; المجتمع الاقتصادي (1643) | مجلة المجتمع

العنوان المجتمع الاقتصادي (1643)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر السبت 19-مارس-2005

مشاهدات 19

نشر في العدد 1643

نشر في الصفحة 46

السبت 19-مارس-2005

«العولمة».. تجويع للشعوب وإفقار للدول

%23 من سكان العالم ونصف العرب يعيشون تحت خط الفقر

في الوقت الذي تشغل فيه أجهزة الإعلام الرأي العام العالمي بخطر «الإرهاب» والحرب عليه، فإن هذه الأجهزة لا تكاد تلتفت إلى المشكلات الحقيقية التي تعاني منها البشرية مثل الفقر والجوع والأمراض وانتشار الأوبئة والحروب والتي يسقط بسببها ملايين الضحايا سنويا، بل إن هناك تعليمًا إعلاميًا مقصودًا على ضحايا هذه الأزمات ما داموا ينتمون إلى الدول النامية.

فعلى سبيل المثال وبحسب تقديرات الأمم المتحدة يموت نحو ۱۳ مليون طفل دون سن الخامسة كل عام بسبب سوء التغذية، فيما يموت ٥٢ مليون شخص على مستوى العالم سبب الأمراض والحروب..

عولمة الفقر:

يتوسع انتشار الفقر في العالم يومًا بعد آخر، ونتيجة طبيعية له يقع الناس في براثن الجوع والمرض وتقول الإحصاءات إن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر العالمي - المحدد دوليًا بأقل من دولار واحد في اليوم - وصلت إلى ٢٣% من سكان العالم، أي نحو 1.4 مليار شخص، فيما يعيش نصف السكان بأقل من دولارين في اليوم، كما ارتفع عدد الدول الأقل نموًا في العالم من ٢٥ دولة عام ١٩٧١م إلى 48 دولة عام ۱۹۹۹م، ليصل عددها اليوم إلى نحو 86 دولة. كما أن ٣٣ ٪ من الأشخاص في الدول النامية يعتبرون من الفقراء، و٥٠ ٪ من سكان القارة الإفريقية يعيشون تحت خطر الفقر. هذا بالإضافة إلى أن انتشار الفقر يساهم في الإصابة بالأمراض وزيادة عدد الوفيات المبكرة وخفض الإنتاجية، وضعف الاقتصاد، وانعدام الخدمات الضرورية.

إذًا، فالمعادلة العالمية مختلة وتسير باتجاه المزيد من الكوارث، حيث تؤكد البيانات أن 20% من سكان العالم يحصلون على 85% من الدخل العالمي، ويستهلكون ما مقداره 80% من الموارد. والإدراك مدى هذا التراجع وخاصة في الدول النامية، فإن دخل الفرد فيها عندما تم تأسيس منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية في الستينيات، كان يصل إلى ٢١٢ دولارًا سنويًا، وفي الدول الغنية إلى 11400 دولار، وبعد 40 عامًا، ورغم ما شهده العالم من تقدم وازدهار. لم يرتفع متوسط الدخل الفردي في الدول النامية إلا إلى ٢٦٧ دولارًا، بينما ارتفع متوسط الدخل الفردي في الدول الغنية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى ٢٢٤٠٠ دولار.

وأكدت دراسة صدرت عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» أنه بحلول عام ٢٠٠٥ ستضم المدن بين جنباتها أكثر من نصف سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر.

إرهاب الجوع:

يعتبر الخبراء أن الجوع أحد إفرازات الفقر المدقع الذي ينتشر في أغلب الدول النامية، وهو يفتك بضحاياه بصمت ودون ضجیج؛ ما دام لا يسبب إزعاجًا للدول الغنية أو لرعاياها. وفي العديد من الحالات وجدت الدول الغنية في المجاعات التي تضرب الدول النامية، وخاصة في إفريقيا، فرصة للتدخل وتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية على حساب مأساة الشعوب، كما حدث حينما تدخلت الولايات المتحدة في الصومال لإنقاذ الجميع تحت عملية إعادة الأمل.

 أما بالنسبة لحجم مشكلة الجوع، فلا توجد إحصاءات دقيقة ولا خريطة تفصيلية لها، وما تقدمه تقارير منظمة «الفاو» في هذا السياق لا يعبر عن الواقع بشكل دقيق. لكن الظاهرة في تفاقم حيث كشف آخر تقرير المنظمة «الفاو» عن ارتفاع عدد الجياع في العالم من ٨٠٠ مليون شخص عام ٢٠٠٢م إلى 864 مليون شخص عام ٢٠٠٣ م أي ما يقرب من 14.4% من عدد سكان العالم، وأن أعدادًا كبيرة من الأطفال يموتون بسبب الجوع.

أسباب تفاقم الأزمة:

على الرغم من وجود مجموعة من الأسباب الموضوعية التي تقف وراء ظواهر الفقر والجوع وانتشار الأمراض في الدول النامية، إلا أن العديد من الخبراء والدارسين لهذه الظواهر يؤكدون أن الدول الغنية هي المسؤولة بشكل مباشر عن هذه المشكلات ووصولها في كثير من المناطق إلى حدود الكارثة الإنسانية، وأن المعالجات الدولية كانت وما تزال قاصرة في التعامل مع هذه الكوارث الإنسانية السائرة في طريق الانفجار، ويمكن تحديد الأسباب فيما يلي:

أولًا: الحروب: كانت الدول النامية والفقيرة - ولفترات طويلة - ساحات حرب أهلية وأحيانا خارجية مدمرة تغذيها الدول الغنية وأطماعها في ثروات هذه الدول.

ثانيًا: تفاقم ظاهرة المديونية الخارجية الدول النامية، والتي وصلت إلى مستويات خطيرة تهدد نموها الاقتصادي وتلتهم ثمار التنمية، فقد ارتفعت قيمتها أربعة أضعاف في ٢٠ سنة، وتستنزف خدمات هذه الديون فقط القسم الأعظم من إنتاج الدول النامية السنوي. 

ثالثًا: إهمال عمليات الإصلاح الاقتصادي التي رعاها وأشرف عليها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للبعد الاجتماعي في العديد من الدول، مما قائم من ظواهر الفقر والجوع والبطالة وغيرها.

رابعًا: الفساد: تمثل ظاهرة الفساد في الدول النامية القوة الخفية التي تستنزف الموارد المالية بطريقة عجيبة، وتؤكد دراسة مخلصة في هذا السياق أن كل عصابات الفساد السياسي في العالم الثالث والعالم الثاني «الدول الاشتراكية سابقًا» وجدت في عمليات الإصلاح الاقتصادي ملعبًا واسعًا لتحقيق أعلى الأرباح، وكمثال على حجم الفساد قال أحد خبراء البنك الدولي إن أكثر من ١٠٠ مليار دولار تمثل خمس إجمالي القروض التي قدمها البنك الدولي في تاريخه ضاعت بسبب فساد الحكومات التي تحصل عليها.

خامسًا: تدمير القطاع الزراعي في البلدان النامية، ومنعها من تصدير منتجاتها بسبب السياسات العمالية التي تطبقها الدول المتقدمة، فعلى سبيل المثال بلغ الدعم المباشر المقدم للمزارعين في البلدان المتقدمة ٢٢٥ مليار دولار في عام ٢٠٠٢ م وهو رقم يزيد بمقدار ٣٠ ضعفًا من المبالغ المقدمة لدعم التنمية الزراعية في البلدان النامية.

سادسًا: تراجع إنتاج الغذاء وبالتالي انخفاض المخزون العالمي من الحبوب فقد أفادت منظمة «الفاو» في نشرتها الدورية بعنوان «توقعات الأغذية في العالم» أن مخزونات العالم من الحبوب قد تتراجع في الفترة ما بين ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ م من الموسم التسويقي وهو الانخفاض السنوي الخامس على التوالي.

سابعًا، تزايد مشكلة التصحر في العالم وفقدان الأراضي الزراعية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على أصحاب هذه الأراضي وبالتالي على إنتاج وتوفير الغذاء لهم وتقول البيانات الإحصائية إن ١٣٥ مليون شخص يواجهون خطر النزوح من أراضيهم بسبب هذه المشكلة.

ثامنًا: ضعف المساعدات التنموية والإنسانية التي تقدمها الدول الغنية للبلدان النامية، فقيمتها لم تتجاوز ٠.٧% من ناتجها القومي.

تاسعًا، زيادة الإنفاق العسكري في الدول النامية إذ تخصص هذه الدول ميزانيات كبيرة للدفاع وشراء الأسلحة والمعدات الحربية، وبلغ إنفاق الدول النامية على التسلح خلال العام الماضي نحو ١٢٥ مليار دولار. 

تلك بعض بثور العولمة: الجوع والفقر والأمراض وانتشار الحروب وطبعًا لم ينج العرب من هذه التداعيات حيث تشير البيانات إلى أن هناك أكثر من 50% من العرب يعيشون تحت خط الفقر، وتوجد أربع دول عربية ضمن الدول ال٢٥ الأشد فقرًا في العالم، فيما تتفاقم المشكلات والأزمات الأخرى وفي مقدمتها مشكلة البطالة التي وصلت إلى 15% من مجموع الأيدي العاملة حسب التقديرات المتفائلة.. فأين خطر الإرهاب وضحاياه من هذه الكوارث الإنسانية الكبرى؟

وكالة قدس برس

عواقب الاحتكار الجديد

انهيار المحلات الصغيرة التي تخدم الأحياء البعيدة

كلنا نعلم كيف تصرف الخلفاء الراشدون حين ولوا الخلافة، وكيف سلكوا مسلكًا جديدًا في الحكم، مسلكًا وافق الإسلام وناسب المجتمعات التي حكموها (كتعطيل سهم المؤلفة قلوبهم، وكإيقاف الحد عام الرمادة...).

ولقد أجاز الشارع تغير الأحكام بتغير الأزمان، ووضع بابًا سماه «باب سد الذرائع» وفي الفقه باب معروف اسمه «المصالح المرسلة»... فالشريعة في بعض أحكامها طيعة مرنة تناسب كل الحالات وليشيع العدل في كل زمان ومكان، وكلما عرض للمسلمين أمر جديد في حياتهم يدرسونه من كافة أطرافه، ولا يكتفون بظاهرة وببعض جوانبه - ثم يصدرون الحكم المناسب له على ضوء الشريعة الإسلامية.

ولو وضعنا «الاحتكار» قيد البحث، لوجدنا أن هذه الطريقة في التجارة تضر بتركيبة المجتمع وتلحق الأذى بالآخرين، ولو احتكمنا إلى شريعتنا، لوجدنا أن بعض الأحكام الشرعية تصب في صالح الفكرة التي أطرحها.

ولقد كان التاجر من قديم يقول لزبونه: «لقد بعت اليوم بما يكفيني من المال، فاذهب فاشتر من جاري»!!! وإن الإيثار لمن أهم القيم التي دعا إليها الإسلام، وننتظر من التجار شيئًا من القناعة وشيئًا من العدل مع إخوانهم العاطلين الغارمين، إذ لا يعقل أن يتمتع القلة بثروة الملايين، ويبيت الآخرون على الفقر والطوى. 

وهناك مساوئ أخرى لهذا الاحتكار هي:

 1- تلاشي الدكاكين التي كانت تخدم الأحياء البعيدة، ونحن أول الخاسرين لأنها كانت توفر علينا عناء السير مسافات بعيدة لشراء المواد الضرورية.

2-الخسائر الفادحة التي يتكبدها شباب الخريجين بعد أن يلجؤوا للعمل الحر حيث يدرس الشاب احتياجات السوق ويخطط لمشروع جيد ومعقول، ويعمل على تنفيذه بعزم ونشاط، ثم يجلس في دكانه ينتظر جزاء عمله، فيخذله الناس وينصرفون عنه، فتكسد بضاعته وتتقادم، وتمر الأيام سراعًا ويأتيه مالك الدكان مطالبًا ببقية الأجرة، ويأتيه التجار يطالبونه بثمن البضاعة، فيسلم الدكان ويبيع البضاعة بأبخس الأثمان ويواجه صاحبنا الكادح المسكين الخسارة والبوار وتلاحقه الديون، ويقعد عاطلًا بلا ذنب وقع فيه ولا خطأ اقترفه.

أما لماذا انصرف الناس عنه وقد بذل جهده وأجاد التخطيط؟ فإنهم انصرفوا عنه بسبب هؤلاء الكبار الذين استأثروا بالزبائن. 

3-ومن أشد العواقب التي ستواجهها في المستقبل القريب «تحكم الأقوياء بالسوق وبأسعار البيع والشراء».

عابدة المؤيد العظم sardira@kaznova.com

الرابط المختصر :