العنوان دعائم النهضة ومعالم النصر بناء الأمم
الكاتب محمد معجوز
تاريخ النشر السبت 20-ديسمبر-2003
مشاهدات 21
نشر في العدد 1581
نشر في الصفحة 56
السبت 20-ديسمبر-2003
إن الأمة التي تحيط بها ظروف كظروفنا وتنهض لمهمة كمهمتنا، وتواجه واجبات كتلك التي نواجهها، لا ينفعها أن تتسلى بالمسكنات أو تتعلق بالآمال والأماني، وإنما عليها أن تعد نفسها لكفاح طويل عنيف وصراع قوي شديد بين الحق والباطل وبين النافع والضار، وبين صاحب الحق وغاصبه، وسالك الطريق وناكبه وبين المخلصين الغيورين والأدعياء المزيفين وليس للأمة عدة في هذه السبيل الموحشة إلا النفس المؤمنة والعزيمة القوية الصادقة، والسخاء بالتضحيات والإقدام عند الملمات، وبغير ذلك تغلب على أمرها ويكون الفشل حليف أبنائها.
والشباب المسلم الملتزم بإسلامه عدة المستقبل والدرع الواقية لأمتنا من كل عدوان
مادي أو معنوي، وهذه النوعية من الرجال هم لبنات البناء الصلبة المتينة التي يقوم بها بناء الوطن، وبأمثالهم تقوم الأسرة المثالية التي تمثل ركيزة في بناء المجتمع، لذلك كان أهم عنصر في البناء، لكي يكون سليمًا متينًا، بناء المواطن الصالح الذي هو ركيزة الانطلاق لمواجهة تخطيط أعداء الإسلام وما نشره في أوطاننا الإسلامية من ضياع وتدمير وضعف، وتبعية، وانتشار العلل، والأمراض. وتولد ما يشبه اليأس من النهوض والإصلاح والنجاة من التردي والحقيقة أن بناء الأمم أمر ليس يسيرًا إذا كان المطلوب قبل وضع أساس البناء إزالة الركام والمخلفات التي أدت إلى ضعف البناء وانهياره، ثم وضع الأساس العميق المتين الذي سيقوم عليه البناء الجديد، لذلك يقع على عاتق المسلمين المخلصين دور مهم في حمل الدعوة ونشرها حفاظًا على الصبغة والهوية الإسلامية للمجتمع المسلم وتأصيل جوانبها واستكمال أركانها عن طريق التربية والوعظ والإرشاد والعمل على استمرار الصحوة الإسلامية وتعميقها وتوسيعها وتفعيلها والوصول بها إلى القطاعات المؤثرة.
وهناك دور آخر يتلخص في العمل على امتلاك الأمة أسباب القوة في جميع المجالات
التي تمكنها من تحقيق رسالتها - كما قال الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ﴾ (الأنفال: 60) وذلك بتغيير كافة مؤسسات المجتمع وأفراده «رجالًا ونساء» وفق
رؤية شاملة، تسعى لحل مشكلات الحاضر وتعد للمستقبل، على هيئة برامج تفصيلية تعالج مشكلات الناس وهمومهم.
ويجب أن يتم ذلك العلاج بوضوح واقتناع بأنه لا بديل للحل الإسلامي وأنه الحل الحتمي لأنه من عند الله خالق البشر الخبير بما فيه خيرهم ومنفعتهم، ثم إنه ليس موضع تجربة جديدة، ولكن سبق تطبيقه وسعد به الناس أزمانًا طويلة قبل تعرض أقطارنا العربية والإسلامية لتجارب مريرة قاسية بسبب تطبيق نظم أرضية مستوردة من صنع البشر، الأمر الذي جر على شعوبنا قدرًا كبيرًا من الشقاء والمعاناة والضعف وتدهور الأحوال والتبعية للدول الغنية المتحكمة، إننا نأمل أن يسود الاقتناع بفشل النظم الوضعية وأحقية الحل الإسلامي بالحجة والدليل.
ولابد من التنبيه هنا إلى أنه لا يصلح لتحمل هذه الأعباء والقيام بهذه الأعمال إلا من رصدوا حياتهم لهذا الدين أولئك الذين يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون يتقنون عملهم رجاء القبول فلا يقصرون ولا يتباطؤون يبتغون وجه الله ولا يراؤون، لا يقوم بهذه الأعباء إلا من أعد نفسه، فأعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة والاختبار الدقيق، وامتحنوها بالعمل القوي الشاق وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها فإنه يسهل على كثيرين أن يتخيلوا ولكن ليس كل الخيال يدور بالبال يمكن تصويره باللسان وإن كثيرين يستطيعون أن يقولوا، ولكن قليلًا من هذا الكثير يثبت عند العمل، وكثيرًا من هذا القليل يستطيع العمل، ولكن قليلًا منهم يقدر على حمل أعباء الجهاد والعمل المضني، وقد أثبتت الأحداث والأيام أنه بقدر الاهتمام بالتربية تتحقق الأصالة للحركة الإسلامية واستمراريتها ونموها.
والأمر الطبيعي أن يسير العمل لتحقيق التمكين لدين الله في الأرض بإقامة الخلافة الإسلامية وفقًا لتخطيط دقيق - وألا يكون ارتجاليًا أو ردود أفعال - فيقسم الهدف الكبير إلى أهداف مرحلية وتوضع الخطة لكل منهـا والوسائل اللازمة ويتابع التنفيذ وهكذا، وذلك يلزمه دراسة الظروف المناخية ومعرفة الإمكانات المتاحة وتحديد المخلصين الذين يقومون بالتنفيذ والمدة المناسبة لإتمام التنفيذ، وافتراض الاحتمالات المتوقعة التي قد تؤثر فيه وكيفية مواجهتها إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه، والتطوير والتجديد أمر مطلوب يحث عليه الإسلام للترقي في أساليب العمل ووسائل الحياة: إن الله كتب الإحسان على كل شيء». وفتح له أبوابًا كثيرة.
الحكمة ضالة المؤمن أني وجدها فهو أحق بها ويلزم الدعاة أن يضعوا في الاعتبار أنهم يتعاملون مع قلوب ونفوس، وأن القلوب بيد الله، فقد يتيسر فتح مغاليق بعضها ويستعصي البعض الآخر، والتوفيق من الله، فقد يجري الله خيرًا كثيرًا على يد فرد صادق مع الله، وقد لا يتحقق مثله على أيدي أفراد عديدين فلابد من التغيير وإدراك ما تبقى من الوقت والعمل نحو جيل إسلامي فريد ووطن آمن يأمن
فيه الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا یخشی إلا الله والذئب على غنمه فالأمر جد خطير، ولن يجدي الكلام وحده؟