذ الظلم يخف بالتدريج، ويحقق العمال لأنفسهم مكاسب تمكنهم من الظفر بمقادير معقولة من عائد جهدهم..

لكن الصراع ظل قائمًا بين الظلمة.. وأصحاب الحقوق، وفي هذا الصراع سقط من العمال ضحايا كثيرة... وكنموذج من هذه الضحايا: قتل ستة من العمال في مصنع «كروميك» أثناء إضرابهم المطلبي، وكان ذلك في أوائل مايو عام ١٨٨٦.. في أمريكا، واستغلت الشيوعية العالمية هذه الحادثة وجعلتها للعمال عيدًا يحتفل به كل عام.. وفق مزاعمها الخرافية في تبني قضايا العمال في العالم.

ويجب ألا نمل أبدًا وألا يمل العمال في التنديد بالامتصاص الرأسمالي البشع لعرق العمال.. ويجب أن يتبع هذا التنديد عمل منظم مستنير؛ للمطالبة بالحقوق في إصرار حتى ينتصر العمال في هذا الكفاح الشاق.

ولكن على العمال أيضًا أن يحترسوا تمامًا من استغلال لا يقل بشاعة ولا سوء قصد عن الاستغلال الرأسمالي.

ونعني به الاستغلال الشيوعي للعمال.

إن الشيوعيين واليساريين بصفة عامة اتخذوا قضايا العمال تجارة في سوق السياسة والكسب الحزبي والاستقطاب الأيدلوجي

إن هؤلاء لا يهمهم من أمر العمال إلا تحقيق أهدافهم السياسية، التي هي في النهاية دفن أبدي لحقوق العمال ومطالبهم.

إن وضع العمال في البلدان الرأسمالية سيء ومحرج..

وإضرابات العمال المتوالية في بريطانيا -مثلًا- في الأشهر الأخيرة؛ دليل قائم على ما يعانيه العمال من إهدار لحقوقهم.. ولا ندخل الآن في تحديد درجات التفاوت النسبي في نوع الظلم الذي وقع على العمال هناك في بداية الكفاح.. ونوع الظلم الذي يقع عليهم اليوم.. فذلك موضوع قائم بذاته.

ولكن هل وضع العمال في البلدان الشيوعية مريح وطيب؟ إن حقوق الانسان في تلك البلدان مهدرة جملة.. وبالتالي؛ فإن قضايا العمال وكفاحهم النقابي.. وحقوقهم في المطالبة والإضراب.. كل ذلك لا وجود له في المجتمعات التي وقعت تحت سيطرة الشيوعيين.

ومثلًا.. قبل فترة قصيرة تحركت الدبابات واستنفر حلف وارسو.. وعقدت الاجتماعات المطولة في المراكز الرئيسية للقيادات الشيوعية.. من أجل ماذا؟ من أجل قمع حركة داخلية في بولندا.. وهذه الحركة لم تقم بها الكنيسة هناك حتى تتهم بالردة إلى الدين.. ولم تطالب بالحريات العامة حتى تتهم بالترف البرجوازي.

لقد قامت الحركة تطالب بالزبدة والبيض والفواكه.. وكان قوام هذه الحركة عمال الموانئ.. وربات البيوت اللاتي تملكهن الخوف على مستقبل صحة أولادهن من جراء النقص في هذه المواد.

ومع هذا الظلم الواضح للعمال؛ تتاجر الحركة الشيوعية في كل مكان بقضايا العمال.

 ومن الوعي النقابي العمالي، ومن حرص العمال على مصالحهم أن يحترسوا من هؤلاء التجار؛ لأن المتاجرة بقضايا العمال على هذا النحو يؤدي إلى استخفاف بحقوق العمال.

* سينظر إلى مطالب العمال على أنها استغلال سياسي من بعض الجهات.

* سينظر إلى حركتهم النقابية نظرة ارتياب بسبب اندساس المستغلين في داخلها

وعلاج ذلك؛ قيام حركة عمالية وطنية أصيلة واعية شجاعة تركز همها في قضيتين اثنتين.

١- المطالبة المستمرة بالحقوق العمالية البحتة، وتحسين مستوى العمال ماديًّا وأدبيًّا.. مبتعدة تمامًا عن التهريج السياسي.

٢- الانكباب المخلص على تطوير المهنة أو الحرفة لتجويد الإنتاج... فكما أن من حق العامل أن يطالب ويأخذ.. من واجبه أن ينتج ويعطي.

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل