; يوميات المجتمع (47) | مجلة المجتمع

العنوان يوميات المجتمع (47)

الكاتب مجلة المجتمع

تاريخ النشر الثلاثاء 16-فبراير-1971

مشاهدات 44

نشر في العدد 47

نشر في الصفحة 10

الثلاثاء 16-فبراير-1971

ماذا سيقول عنا الماضي والحاضر؟

لو قُدّر لأحدنا أن يتصور نفسه وقد طوى من العمر قرنًا من الزمان، ثم يحاول أن يطل على عصرنا وأيامنا، ولتكن الصورة عكس ذلك وهو أن هذا الإنسان تراجع إلى مائة سنة إلى الوراء، أي في أواخر القرن الثامن عشر، ثم نظر إلى الطريق مارًا بصره إلى زماننا كما فعل «صاحب رواية عائشة أو هي هي التي يجب أن تطاع».
ماذا يقول هذا الغريب عن أيامنا؟
إنه لا يمكن أن يصدق واقعنا، لا يمكن، لا يمكن أن يتصور أن ۷۰۰ مليون مسلم ينتصر عليهم ١٥ مليون يهودي.
ولا يمكن أن يتصور أن مائة مليون عربي يكنسهم مليونان من اليهود، لا يمكن أن يتصور هذه الحقيقة لأنها تنافي العقل وتجافي المنطق وترفض الواقعية، ولا يمكن أن يتصور كذلك أن أربع عشرة دولة عربية تعجز عن الصمود أمام دولة عصابات لا يزيد عمرها عن عشرين سنة، ولا يمكن أن يتخيّل أن أرض العرب المتحددة على شمال أفریقيا والمالكة لكل شاطئ البحر الأبيض من طرابلس الشرق إلى مضيق طارق، والباسطة نفوذها على أرض الشام وصحراء الجزيرة يمكن أن تنحسر وتنكمش على نفسها أمام مستعمرات تنزلت على أرض لا تملكها،. ولا يمكن أن يعقل أن أمة تملك هذا التراث الضخم من التاريخ ترفع الراية البيضاء لعصابة شترن وزفاي وأرجون أن واقع الأمة العربية والأمة الإسلامية لا يمكن تصوره بمنطق العقل أبدًا، ولا يمكن قبوله بالمقاييس العادية للأمور وكذلك لا بد من البحث عن سبب لا ينتسب إلى المقاييس العادية للأمور.
 

حقيقة الأمة الإسلامية

إن الأمة الإسلامية ليست كيانًا سياسيًا؛ أي أنها لیست مجموعة من الدويلات أو الجمهوريات الموحدة في شكل سياسي، كذلك هي ليست نظامًا اجتماعيًا ينتسب إلى فكر اجتماعي كالصورة الماثلة في روسيا والصين، وليست تجمعًا اقتصاديًا تفرضه مصالح اقتصادية كفكرة أوروبا الكبرى التي تنادي بها نابليون وهتلر وأخيرًا ديجول، وأهم خطواتها الآن السوق الأوربية المشتركة، إذًا ما هي حقيقة الأمة الإسلامية؟ الأمة الإسلامية هي ثمرة من ثمار العقيدة الأصيلة التي اندفعت من مكة منذ أربعة عشر قرنًا وأخذت طريقها عبر الصحاري والبحار في مسيرة كبيرة واستطاعت خلال فترة قصيرة أن تبسط يدها على أكثر من ربع الكرة الأرضية، وكان تهافت الناس عليها كبيرًا ورائعًا، وإقبالهم عليها شديدًا واستطاعت العقيدة أن تنتقل من صدور الرجال إلى آفاق بعيدة في الأرض، وسمع صوت المؤذن في أحراش أفريقيا كما سمع على شواطئ البحار والمحيطات، وما ترك قارة باردة أو ساخنة إلا ولمسها بيده الطاهرة.
 واستطاعت هذه العقيدة الأصيلة أن تطرد كل عناصر السوء والشر من الديار التي تصل إليها، طردت كـل عباد الطبيعة وكل عباد الإنسان والمال وغرست تعاليمها العالية في النفوس.

هذه حقائق ما اختلف عليها أحد من الناس ولعل المؤرخ البريطاني «أرسكين تشايلدرز» أصاب التوفيق حين سجل هذه الحقيقة قال: «لقد امتد الزحف أكثر من ألف ميل من صخرة جبل طارق حتى شواطئ اللوار، ولو تكرر هذا الزحف مسافة أخرى مماثلة لحمل العرب إلى حدود بولندا وجبال إسكتلندا، ولوصل الأسطول العربي إلى مصب التيمز بحرًا كما يشاء دون أن يشتبك في أية معركة حربية ولربما كان من المحتمل أيضًا أن يدرس القرآن الآن في مدارس إکسفورد.

إن الزحف الظافر لم يكن فقط بالأسطول ولا بالجيوش الكبيرة، ولكنه كان مسيرًا بالفكر والعلم والتربية كان أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنـكر، وتعاونًا وإخاءً ونداء للسلام والأمن للناس كافة، ثم كان بعد ذلك دور الجيش ليحرس القيم والمبادئ والمثل هذه هي حقيقة الأمة الإسلامية التي ينبغي أن نعرفها إذًا لمَ كل هذه الهزيمة، ولمَ هذا الانسحاب تحت أقدام الأعداء، ولمَ كل هذه الرايات البيضاء المرفوعة باسم السلام الكاذب المضلل، لمَ كل هذا.

إن السبب في هذا كله يعود إلى عدم معرفتنا لأنفسنا وعدم إدراكنا لحقيقتنا، إننا في الواقع قدرة هائلة يمكنهـا أن تُحقّق الكثير إذا عادت إلى أصولها الحقيقية، وأنشأت نفسها على منهاج إسلامي سلیم.

إن الدين الإسلامي أحدث انفجارًا كبيرًا في العـالم، اهتزت له كل قلاع الـكفر والعصيان فتجمعت كلها تحترب معه، الصليبية والصهيونية والبوذية والجاهلية الجديدة المتمثلة في الأنظمة المتمردة على الإيمان بالله وكتبه ورسله.

هذا الدين إذا أخذنا أنفسنا به، وصنعنا مجتمعًا ولو محددًا على هديه، وأقمنا ولو دولة صغيرة على أُسسه المتينة لاستطاع أن يقهر كل القوى المعادية، ولتمكّن من قهر كل العناصر الدخيلة في أرضنا، بل إنه سيمضي قُدمًا باحثًا عن الأوكار وأماكن الشر ليضربها في عُقر دارها.

 إن ديننا هو الحـل لكل مشاكلنا الصغيرة والكبيرة، به يصلح أمر الطفل الصغير، وبه تصلح الأمة الكبيرة، وبه تتحرر أرضنا من الصهيونية والاستعمار والشيوعية. وبه نكون أعظم وأكرم أمة أُخرجت للناس. ﴿ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ.

 

الســــيجـارة تهدد حياة العالم

كل الناس في كل مكان مؤمنون بما للتدخين من أضرار جسيمة على صحة الإنسان ومع ذلك فكثير من الناس في كل مكان يدخنون وينفقون الأموال الطائلة على جلب الأمراض لقلوبهم ورئاتهم وأعصابهم فما العمل إذن؟!
 أمریكا حاولت محاربة التدخين والمشروبات الروحية فلم تفلح حملات التوعية في جميع وسائل الإعلام الحديثة في كل مكان تحث الناس على الامتناع عن التدخين وتبين للناس بشتى الوسائل التجريبية والعملية إلى حد يؤثر التدخين في صحة المدخنين، ولكن دون جدوى.

ما الحل إذن؟

ثمة ظاهرة غريبة يلاحظها الإنسان في هذا الأمر، ذلك أن نسبة المدخنين تقل جدًا في الشباب الذين يسلكون سبيل الالتزام بالإسلام عقيدة ومنهج حياة حتى لا تجد منهم مدخنًا إلا في أندر الأحوال، فما الذي يمنعهم من مجاراة غيرهم في الاعتياد على التدخين، لا شك أن الإسلام يلزم الإنسان بتنفيذ ما يعتقده خيرًا لنفسه ويقوي إرادة الفرد حتى يصبح قادرًا على السيطرة على نفسه وشهواته، فيسير وِفق ما يعتقد لا وفق ما يهوى وبذلك يمتنع عما يجده شرًا ويلتزم بما يجده خيرًا. فهل دعونا الناس إلى هذا لنتخلص من هذه العادة السيئة المتمكنة ونوفر على أنفسنا عناء إقناع من لا ينفذون ما به يقتنعون دفع إلى هذا الكلام ما نشر في جريدة الأخبار القاهرية وما سبق أن فعلته المملكة العربية السعودية من منع الإعلان عن التدخين، قالت الأخبار «أعدت وزارة الصحة القرار الخاص بمنع الإعلان عن السجائر بالصحف والإذاعة والتليفزيون والسينما» «ترسل الوزارة القرار إلى وزير الإعلام، كما علمت «الأخبار» أن القرار الخاص بحظر التدخين في الأماكن العامة يشمل دور السينما والمسارح والأتوبيسات والقطارات والترام ومختلف وسائل المواصلات» فهل تحذو الكويت حذو شقيقتيها فتمنع إعلانات التدخين وكذلك التدخين في الأماكن العامة؟! هذا بعض الحل ولكنه أفضل من التمادي في الباطل.

الرابط المختصر :