; الزنا وأضراره في الدنيا والآخرة | مجلة المجتمع

العنوان الزنا وأضراره في الدنيا والآخرة

الكاتب عبدالرحمن عبدالله آل فريان

تاريخ النشر الثلاثاء 28-يونيو-1988

مشاهدات 49

نشر في العدد 872

نشر في الصفحة 42

الثلاثاء 28-يونيو-1988

الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأباح الحلال، ومنعنا من الحرام، والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله وآله وصحبه الكرام، الشريعة الإسلامية جاءت بما يصلح البرية أولها وأخراهم، و يقوم اعوجاجهم ويبعد الآثام بطاعة الله ونهيهم عن معصيته، و بينت أن الطاعة من الفوز والسعادة، وما يترتب علي المعصية الخزي والندامة، فأباحت لهم الحلال والطيبات، وحرمت عليهم المضار والخبائث والمحرمات، ومن ذلك منعت عنها الشريعة الإسلامية الزنا  والوسائل الموصلة إليه والأسباب المقربة كالنظر للمرأة الأجنبية والتلذذ بصوتها أو التحدث معها، وهذا من محاسن الشريعة الإسلامية، ولله الحمد والمنة. ولأجل الحفاظ على النسل نهته عن هذه المضار والزنا جريمة أخلاقية لحرمة المرأة بغير حق ولا يجترئ إلا من فسدت أخلاقه واختل مزاجه و قال النبي صلى الله عليه وسلم « لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَشْرَبُ الخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وهو مُؤْمِنٌ»(البخاري:2475 ) وقد أباح الله الحلال وهو الـزواج والنكاح الحلال بدلًا عن هذا الفعل المعصية الكبيرة، وكان الزنا عيبًا ورذيلة حتى عند العرب قبل الإسلام، كما قالت هند بنت أبي سفيان حين صدرت المبايعة للنساء وسمعت صلى الله عليه وسلم: ﴿ولا يزنين﴾ قالت: قال لا والله ما تزني الحرة. وقال أبو عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم يوم العقبة كانت البيعة أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نقتل أولادنا ولا تأتي بيهتان ولا نعصي الله، وقال: وإن وفيتم فلكم الجنة وقد حكم على الزنا بالفحش والقبح والسوء فقال ناهيًا: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ﴾ (الإسراء:32) و رتب الله على فعله العقوبات الشـديدة في الدنيا والآخرة، فعاقب عليه في الدنيا بالحدود المؤلمة والرادعة للآخرين، فأمر بجلد الزاني والزانية منهما مائة جلدة حتى يذوق الجسد والضرب كما ذاق اللذة المحرمة ووقع في المعصية فقال ﴿ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجۡلِدُواْ كُلَّ وَٰحِدٖ مِّنۡهُمَا مِاْئَةَ جَلۡدَةٖۖ وَلَا تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۖ وَلۡيَشۡهَدۡ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٞ مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ لزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ (النور2:3)  فسمی هذا الحد عذابًا ،وهذا العذاب بدأ بالدنيا قبل الآخرة .وأمر بشهوده أي حضوره حتى يبلغ الآخرين و يرتدع كل الناظرين، وهذا الحد إذا كانا بكرين لم يتزوجا قبله. أما إذا كانا قد تزوجا زواجًا صحيحًا فقد أنزل الله فيه آية أخرى وحكمًا أخر في آية نسخ لفظها وبقي حكمها وهي قوله تعالى: « الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم » قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني أخشى أن يقول إنسان الرجم ليس في كتاب الله وإنه لفي كتاب الله، وإنا قرأناها وعرفناها، ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، ورجم النبي صلى الله عليه وسلم ورجم أبو بكر، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام نفذ هذا الحكم في حياته في أشخاص زنوا كماعز الذي أقر بالزنا، وكالغامدية التي أقرت بالزنا ووجد فيها الحبل، فأمر برجمهما فرجما حتى ماتا. ونفذ ذلك أصحابه من بعده. وفي إقامة الحدود رضا لله عز وجل ونزول البركات ودفع النقمات وردع المجرمين والمجرمات كما جاء في الحديث «لحد من حدود الله يقام في أرض الله خير من أن يمطروا أربعين خريفًا» وجاء الوعيد على المتسبب في ضياع الحدود والشفاعة لأهلها فقال النبي صلى الله عليه وسلم « مَن حالَت شفاعتُهُ دونَ حدٍّ من حدودِ اللَّهِ فقَد ضادَّ اللَّهَ في أرضه» وفي لفظ «في أمره»(أبو داود:3597) والحديث الآخر « إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»(البخاري:3316).

ويترتب على فعل الزنا عقوبات في الآخرة بالغضب والنار والعياذ بالله .

 وجاء في حديث الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم قال: فأتينا على مثل التنور وأحسب أن أعلاه ضيق وأوسطه واسع، فإذا فيه لغط وأصوات، وإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوًا، قال: قلت لجبريل وميكائيل ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق ثم بعد ذلك أخبراه بما مر عليه في مسراه، فقالا له: وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل التنور فهم الزناة والزواني. ولا فشت هذه الجريمة في مجتمع إلا وسقط من عين الله وتدهور في أخلاقه ومعاملته، وتسلطت عليه الأعداء كما هو واقع في كثير من البلدان. أما الكفار فليس هو أعظم من الكفر خالدون مخلدون في نار جهنم، لا عبرة لهم نسوا الله فنسيهم مع أنهم الآن يحذرون من الزنا مخافة الأمراض والعياذ بالله، فتسبب هذه الجريمة التي هي وضع نطفة في فرج فيه نطفة أخرى الأمراض المتنوعة كمرض السيلان والزهري وداء الشجر ومرض الهربس والإيدز وغيرها من الأمراض التي انتشرت عند العالم الذين يقعون في هذه الفواحش كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: « لم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعْلِنوا بها، إلَّا فشا فيهم الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضَتْ في أسلافِهم الَّذين مَضَوا قبلَهم »(ابن ماجه: 4259) وقال ربنا في محكم التنزيل  ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ (الإسراء:32) وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا  إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا﴾ (الفرقان68:70) وفقنا الله وهدانا وإياكم والمسلمين على صراطه المستقيم، وجنبنا جميعًا الطرق الموصلة إلى الجحيم. وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

  • إذا تفشى الزنا في مجتمع ما سقط المجتمع من عين الله، وتدهور في أخلاقه ومعاملته.
الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

نشر في العدد 16

866

الثلاثاء 30-يونيو-1970

نشر في العدد 71

46

الثلاثاء 03-أغسطس-1971