الثلاثاء 16-يونيو-1970
نداء الشعوب والحكومات من منظمة الطلبة العرب بأمريكا
وصلتني هذه الرسالة،
من منظمة الطلبة العرب في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، وصلت المجتمع هذه الكلمة بمناسبة ذكرى «15 آيار»..
في ذلك اليوم ختمت أصابع الصهيونية الفصل الأول في مأساة شعبنا في فلسطين بإعلان قيام دولة إسرائيل..
أُعلن فيه قيام إسرائيل على أشلاء شعبنا في حيفا ويافا ودير ياسين..
أُعلن قيام إسرائيل من خلال السلاح الروسي والتمويل والدعم الأمريكي. وهلَّل كل أعداء أمتنا وتسابقوا في اعترافهم بقيام إسرائيل. وأعلنوها صريحة أن إسرائيل وُجِدت لتبقى. وُجِدت ليـذل ويشرد ويفنى شعبنا.
قامت إسرائيل من خلال أسلحتنا الفاسدة وأنظمتنا الفاسدة. وكدّست جموع شعبنا في المخيمات، حبيسة، محرومة، مكبلة، ومصحوبة بحملات من الضجيج والتضليل والكيد.. وأعدّت الصهيونية العالمية مسرح الأحداث في أرضنا من جديد، بوجوه جديدة وشعارات جديدة، وأسلحة جديدة وواجهات جديدة..
وانطلقت أبواق الضجيج والكذب والتضليل من جديد تشد أمتنا نحو متاهات أحابيل الدول الكبرى والسياسة الخارجية وامتداداتها العقائدية. وامتد الطغيان والفساد والكذب والتلفيق والتبديد لكل مقومات وجودنا المادي والمعنوي.. كُبِّل شعبنا وسدت عليه كل المنافذ، وحِيل بينه وبين إدراك واقعه وإمكانيات كيانه ودوره وواجباته حيال وجوده المادي والحضاري.
هزمنا من خلال كل أسلحتنا الجديدة وأنظمتنا الجديدة وكل واجهاتنا وكلماتنا الجديدة..
ونفذت إسرائيل إلى بحرنا الأحمر وشعوب أفريقيا وأسواقها عبر كل خطوط الرجعية والتقدمية والثورية والشرقية والغربية، ورغم كل ملاييننا وثرواتنا وإمكانياتنا وواجهاتنا. وانطلقت كل قوى القهر والتحكم والطغيان والتبديد في أرضنا وخلف حدودنا تضلل أبصارنا وبصائرنا.. ادّعوا أن هزيمتنا كانت بسبب حداثة عهدنا وقلة خبرتنا في الأسلحة والثورات والشعارات..
وارتفع الستار عن فصل جديد تصدرنا فيه الكتل والمحافل وادعينا القدرة والخبرة والحول والطول. وامتدت يد التخريب على كل جبهات قوى أمتنا ووسائلها. وامتدت إسرائيل من القنطرة إلى القنيطرة وشرد مزيد من أبناء أمتنا وشعبنا وضاعت مساحات واسعة من أرضنا واحتلت قدسنا.. ولم تجد الأنظمة ما تضلل به أو تدّعيه. فلم يبقَ إلا أسلحة الأجنبي وأساطيله والسجون والقمع. لم يبق إلا مزيد من الطغيان والتآمر والكذب، مزيد من المعارض تعرض ذات السلع والشعارات..
ولم يعد مفر من أن تهب جماهير شعبنا قيادات تنبع من بينها لا من مؤامرات السفارات والأحزاب والكتل - تحمل السلاح وتعتمد على الشعب وإمكانيات الشعب وروح الشعب وحاجات الشعب، لم يبقَ مفر من تنظيم شعبي فدائي يمد يد الشعب وإمكانياته لتغير واقع الشعب وعلاقات الشعب..
تنظيم يمد يد الشعب وإمكانياته لتقضي على الصهيونية ودولة الصهيونية وعملاء الصهيونية، تنظیم فدائي لا تنظیم سیاسي. حل فدائي لا حل استسلامي. حركة من الشعب، وبيد الشعب ومن خلال عقيدة الشعب وواقع الشعب وتاريخ الشعب ورسالة الشعب.. حركة أحرار لا مماليك.. حركة أمة لا حركة قطيع..
إن منظمة الطلبة العرب تناشد كافة العناصر المخلصة من أبناء أمتنا ألا يسمحوا لأعدائها من الداخل ولا من الخارج أن تشل فكرهم وأن تبلد ضمائرهم وأن تستعبد رقابهم وتقضي على عناصر الإيمان والتضحية والرجولة فيهم وفي مجتمعاتهم.. إن منظمتكم تناشد كل الرجال من أبناء أمتنا أن يرفضوا كافة ألوان التبعية والطغيان.. أن يسندوا ثورة أمتهم الفدائية وأن يؤدوا دورهم في نضالها..
إن الحركة الفدائية هي وعي أمتنا لدرس مايو والدروس المُرة الغبية التي فرضها علينا الطغاة والعملاء ووسائلهم البوليسية والدعائية الدنيئة.. ولن ننسى الدرس..
أما حكومات شعبنا فإننا نطالبها بأن تكسر الأغلال التي تحيط بأعناق ذلك الشعب.. عليها أن تكشف له كل الحقيقة.. عليها أن تكف وسائل الإرهاب عن شبابه وكفاحه.. عليها أن تعتمد عليه وحده.. على وسائله.. على تطلعاته على منابع القوة والبذل في تراثه وعقائده، وتاريخه..
على حكوماتنا أن تدعم العمل الفدائي وقوى النضال الشعبي في أمتنا.. عليها أن تُسخّر كافة مواردنا لإمداد شعبنا بالخبز والسلاح، ومصانع الخبز والسلاح، ليكتب من خلال نضاله وعرقه وثيقة استقلاله ونظام مجتمعه ورسالة وجوده ودعائم حضارته الخالدة. على حكوماتنا أن تعين شعبنا أن يأخذ أمره في يده و لمصلحته وحده.. على حكوماتنا أن تجعل السلاح في كل يد قادرة على حمله للنضال، والمراد لكل ساعد قادرة على العمل والمشاركة والتضحية.. على حكوماتنا أن تفتح كل النوافذ وكل المجالات، ليتحرر أبناء شعبنا وليعملوا ويعملوا، وليحملوا في إيمان وفي شرف واعتداد أعباء نضالهم الخالد الطويل..
اللجنة التنفيذية
هشام بدران
رئيس المنظمة
شــبابنا وإلى أين؟
جاءني شاب يفيض وجهه بالحماس والتوثب. وقال دون تردد.. أريد أن أعيش في مجتمع مسلم.. أريد أن أرى الإسلام حركة في نفسي وفي بيتي وفي مجتمعي أريد أن أراه، أن ألمسه أن أحس به.. ومد الشاب يده وكأنه يريد أن يُعانق شيئًا محبوبًا لديه، وقال أين هو الإسلام.. أريده.. أحبه.. أرشدوني إليه..
ووقعت حائرًا ماذا أقول لهذا الشاب.. وكيف أقدم له ما يطلب.. فالإسلام ليـس مادة طعام أو شراب حتى أفرغها في جوفه فأشبع نهمه، ولیس کساء ورداء حتى أستر به عريه.. إنه ليس هذا ولا ذاك.. ولكنه روح الحياة، وقلب الحقيقة، وشبع النفس ونور الدنيا كلها.. ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (إبراهيم:1)، ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ (الأنفال: 24).
قلت للشاب.. إليك كتاب الله ستجد فيه جنة نفسك وإليك رسول الله ستنعم بأروع وأجمل صحبة فى حياتك...
قال الشاب من أجل هذا جئت أبحث عن الإسلام.. قرأت القرآن وقرأت الرسول في قوله وسيرته وقرأت أبا بكر وعمر.. فارتفعت بي نفسي إلى أعلى في الحياة شعرت بحركة القرآن في دمي، وبكلمات الرسول في أعماقي.. إنني أكاد أسمع جبريل وهو يلقن رسول الله كلمات القرآن الرائعة ﴿نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ﴾ (البقرة: 97)..
ثم أسمع همسات الرسول لأصحابه بكلمة ربه وهم يتحلقون حوله خافضة رءوسهم مستسلمة أنفسهم.. يمتصون الآيات فتسري في دمائهم ثم يندفعون بها إلى الحياة فإذا الآيات حركة ونشاط وخلق وجهاد ونزال..
ثم سكت الشاب وعاد يقول.. هذا هو إحساسی إذا عشت ساعة مع القرآن والرسول عليه الصلاة والسلام، لكني إذا عدت للحياة وجدتني في زوبعة رهيبة في إعصار عنيف.. في قلق واضطراب في خوف وذعر.. لقمة العيش تأكلني قبل أن أطعمها..
تأكل كل وقتي وجهدي وتستنزف دمي، البيت الشارع الوظيفة الصحافة الإذاعة . ضجيج الحياة الرهيب كل هذا يعمل على تمزيق نفسي وتشتتها فتخفت أنغام القرآن الحية.. وتتراجع كلمات الرسول.. ويهرب مني أحبابي عمر وأبو بكر.. وأجدني في قبضة شيطان الحياة الذي لا يرحم..
وسكت الشـاب ثم عاد يغمغم أريد أن أهرب من حياتنا وأهرب من شيطانها.. لأعيش حياة أصحابها لا تكاد تمس أقدامهم الأرض أما أنفسهم وأرواحهم ومشاعرهم فمعلقة بالسماء..
وسكت الشاب وسكنت نفسه قليلًا فابتهلتها فرصة لأدخل متلصصًا إلى قلبه.. وأهمس فيه بكلمات أفاض الله عليَّ بها..
إنني وأنت وملايين الشباب المسلم في زماننا نعاني هذا التمزق النفسي، والضياع، والخوف والقلق.. إن حياتنا تتخطفها أساليب عصرنا المخادعة.. إننا عبيد الآلة والوظيفة والمرأة والحكومة..
عبيد مسخرون «بتدبير وسبق إصرار» من أجهزة رأسها في التراب وأقدامها ترفس في اتجاه السماء..
أجهزة مسخرة ضد إنسانیتنا لصالح الحيوانية الجشعة الرابضة في أمعائنا وبين أرجلنا، أجهزة رهيبة تعمل بتدبير وإتقان وشيطانها نشيط يستفزها إذا سكتت أو تهاونت في حربنا.. هذه يا أخي الصورة المصغرة التي تعكسها مرآتنا.. حیوانات ترعی في وادٍ أخضر.. وراعيها يقف على رأسها يهشها بعصاه، والجزارون يسنون المدي لذبحنا.. وأكلة اللحوم يمدون أطباقهم في لهفة ليملأوها من أحشائنا...
قال الشاب في فزع.. صورة رهيبة.. قلت إنها أفظع مما أقول..
قال وما الحيلة قلت ننتزع إنسانيتنا بديننا ثم نرفض وصاية عصرنا علينا.. ثم نضرب المدي في صدور أعدائنا ثم نَفِر إلى الله في أرض الله..
نشعل الطريق بآيات القرآن.. ونمضي إلى قلاع الجهل فنزلزل أحجارها.. ثم نؤذن فوق ذلك.. ونقول الله أكبر.
قال الشاب: عظيم وجميل ولكن كيف يكون هذا، قلت لي معك حديث آخر..
برامج التلفزيون تحطم الأُسر!
التليفزيون وسيلة تدمير للأسرة
السيد رئيس التحرير:
نشرت جريدة الشهاب البيروتية مقالًا للأستاذ محمد علي ضناوي أقتطف منه ما يلي:
التلفزيون سرطان في الروح والمجتمع. والتلفزيون سرطان في الجسم والمال. التلفزيون مائدة الشيطان يعرض عليها أنواعًا من المفاسد والمجون وتحريفات في القيم والأفكار والعادات وذلك بمختلف الوسائل الفنية، أغنية، صورة، تمثيلية، حفلة، دعاية إلى آخره، وأكثر الناس وخاصة الأخلاقيين والمحافظين والإسلاميين يعرفون ذلك ويدركون أنهم بشرائهم للجهاز يمكنون للانحلال والتميع في عائلاتهم ويعوّدون الأهل عليهما ومع هذا فهم يبتاعونه وربما يستدينون أو يقطعون عن معداتهم لأجل الشيطان وجهازه التلفزيون وقال اقتله قبل أن يقتلك.
وثانيًا ولا ريب أن التلفزيون ببرامجه الحالية عمل ويعمل على تخدير أعصاب الآباء إن لم نقل إنه هاجمهم في عقر دارهم وانتزع منهم السلطة الأبوية وخاصة فيما يتعلق بالتوجيه.
فرب العائلة الأخلاقي أو المحافظ أو الإسلامي يتردد بادئ ذي بدء في شراء الجهاز، إلا أن ضغط الزوجة ومن ورائها ضغوط الأولاد يدفعه إلى الشراء شريطة التقيد بمواعيد محددة لاستعماله، موطّنًا نفسه عند ابتیاعه على استخدام نفوذه للحد من مفاسده وإغلاقه في اللحظات المناسبة والحاسمة، بيد أنه بعد وقوعه في الفخ وبعد جلوسه مع زوجته وأولاده تضعف إرادته ثم تتراخى ثم تتخمر ونراه وترى عائلته يتسابقون في النظر والاستماع وهم يتبعون الصور والحركات وينتقلون من برنامج إلى آخر وإذا سألته بعد حين عن توجيه الأولاد تأوّه وأطلق زفرات وتمتم لا حول ولا قوة.
لقد أطلق أحد الاخصائيين الاجتماعيين في ألمانيا منذ سنوات عبارة ألخص فيها مدى خطورة التلفزيون على النشء والمجتمع، وذلك بعد دراسة مباشرة أجراها في مدارس ومؤسسات مختلفة، فقال اقتله قبل أن يقتلك، ولكن عندما يشتد التخدير يغدو القتل البطيء لذة محببة للنفوس المخدرة..
إن الكثيرين والأكثر يتعامون عن أضرار التلفزيون ومفاسده وذلك لانتشاره بين مختلف العائلات والطبقات واستعباده لقلوبهم؛ فقد تعامى الناس عما فيه من الأضرار الاجتماعية والأخلاقية والدينية والصحية؛ فهم يتثاقلون عن استماع ما يقوله الطب عن تأثير الأشعة النووية بأجسام الأطفال، خاصة وإذا استمعوه تغافلوا عنها وربما لم يصدقوها، لأن التلفزة قد استعبدتهم واستحوذت على قلوبهم وفتنتهم ببرامجها الخليعة الضارة، كالتدخين يقول الطب والطبيب والناس بضرره ومع هذا فهم يدمنون على استعماله لا يستطيعون الانفكاك عنه وهم يصطرخون.
فالعلم يقول بعد التجارب العديدة إن أي كمية من الإشعاع مضرة بالجسم على درجات وذلك حسب نسبة التعرض والجلوس أمام التلفزيون، وأيّد كل من الدكتور هاسل والدكتور لامب أقوال الدكتور كروب الذي يُعاني آلام الاحتضار.
ولقد طالبت مجلة الاقتصاد التي نقلت هذه المعلومات والتي تصدر في بيروت في نهاية مقترحاتها أن على كل أب وكل أم أن يتناولوا مطرقة ضخمة ويحطموا بها كل ما لديهم من أجهزة تلفزيونية نشر ذلك في العدد ۲۳ كانون الأول عام ١٩٦٧م.
ولا شك أنها أكثر بلاء وشر داعية إلى كل رذيلة ومجون، داعية إلى كل فساد وخراب للعائلات، مشغلة للوقت مذهبة له بغير فائدة، بل وربما أدت إلى ترك واجب كالصلاة وقيام بطاعة.. هذا لو سلمت من الخلاعة والدعارة، كيف وقد يعرض على شاشتها مناظر مزرية وصور داعرة لنساء خليعات ورجال أراذل يتحدثون بكلمات عشق ووصال وصد وهجران مما يدعو إلى الفجور وارتكاب الجريمة بمشاهدة الخلق لكثير من الرجال والنساء فتجد الرجل عندما يرى هذه الصورة أمامه ويسمع ما يقع بينهما وبجانب الرجل والرجال امرأة أو نساء أجنبيات وهم ينظرون ويسمعون ما عرض على الشاشة من غرام وحب ومعانقة.. أليس هذا بأعظم دعوة إلى الفساد وارتكاب الفاحشة.. إنها لغفلة مخيفة لم يتبين أكثر الناس إلى ما وراء ذلك من الفسق والدعارة وفساد البيوت وخراب الأمة واختلاط الحابل بالنابل والله المستعان...
عبد الله بن عبد الرحمن السند
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل

