; الإمام القرضاوي والكويت.. عشق لا ينتهي | مجلة المجتمع

العنوان الإمام القرضاوي والكويت.. عشق لا ينتهي

الكاتب سعد النشوان

تاريخ النشر السبت 01-أكتوبر-2022

مشاهدات 10

نشر في العدد 2172

نشر في الصفحة 8

السبت 01-أكتوبر-2022

دائماً يقولون: لا تعرف مقدار شخص إلا بعد فقْده؛ إما برحيله إن كان يعيش معك، أو بوفاته ومغادرته الدنيا الفانية، والأمة الإسلامية فقدت عَلَماً من أعلامها الكبار، وعالماً من علمائها المصلحين الإمام المجدّد د. يوسف القرضاوي. 

وكان لفقيد الأمة عدة زيارات لدولة الكويت منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأثناء قدومه للكويت كان يحرص على إلقاء محاضرات في جمعية الإصلاح الاجتماعي وغيرها، وكانت تجمعه، رحمه الله تعالى، صداقات وعلاقات أخوية بكبار الأعلام الكويتية، من أمثال العم عبدالله العلي المطوع، يرحمه الله تعالى. 

وللإمام القرضاوي العديد من المبادرات والأفكار الشرعية والخيرية الرائدة، فهو مَنْ أطلق نداء "ادفع دولاراً تُنقذ مسلماً"، وكان الهدف جمع الأموال لإنقاذ المسلمين المنكوبين حول العالم، وكان ذلك في مؤتمر بالكويت، وتقدم بهذا المشروع إلى سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، رحمه الله، الذي تلقاه باهتمام بالغ، وأصدر مرسوماً أميرياً، بتاريخ 3 فبراير 1987م، بإنشاء الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومقرها الدائم في الكويت، وكان مقترح الإمام القرضاوي هو النظام الأساسي للهيئة، وأصبح الشيخ أحد أعضاء المؤسسة الخيرية العظيمة التي أصبح لها شأن في أوساط العمل الخيري ليس الإقليمي فقط وإنما على المستوى الدولي. 

وعندما تعرضت الكويت للغزو العراقي الغاشم، في عام 1990م، جاء الوفاء من أهله، وكان منهم الإمام القرضاوي، وخطب خطبة عصماء تحدث فيها عن ترويع المسلمين، وبيَّن أن الاعتداء على الكويت كان مبيتاً بليل، وقال: إن صدام حسين ضرب "إسرائيل" وأعداء الإسلام بالكلام بينما وجَّه البندقية إلى أهل الكويت! ووصف الغزو بـ"الجاهلية الأولى"، وذكر في خطبته العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدين من يعتدي على أخيه المسلم، وشرح الحديث الشريف: "من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي.."، وقال: هذا بمجرد الإشارة بالسلاح، فكيف إذا دخلت عليه واحتلت أرضه وغزته في عقر داره؟! فهذا أمر يرفضه الإسلام والشرائع الدولية والأخلاق وقيم العروبة وأعرافها حتى في الجاهلية، وقال:

قومِي هم قتلوا أُمَيمَ أخي *** فَإِذا رميتُ يُصِيبني سهمي

فلئن عَفَوْت لأعفون جَللا *** ولئن سطوتُ لأوهِنن عظمي

وسمى الإمام القرضاوي الغزو العراقي بالمصيبة والكارثة، وبيَّن أن المستفيد الوحيد من هذا الغزو هم اليهود وأعداء الإسلام. 

وعند وفاته، رحمه الله، ذهب وفد من الكويت للمشاركة في تشييع جثمانه، وقد نعاه الكويتيون معدِّدين مآثره، فقد قالت جمعية "الإصلاح": تنعى جمعية الإصلاح الاجتماعي إلى الأمة العربية والإسلامية وفاة العلاَّمة د. يوسف القرضاوي، يرحمه الله تعالى، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه جميل الصبر وحسن العزاء. 

‏وقال الشيخ د. عجيل النشمي: رحم الله الشيخ يوسف القرضاوي، شاعر الدعوة، والخطيب المفوّه، مؤصل فقه الوسطية، بلغ مرتبة الاجتهاد في فقه المعاملات والمقاصد والمآلات والأولويات والأقليات، ‏اللهم اجعل كتابه "فقه الزكاة" وسائر كتبه التي ناهزت المائتين، وما قدم لأمته، ثقيلاً في ميزانه، واجمعه مع النبيين والصديقين والشهداء. 

وقال د. محمد العوضي: ‏رحم الله الشيخ العالم والداعية الكبير يوسف القرضاوي، ‏مذ كنا طلبة كانت كتبه غذاءً فكرياً لنا، شارحاً لمفاهيم الإسلام الكبرى بلغة عصرية وأسلوب جميل وشواهد من نصوص الشرع والتراث والمعاصرة، نحسبه تجرع في سبيل الله مرارة السجن والتعذيب والتهجير، وظل ثابتـاً على حبه لأمته ودفاعه عن دينه. 

وقال د. طارق السويدان: لا يوجد أحد أتمنى أن ألقى الله تعالى بمثل عمله منه. 

وكتب الشيخ حامد العلي مرثية في العلامة القرضاوي، قال فيها:

قالوا قد مات الإمام وما دروا *** قد مات قطب في المجرة زاهر 

قولوا ليوسف بعد موتك أظلمت *** دنيا العلوم وغاص بحر زاخر

الرابط المختصر :